الإثنين 2018/09/17

آخر تحديث: 12:59 (بيروت)

توقيف طفلة لاجئة في مستشفى.. بعد تعرضها لحادث سير

الإثنين 2018/09/17
توقيف طفلة لاجئة في مستشفى.. بعد تعرضها لحادث سير
منار تلميذة في مدرسة حيفا في منطقة الرحاب (Getty)
increase حجم الخط decrease
في 10 أيلول 2018، تعرض 6 أطفال لحادث سير، أثناء خروجهم من مدرسة حيفا في محلة الرحاب في الغبيري، ونُقلوا إلى مستشفيات المنطقة لتلقي العلاج. هذا خبر عادي في ظل تزايد حوادث السير. لكن، أن تُحتجز طفلة عمرها 15 عاماً، وهي واحدة من ضحايا الحادث، خلال تلقيها العلاج في مستشفى الساحل، بسبب عدم امتلاكها أوراق اقامة شرعية، فهو حدث يستدعي التوقف عنده. 


الطفلة منار أبو صيام، تعرضت جراء الحادث لإصابة في الرأس نتج عنها نزيف داخلي، وفق تقرير طبيبها المعالج أسامة علي فرحات. وعند وصولها إلى المستشفى، وبعد اجراء التحقيقات اللازمة، تبين أنها فلسطينية- سورية جاءت منذ 6 سنوات إلى لبنان بسبب الحرب، وتسكن مع عائلتها في مخيم شاتيلا. عدم قانونية أوراقها دفعت عناصر مخفر حارة حريك، الذين أجروا التحقيقات، إلى اصدار أمر بتوقيفها وهي في المستشفى بناءً على إشارة محامي عام بعبدا القاضي سامر ليشع. وفعلاً، تم تقييدها وتكبيل يديها وهي في سرير المستشفى. القصة لم تنتهِ هنا. فبعدما تماثلت منار إلى الشفاء، أخرجت من المستشفى، الجمعة في 14 أيلول، مقيدة إلى مخفر حارة حريك ومن ثم إلى نظارة مخفر الغبيري، وقد بقيت ليومين في النظارة، في انتظار تحويلها إلى الأمن العام اللبناني.

فجر الأحد في 16 أيلول، أفرج عن منار، جراء ضغط عدد من الحقوقيين ونشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي، وبجهود من المحامية فداء عبدالفتاح. وبعد محاولتها التواصل مع المدعي العام ليشع الذي أصدر أمر التوقيف لشرح تفاصيل الحالة الإنسانية، تواصلت عبدالفتاح مع مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون. وعندما عرفت بتفاصيل الاحتجاز، استغربت عون توقيف قاصر وتدخلت على الفور، وفق ما روت عبدالفتاح لـ"المدن". فالقاضية عون أعطت أمراً شفهياً بترك الفتاة وتسلميها إلى ذويها فوراً، على أن تحضر الثلاثاء في 18 أيلول إلى مقر الأمن العام لتسوية أوضاعها.

ووفق عبدالفتاح، فإن قرار عون هو اجتهاد اعتادت الاقدام عليه مع كل حالة تصل إليها تتعلق بأوراق ثبوتية وإقامة غير شرعية لقاصرين، لكن لا يمكن أن تُلزم به أي قاضي. وتشير إلى أن ما قام به عناصر المخفر هو تصرف خاطئ، "إذ كان بإمكانهم طلب حضور أهلها للتوقيع على تعهد بتسوية أوضاعهم لدى الأمن العام، من دون اقتياد الفتاة إلى النظارة، لاسيما أنها كانت في المستشفى". وتسأل عبدالفتاح عن دور القوى الأمنية في ما يخص التعامل مع الحالات الإنسانية أو ما يسمى بـ"الشرطة الاجتماعية، التي جرى تسويقها في وسائل الإعلام، من دون الالتزام بها في المخافر، لاسيما طريقة العاطي مع القاصرين، الذين لم يرتكبوا أي جرم أو جنحة".

"كيف لقاصر لا تملك أوراقاً ثبوتية أن تدخل السجن وهي مصابة بنزيف داخلي، وعن أي إنسانية نتحدث؟ وهل من المفترض أن تغيب الإنسانية عن عمل القوى الأمنية؟ ابنتي لم ترتكب جريمة أو تؤذي أحداً، أم لأنها فلسطينية تُعامل بهذه طريقة؟"، أسئلة عدة يرددها والد منار، صلاح أبو صيام، في حديثه إلى "المدن".

أما منار، فتروي أنها خلال مبيتها في المستشفى لم تكن تعي ما حصل معها بسبب فقدانها الوعي. "حين استيقظت من الغيبوبة أخبرني العنصر الأمني الذي كان يقف على الباب عن سبب تقييد يدي بسرير المستشفى، لكني لم أتخيل أنني سأنقل إلى السجن بعد خروجي". وتشير إلى أنها لم تلقَ معاملة سيئة من عناصر القوى الأمنية في النظارة، الذين طلبوا منها عدم التعاطي مع السجناء أو الحديث معهم. وتؤكد أن ما جرى معها سيدفعها إلى التخصص بالحقوق في سنواتها الجامعية، بعد ثلاث سنوات، من أجل الدفاع عن المظلومين.

ويوضح مصدر أمني، لـ"المدن"، أن التدبير المتخذ هو بأمر من النيابة العامة التمييزية، وعلى القوى الأمنية الالتزام بالتعليمات. وفي حال المخالفة يتعرض العناصر لعقوبة مسلكية.

وفي شأن تقييد الفتاة في المستشفى ومن ثم سوقها إلى النظارة، يشير المصدر إلى أنه إجراء مُلزم للقوى الأمنية، لضمان عدم هروب الموقوفة أو إقدامها على الانتحار. ولا يخفي المصدر أن أمر التوقيف الذي حصل يضع القوى الأمنية في الواجهة أمام الرأي العام، لكنها محرجة بسبب التعليمات التي تتلقاها من السلطات القضائية. ويؤكد أن قرار توقيف القاصرين ينظر به العديد من القضاة، فيما آخرون يأمرون بالتوقيف، تماماً كما حصل مع منار.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها