الإثنين 2018/08/27

آخر تحديث: 09:16 (بيروت)

مشروع قانون المعاملات الإلكترونيّة: هل تُفسد السياسة "lb."؟

الإثنين 2018/08/27
مشروع قانون المعاملات الإلكترونيّة: هل تُفسد السياسة "lb."؟
السجال بشأن صلاحيّة إدارة النطاقات ليس جديداً (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

بدأ منذ 12 سنة الإعداد لمشروع قانون المعاملات الإلكترونيّة، وأقرته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي منذ 6 سنوات. لكنّ مواد مشروع القانون لم تُقر في اللجان النيابيّة المشتركة إلّا في جلستها الأخيرة، باستثناء المادّة 79 التي تُعالج مسألة إدارة نطاقات الإنترنت اللبنانيّة (أي مواقع "lb." على الإنترنت)، التي من المفترض أن يتم البت بها في جلسة اللجان المشتركة المقبلة في 30 آب 2018.

تنظيم جميع أشكال المعاملات إلكترونيّاً
بعد إحالة مرسوم مشروع القانون من الحكومة، عملت لجنة فرعيّة في المجلس النيابي السابق على صياغة مشروع القانون، برئاسة النائب السابق سامر سعادة. يقول سعادة لـ"المدن" إنّ مشروع القانون الذي تعمل على إقراره اللجان النيابيّة اليوم هو نفسه الذي عملت اللجنة الفرعيّة على صياغته، لكن لم يتسنّ للمجلس النيابي السابق إقرار مشروع القانون في لجانه المشتركة، فتأجّل البت به.

بحسب سعادة، امتد العمل على مشروع القانون على مدى 3 سنوات، وشارك في إعداده كل أصحاب الاختصاص والمصلحة. واستلزم العمل عليه جهداً خاصاً كونه القانون الأوّل الذي يسمح بإجراء جميع أشكال المعاملات إلكترونيّاً، حيث كان من الضروري "إقرار تشريع يحدد إطاراً قانونياً عاماً للمستقبل، ليبقى ساري المفعول بمعزل عن أي تطوّرات تكنولوجيّة لاحقة".

سيسمح مشروع القانون عند إقراره بالقيام بجميع أشكال المعاملات إلكترونيّاً، من خلال التصديق على فكرة التوقيع الإلكتروني. فالقانون سينظّم مسألة توقيع العقود إلكترونيّاً، وإجراء كل أشكال التبادل التجاري والعمليّات الماليّة التي يقوم بها الأفراد على الإنترنت. كما يحتوي القانون على مواد مخصصة لحماية البيانات الشخصيّة للمواطنين عند القيام بهذا النوع من العمليّات، بالإضافة إلى بنود تضمن لهم الحق في محو بياناتهم الشخصيّة بعد فترة معيّنة من إجراء العمليّات الإلكترونيّة.

ويشير سعادة إلى أنّ معدّي مشروع القانون عملوا على مواد خاصّة تحمي المواطن من أنشطة Spamming على الإنترنت، كما تفرض غرامات معيّنة على الشركات التي تقوم بهذا النوع من الأنشطة بهدف الدعاية. وينص مشروع القانون بوضوح على حق المواطن بالاطلاع على المعلومات التي تقوم الشركات بحفظها عند إجرائه عمليّات معيّنة على الإنترنت، ويحدد الحالات التي يحق فيها للمواطن الاعتراض.

والأهم، أن مشروع القانون يحدد الحالات التي تنطوي على أعمال جرميّة في حالات القرصنة والاختراق الإلكتروني، كما فرض حقوقاً وواجبات معيّنة للشركات والأفراد المتهمين عند إجراء القوى الأمنيّة عمليّات دهم وتفتيش لمعدّات إلكترونيّة ذات طبيعة خاصّة. ووفق سعادة، أصرّت اللجنة المعدّة لمشروع القانون تضمينه هذه المواد، رغم اعتراض بعض الأجهزة الأمنيّة على طبيعة هذه المواد.

في المجمل، يمكن القول إنّ أهميّة هذه المواد لا تكمن في دفع السوق اللبنانية نحو المكننة. فالمصارف اللبنانيّة وكثير من الشركات تعتمد أساساً وسائط إلكترونيّة لإجراء جميع أشكال التبادلات التجاريّة، باستثناء توقيع العقود الأساسيّة. والدولة اعتمدت أعرافاً خاصّة للحكم في هذه القضايا. لكنّ الأهم اليوم هو أنّ هذا الشق من القانون سيحدّد طبيعة الحقوق والواجبات لجميع الأطراف التي تنخرط في معاملات إلكترونيّة في ما بينها.

المادّة 79: من ينظّم النطاقات اللبنانيّة؟
الجانب الإشكالي في القانون كان في المادّة 79، التي تتعلّق بتنظيم إدارة أسماء النطاقات اللبنانيّة، أي مواقع "lb." على الإنترنت. تاريخيّاً، لم تلجأ الدولة إلى إقرار قانون أو مرسوم خاص ينظّم هذه العمليّة. مع العلم أنّ "هيئة الانترنت للأرقام والأسماء المخصّصة ICANN" في الولايات المتحدة هي التي تمنح تقنيّاً الترخيص المطلوب للجهة المخوّلة بإدارة هذه النطاقات في كل بلد.

ولسد الفراغ، قام نبيل بو خالد من الجامعة الأميركيّة بالحصول على الترخيص من ICANN سنة 1993 لإدارة هذه النطاقات. وبعد مغادرته الجامعة لاحقاً، أسس المركز اللبناني للإنترنت لتنظيم عملية إدارة النطاقات من خلاله، لكنّ طلب الترخيص للمركز لم يبصر النور من وزارة الداخليّة اللبنانيّة. مع ذلك تابع بو خالد عمليّة إدارة النطاقات كون هذه العمليّة لا تستلزم سوى موافقة ICANN ولا تتأثّر بالإجراءات القانونيّة المحليّة.

اليوم، ثمّة سجال بشأن مستقبل إدارة هذه النطاقات، وهو ما أدّى إلى استثناء هذه المادّة من الإقرار في الجلسة الأخيرة للجان المشتركة، على أن يتم البت بها في الجلسة المقبلة. وبحسب الصيغة الموجودة حاليّاً، التي لم تقر، تملك وزارة الاتصالات صلاحيّة تحديد طريقة إدارة هذه النطاقات، مع إمكانيّة إدارتها بنفسها أو تلزيم إدارتها لجمعيّة أخرى.

وبحسب مصادر نيابيّة، يشهد مجلس النواب سجالاً من شقّين. الشق الأوّل يتعلّق بالجهة الرسميّة المخوّلة إدارة هذه النطاقات، بين من يعتبر أنّ المسألة من اختصاص وزارة الاقتصاد كونها مرتبطة بالعلامات الفارقة Brands، وبين من يعتبر أنّ إدارة هذه النطاقات هي من اختصاص وزارة الاتصالات، نظراً لارتباطها بالانترنت وجوانبه التقنيّة.

أمّا الجانب الآخر من المسألة فيرتبط بدور "المركز اللبناني للإنترنت" مستقبلاً، كونه يحوز الآن الترخيص المطلوب من ICANN في الولايات المتحدة لإدارة هذه النطاقات، وهو الترخيص المطلوب بمعزل عن أي قانون أو تشريع. وقد فتحت هذه المسألة نقاشاً واسعاً حول صلاحية القطاع الخاص ودور الدولة في تنظيم هذا القطاع. لكنّ المصادر النيابيّة نفسها تشير إلى صيغ يتم العمل عليها مع المركز نفسه قبل جلسة اللجان المشتركة المقبلة، للخروج بصيغ تعتمد فكرة الجمعيّة التي تتمثّل فيها الدولة والقطاع الخاص لإدارة النطاقات اللبنانيّة.

السجال بشأن صلاحيّة إدارة النطاقات ليس جديداً. فعدم منح الترخيص من وزارة الداخليّة للمركز اللبناني للإنترنت يعود أساساً إلى ملاحظات أبدتها وزارة الاتصالات سابقاً على الموضوع. لكنّ الجانب الإيجابي اليوم هو أنّ مشروع القانون سينتج صيغة نهائيّة لتُدار من خلالها مسألة النطاقات اللبنانيّة بدل الحلول المؤقّتة التي كانت متبعة. لكنّ السؤال الأهم هو عن الضمانات التي سيتم تقديمها لعدم خضوع مسألة منح نطاقات "lb." للاعتبارات السياسيّة في المستقبل، بعد إدخال الدولة في عمليّة إدارة هذه النطاقات، خصوصاً أنّ تعاطي الدولة الحالي مع مسألة الحريّات على الإنترنت يدعو للحذر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها