السبت 2018/09/22

آخر تحديث: 06:29 (بيروت)

معلومات جديدة عن صبرا وشاتيلا: هل خطط لها بشير؟

السبت 2018/09/22
معلومات جديدة عن صبرا وشاتيلا: هل خطط لها بشير؟
كان المسؤولون الإسرائيليون على وعي بنوايا بشير الجميل (Getty)
increase حجم الخط decrease

في العام 2012 نشر الباحث الأميركي في جامعة كولومبيا، سيث أنزيسكا، في صحيفة "نيويورك تايمز" معلومات ترجح تورط جهات أميركية في مجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت في لبنان في العام 1982، كان قد حصل عليها أثناء عمله في محفوظات دولة إسرائيل في القدس المحتلة، حين صادف مواد مصنفة بدرجة عالية السرية. وبعد 6 سنوات من نشر هذه المعلومات، يعود أنزيسكا لنشر مواد سرية في موقع The New York Review of Books من الملحق السري للتقرير الإسرائيلي الرسمي عن المجزرة، الذي نفذته لجنة كاهان. حصل أنزيسكا على هذه الوثائق من ويليام كواندت، الخبير الأميركي البارز في الشرق الأوسط، والذي عمل في مجلس الأمن القومي مسؤولاً للشؤون العربية- الإسرائيلية في عهد الرئيس جيمي كارتر.

تحت قيادة رئيس الوزراء مناحيم بيغن ووزير الدفاع أرييل شارون، شنت الحكومة الإسرائيلية غزواً في حزيران 1982 على لبنان بذريعة وقف إطلاق صواريخ فلسطينية على منطقة الجليل في شمال إسرائيل. فبعد معاهدة السلام في العام 1979 مع مصر، أصبح الزعماء الإسرائيليون أكثر قلقاً بشأن قوة منظمة التحرير الفلسطينية والروابط المتنامية بين الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة وعبر الشتات العربي. وكان التركيز الرئيسي لقلقهم على لبنان، حيث نقلت منظمة التحرير الفلسطينية مركز عملياتها من الأردن بعد مواجهة مسلحة مع جيش الملك الأردني الحسين بن طلال.

تجمع مقاتلو حزب الكتائب قبل وقوع المجزرة في مطار بيروت، الذي كان يعتبر نقطة انطلاق إسرائيلية رئيسية. ومن هناك، دخلوا عبر خطوط إسرائيلية إلى المخيمات، التي كانت تحيط بها القوات الإسرائيلية. تحت قيادة إيلي حبيقة، قام مقاتلو الكتائب، وفق الوثائق، باغتصاب وقتل وتشويه المئات من النساء والأطفال والمسنين، بينما أضاءت المصابيح الإسرائيلية أزقة المخيم الضيقة. في غضون ذلك، أطلع شارون زملاءه في الحكومة، في 16 أيلول 1982، على تحركات الكتائب، مشدداً، وفق محاضر مجلس الوزراء الإسرائيلي، على أن "النتائج ستتحدث عن نفسها".

تظهر المواد الجديدة نمطاً من التعاون والتخطيط المكثف بين القادة الإسرائيليين والكتائب في أهداف الحرب وأسليبها التي توفر إطاراً أكثر شمولية للحكم على المسألة الأخلاقية. فلم تقتصر خطط إسرائيل والكتائب على استهداف مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية، إذ تمت مناقشة موضوع اللاجئين للمرة الأولى في 31 تموز 1982، حين كان الحصار الإسرائيلي لبيروت لا يزال مستمراً، في نهاية اجتماع سري بين بشير الجميّل ورئيس الاستخبارات العسكرية اللبنانية جوني عبدو وآخرين، والمسؤولين الإسرائيليين. في مزرعة آرييل شارون في النقب في جنوب فلسطين المحتلة، أوضح شارون أنه سيصر على إبرام اتفاق سلام إسرائيلي مع الحكومة اللبنانية، يتعين عليه معالجة مسألة اللاجئين الفلسطينيين الذين تُركوا في بيروت. فأجابه الجميل: "سنهتم بكل شيء وسنخبركم قريباً".

ووفق الوثائق، سأل الجميل شارون عندما اجتمع به في بيروت إذا ما كانت إسرائيل تعارض نقل الجرافات إلى مخيمات اللاجئين في الجنوب، لإزالتها، كي لا يبقى اللاجئون في الجنوب. فرد عليه شارون بالقول إنه لا يرغب في التعامل مع الشؤون الداخلية للبنان. مع ذلك، فإن مقتطفات من ملحق كاهان تؤكد حقيقة أن عناصر الجيش الإسرائيلي ومؤسسات المخابرات الإسرائيلية كانوا يعرفون مسبقاً ما يعتزم الكتائب فعله ضد الفلسطينيين، والطرد القسري من خلال العنف المميت.

ووفقاً لشهادة الكولونيل إلكانا هارنوف، وهو ضابط استخبارات عسكري إسرائيلي كبير، كشف الكتائب أن "صبرا ستصبح حديقة حيوانات وشاتيلا مكاناً لركن السيارات في بيروت". وأكد الجميّل أنه من الممكن في هذا السياق أن يكونوا بحاجة إلى عدة دير ياسين، في إشارة إلى المذبحة بحق الفلسطينيين من قبل مقاتلي الإرغون الصهاينة خلال حرب 1948.

من غير الواضح، وفق الوثائق، إلى أين كان من المتوقع أن يُرّحل اللاجئون الفلسطينيون، إذا نجوا من هذا الهجوم. كان الأردن مقصداً محتملاً، وكان شارون قد أعرب عن أمله في رؤية انهيار المملكة الهاشمية وتحويلها إلى دولة فلسطينية نتيجة تدفق الفلسطينيين من لبنان، لأن هذا من شأنه، كما ظن، تخفيف الضغط على إسرائيل للانسحاب من الضفة الغربية. وقد أدلى، وفق الوثائق، والد أحد أعضاء ميليشيا الكتائب المتورطين في المذبحة بشهادته لموظف في لجنة كاهان، قال فيها إنه قبل دخول المخيمات، أخبر إيلي حبيقة المقاتلين بأن مهمتهم كانت تصفية الشباب الفلسطيني باعتبارها طريقة التحريض على هروب جماعي من المخيمات، وفقاً لرؤية الجميل لإنهاء الحرب في غرب بيروت.

كان المسؤولون الإسرائيليون، كما تشير الوثائق، على وعي واضح بنوايا الجميل، لكنهم لم يرغبوا في دفع ثمن أخلاقي لتحالفهم الاستراتيجي مع الموارنة واختاروا التهرب من المسؤولية. وهذا ما بدا جلياً عندما قال رئيس الموساد اسحق هوفي لكبير قضاة لجنة كاهان عن الرد الإسرائيلي على الجميل: "قلنا له إننا نشكره كثيراً، لكن ليس لدينا نية في حل المشكلة اللبنانية- الفلسطينية على حساب دولة إسرائيل".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها