الأربعاء 2019/01/16

آخر تحديث: 00:21 (بيروت)

لقاء بكركي وغاية باسيل: الثلث المعطِّل.. لا المثالثة

الأربعاء 2019/01/16
لقاء بكركي وغاية باسيل: الثلث المعطِّل.. لا المثالثة
يريد باسيل من اجتماع بكركي انتزاع الإعتراف المسيحي، بأحقية تكتله في الحصول على الثلث المعطّل (الإنترنت)
increase حجم الخط decrease
يوم أطلق البطريرك الماروني، بشارة الراعي، موقفه الحادّ مطالباً بحماية اتفاق الطائف، وتطبيق الدستور وتحصين المناصفة، مقابل التصويب على السلاح غير الشرّعي.. تحرّكت الرمال لدى الموارنة. وثمّة من قرأ بأن هناك رياحاً تهبّ من بكركي، فلا بد من ملاقاتها أو اجتذابها. كلام الراعي قابله كلام مشابه من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون في قداس الميلاد. أعطى الرجلان انطباعاً بأن هناك انسجاماً مسيحياً، وما يمثّله هذا الإنسجام من معان عميقة في صفوف المسيحيين.


استعادة الصلاحيات
أيام قليلة على هذا التناغم، ويحطّ وزير الخارجية جبران باسيل في الصرح البطريركي للقاء الراعي. كلام باسيل من بكركي فيه معان كثيرة، وربما هي التي أسست لتحضير الصرح البطريركي للقاء الشخصيات المارونية. قال باسيل يومها: "هناك معادلات جديدة بعد قانون الانتخاب، لكن اللبنانيين لن يتقبّلوا أن تكون هذه لحظة تسجيل مكتسبات سياسية معينة أو تغيير في النظام. فهذا ليس توقيته ولا مناسبته". ورداً على سؤال عن رفض إعطاء الرئيس وتكتل "لبنان القوي" الثلث الضامن، قال باسيل: "حزب الله عبّر عن رأيه مباشرة على لسان السيد نصرالله، وكرر الأمر أكثر من مسؤول. والصيغ التي يوافق عليها الحزب، تؤكد ألا مشكلة لديه حول هذا الموضوع".

موقف باسيل واضح: التمسك بالثلث (المعطل) الذي يعتبره حقّاً، وإيصال رسالة إلى حزب الله أو الثنائي الشيعي بأن هذا الوقت غير مناسب لتغيير النظام أو الذهاب إلى المثالثة. مع العلم أن المنطق الذي يتوسله باسيل في مفاوضات تشكيل الحكومة، ينطوي على انقلاب على الدستور. وهو ينطلق من خلفية استعادة صلاحيات رئيس الجمهورية، بطريقة مواربة، من خلال الحصول على الثلث المعطّل، على نحو يصبح "تكتل لبنان القوي" هو القوة المقررة في جلسات مجلس الوزراء، وجداول الأعمال، والمقررات التي ستصدر، ويجبر رئيس الحكومة على الخضوع له ولشروطه. يستعيد باسيل صلاحيات من دون فتح باب تعديل الدستور، لأنه يعلم أن أي دخول في هذا المضمار، سيؤدي إلى فتح شهية القوى الأخرى على المطالبة بتعزيز المكتسبات، خصوصاً أن ما يجمع بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله استراتيجياً، على الصعيد اللبناني، هو مناهضة اتفاق الطائف. وقد يجد الطرف الشيعي الفرصة سانحة لإجراء تعديل في هذا الاتفاق، ما يمنح الشيعة "حقهم" في بنية النظام.

الشارع المسيحي 
لكن ما يريده رئيس الجمهورية وباسيل هو حصر المسألة في استعادة الصلاحيات لموقع رئاسة الجمهورية، عبر فرض أمر واقع سياسي. وهذه المرّة بالاستناد إلى مظلّة بكركي، في جمعها لمختلف القوى المارونية. وهنا سيحاول باسيل الاستفادة في مراكمة مكتسباته، وحشر القوى المخاصمة له. فسيظهر وكأنه يطالب بتعزيز موقع المسيحيين، واستعادة صلاحياتهم من أكثر الأماكن رمزية بالنسبة إليهم. فيما من يعارض طرحه هذا سيجد نفسه محرجاً في الشارع المسيحي. تحت مظلّة بكركي، سيعتبر باسيل أن التمسك بالطائف من قبل القوات وتيار المردة، ورفض طروحاته، ستكون أصعب من إطلاق المواقف خارج الصرح. أما بحال عارض القوات والمردة طروحات باسيل، فسيخرج التيار بحملة إعلامية وسياسية شرسة، تنعكس عليهما سلباً في الشارع المسيحي.

يريد باسيل من اجتماع بكركي انتزاع الإعتراف المسيحي، والماروني تحديداً، بأحقية التيار الوطني الحرّ في الحصول على الثلث المعطّل. وبعض الدوائر كانت تشهد حراكاً مكثفاً لأجل الخروج ببيان يوافق على تمسك رئيس الجمهورية بالثلث المعطّل، لما يوفّر حماية للمسيحيين، الأمر الذي يراه أفرقاء مسيحيون آخرون بأنه انقلاب على الثوابت والدستور والطائف.

الغطاء الكنسي
موقف الراعي حيال اتفاق الطائف وحماية الدستور، كان بفعل تأثير قوى سيادية معينة، ولم يخف المعنيون الدور البارز الذي لعبه النائب السابق فارس سعيد في التأثير على البطريرك لأجل إطلاق موقف لحماية الطائف. قرأ باسيل الإشارة فوراً، وأراد الاستثمار فيها وتحويلها لصالحه، وهو الذي تقدّم بفكرة جمع بكركي للموارنة وإعادة احتضانهم. الفكرة قامت على منطق خذ وطالب. يمنح باسيل بكركي مجدداً صفة احتضان الموارنة وجمعهم، بعد أن فشلت محاولات عديدة لجمعه مع سليمان فرنجية مثلاً، لكنه اختار التوقيت الذي يلائمه لتحقيق لبكركي ما تريده، من دون أن يكون وحيداً مع رئيس تيار المردة. وهذا بنظر بكركي أهم. إذ أنها استعادت دور جمع الموارنة، مقابل حصول باسيل على غطاء ودعم كنسي لتحركاته ومواقفه، على نحو يصبح ثلثه المعطّل مطلباً مسيحياً وكنسياً. وكان باسيل قد مهّد لفكرته هذه خلال زيارته الأخيرة إلى الفاتيكان، والتي بحث خلالها جملة ملفات، أبرزها إعادة تصحيح موقفه، وعلاقته مع الفاتيكان، على خلفية الفكرة التي أطلقها من موسكو حول التحالف المشرقي. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها