السبت 2018/08/25

آخر تحديث: 00:11 (بيروت)

حين يعرف نواب لماذا يغلقون أنوفهم قرب الليطاني والبردوني

السبت 2018/08/25
حين يعرف نواب لماذا يغلقون أنوفهم قرب الليطاني والبردوني
الكارثة البيئية لم تعد تحتمل التأجيل (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease

بموقف متضامن حول ضرورة "انقاذ" نهري الليطاني والبردوني من التلوث، خرج ستة من نواب قضاء زحلة السبعة، اثر جولة ميدانية على أجزاء من مجريي البردوني والليطاني، نظمها لهم المدير العام لمصلحة الأبحاث العلمية الزراعية ميشال افرام، بمشاركة أحد باحثي المصلحة الذي وثق للتلوث الدكتور ناجي كعدي.

كانت الجولة مناسبة ليتعرف بعضهم إلى حجم هذا التلوث، الذي كان العنوان المشترك في بياناتهم الانتخابية. فتسنى للنائب عن حزب الله أنور جمعة، على سبيل المثال، أن يعرف حقيقة الروائح التي ذكر أنه كان يتحاشاها سابقاً بإقفال نافذة سيارته عند مروره بمحاذاة مجاري الانهر، فيما عبر زملاؤه عن المفاجأة بحجم "الكارثة الوطنية" التي يرزح تحتها النهر، ووثقوا اكتشافاتهم بالصور التي حمّلوها في هواتفهم.

إلا أن الجولة الميدانية على الأنهر الملوثة بقاعاً، لم تستهدف مواقع غير مرئية، بل إن جميعها يقع على طرقات مؤدية إلى بيوت النواب أنفسهم، سواء أكان على مجرى الليطاني عند جسر تل عمارة الذي يجتازه جمعة لدى توجهه إلى بعلبك، أو عند مجرى البردوني قرب جسر المدينة الصناعية الذي لا يبعد سوى مسافة أمتار عن المفرق المؤدي إلى منزل النائب سيزار المعلوف، أو عند مجرى نهر الغزيل في دير زنون الذي يعرفه البقاعيون عند انتقالهم من عنجر وإليها، وما خلف الحدود اللبنانية. وكلها مواقع شكلت "فريسة" سهلة لكاميرات وسائل الإعلام لتوثيق تلوث الأنهر عبر عقود، وتوالت عليها التحقيقات والمؤتمرات، من دون أن تلوح في الأفق خطوات عملية في اتجاه المعالجة، باستثناء مشروع القانون الذي صدر عن مجلس النواب منذ أواخر العام 2016، ورصد له في موازنتي 2017 و2018 نحو 230 مليار ليرة، لم يصرف في تلزيمات للمشاريع حتى الآن.

خلال الجولة كانت هناك اشارة إلى ما خلفه النزوح السوري إلى لبنان من ضغط على مصادر المياه وزيادة في حجم التلوث. إلا أنه عبثاً جرت المحاولات لتحميل هذا النزوح مسؤولية كل التلوث، خصوصاً أنه مقرون بغياب شبكات الصرف الصحي ومحطات تكرير المياه الآسنة في البقاع، لاسيما في منطقة قضاء زحلة، حيث لفت النائب عاصم عراجي إلى ما استدعاه تشغيل محطة تكرير زحلة وحدها من تحركات شعبية واقفال للطرقات، حتى أديرت محركاتها بعد 16 سنة من انطلاق العمل في تجهيزها، وبعد ما خلفه غيابها من آثار صحية خطيرة على أهالي برالياس، الذين عانوا الامرّين من مياه الليطاني الملوثة الجارية في بلدتهم.

الزيارة تركت لدى النواب انطباعاً بأن ما شاهدوه ليس سوى تراكم لـ"فشل الدولة في ادارة هذا الملف"، كما أشار جمعة، متفقاً مع زملائه على كون حجم الكارثة، يستدعي تضافراً أكبر لجهود النواب. ويبدو أن باكورة ذلك ستكون في 3 أيلول 2018، في اجتماع يعقده 23 نائباً من البقاع، بدعوة من نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، من أجل الانطلاق بقوة ضغط نيابية لحل هذه المشكلة المزمنة. علماً أن مثل هذه الجهود تسجل أيضاً لنواب البقاع السابقين، الذين باشروا بالحماسة نفسها في بداية ولاية المجلس السابق، وخفت همتهم أمام تراجع مرتبة الليطاني وتلوثه في سلم أولويات أحزابهم التي تمسك بمفاتيح الضغط.

إلا أن حجم الكارثة، كما عرضها افرام وكعدي، في الأرقام التي جمعاها من تحليلات أجريت على نوعية المياه وكميتها، لم تعد تحتمل التأجيل، بل صار مطلوباً إعلان حالة الطوارئ المائية، كما قال كعدي، والتي من دونها سنصل إلى أزمة جفاف تشمل كل البقاع حتى سنة 2040، خصوصاً في ظل الدراسات التي أظهرت تراجعاً في كمية الأمطار المتساقطة خلال السنوات الثلاث الماضية.

وعرض افرام لتحاليل أجريت لمياه البردوني، الليطاني، الغزيل والقرعون أظهرت وجود نحو 140 ألف جرثومة في مياه البردوني، والتي يجب ألا يتجاوز عددها في مياه الأنهر مئتي جرثومة. كذلك في الليطاني، الذي ظهرت فيه مليار ومئتي مليون جرثومة، وفي الغزيل الذي ظهرت فيه مئة ألف جرثومة، وفي القرعون الذي ظهرت فيه نحو 14 ألف جرثومة. ما يترك، وفق افرام، آثاراً سلبية على المزروعات. إذ اظهرت عينات مأخوذة من النعنع والبقدونس المروية من هذه الأنهر أنها تحتوي على أنواع من المعادن الثقيلة، وعلى جراثيم أعلى من المعدل المسموح به.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها