السبت 2018/08/25

آخر تحديث: 00:12 (بيروت)

حزب الله: قطع الطريق على موسكو في لبنان

السبت 2018/08/25
حزب الله: قطع الطريق على موسكو في لبنان
يعمل حزب الله على لعب دور يرضي الجميع (المدن)
increase حجم الخط decrease

يعكس التخبط السياسي في لبنان حجم الارتباك الاقليمي والدولي في المنطقة. لبنان يقف بين تعاطي الروس مع العقوبات الأميركية على إيران، والشروط التي تفرضها واشنطن على موسكو، لتسليمها زمام الأمور في المنطقة. هذا الحراك، ينتج ضياعاً لبنانياً، على صعيد تحديد التحالفات، وحسم مسألة الحكومة وغيرها. ويتمظهر ذلك من خلال المواقف المتضاربة يومياً، سواء أكان في شأن التصعيد بوجه الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، أم بالتراجع والعودة إلى ثابتة التحالف معه والتعاون لإنجاز التشكيلة الحكومية.

جملة مواقف دولية تدخّلت على الساحة اللبنانية في الأيام الماضية، أفضت إلى التراجع عن التصعيد. وهذه المواقف أُبلغت إلى المسؤولين، ومفادها أن ليس من مصلحة أحد رفع السقف السياسي أو التلويح بكلام عن إسقاط تكليف الحريري. وفي هذا السياق تأتي زيارة مساعد وزير الدفاع الاميركي لشؤون الأمن الدولي روبرت ستوري كاريم إلى لبنان ولقاء المسؤولين، حاملاً ثلاثة تحذيرات: وجوب الالتزام بالعقوبات على إيران وحزب الله ولاسيما في ما يتعلّق بالقطاع المصرفي، ضرورة ضبط الحركة في المطار ومراقبتها، وعدم الذهاب إلى تصعيد سياسي كبير.

يبدو لبنان مقبلاً على مرحلة جديدة، في ظل الشروط الأميركية المطلوبة من موسكو، والعقوبات الأميركية على إيران. ستبدأ مرحلة جديدة من الفرز السياسي، داخل حلف الممانعة نفسه. من خلال خلق تباينات معينة قد لا تتطور إلى صراع أو صدام ما، ولكن سيكون هناك بوادر لاختلافات على حدود النفوذ الإيراني الروسي. يُتوقّع أن يظهر ذلك في مكان ما، خصوصاً أن الخطوات المقبلة التي تطرحها موسكو ستكون مشروطة بجملة عوامل، أساسها مدى قدرة موسكو على الذهاب بعيداً في سياق تهميش الدور الإيراني في سوريا. وهو ما لاح في أفق زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إلى روسيا.

فالشروط التي عرضها بولتون تعني أن واشنطن ليست مسلّمة إلى هذا الحدّ بإعادة تعويم النظام السوري، ولا بالدور الإيراني. هذا على الأقل بالنسبة إلى المؤسسات الأميركية والسياسة العامة والعلنية، بمعزل عن احتمال إقدام الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أي خطوة مفاجئة وغير محسوبة. فالوضع الداخلي لترامب ربما يضطره إلى الذهاب نحو تصعيد أكبر في المنطقة.

المكاسب في لبنان ستُقسم، للروس حصتهم، وللإيرانيين كذلك، وللنظام السوري حصة أخرى. لن يعود في الامكان التعاطي مع لبنان كورقة إيرانية، بل كورقة متنازع النفوذ عليها. وهذا قد يوفر مظلّة حماية للحريري، في ظل اللعبة الاقليمية والدولية، لأن رئيس الحكومة المكلف لم يعد أمام جبهة متماسكة، وبإمكانه التنسيق مع الروسي مع استمرار معارضته السياسة الإيرانية. وهذا يفيد الروس الذين لا يريدون الإقدام على خطوات لتعزيز السلّة الإيرانية في لبنان.

ستعمل موسكو على فتح شبكة علاقات واسعة في لبنان، خصوصاً مع شخصيات خارج محور الممانعة. وهي تستفيد من عدم تهميش كل من الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لمصلحة أي قوة أخرى. بخلاف الغاية الإيرانية أو السورية اللتين لهما مصلحة في تهميش هؤلاء. لذلك، يعمل حزب الله على مدّ اليد للجميع، ويقول أن لا سحب للتكليف ولا إسقاط للحكومة.

ويبدو حزب الله كأنه يحاول فتح مروحة أوسع من العلاقات. وهذه بدأت من معارضة الحزب حصول التيار الوطني الحر على الثلث المعطّل. ويفهم ذلك أيضاً في سياق الكلام الهادئ لجعجع تجاه الحزب، الذي لم يتخذ خياراً بعد، ويستعرض جملة الأوراق كونه غير مستعد لفتح جبهات داخلية. هو يعمل على مبدأ الصمت لتقديم إغراءات لكل الأطراف لإظهار أن الجميع سيكون قادراً على فتح خطوط التواصل مع الحزب، والاستفادة من العلاقة معه. يتعزز ذلك أيضاً في عدم تصعيد الحزب ضد جعجع. ما يوضح أن الحزب يريد استيعاب الأطراف الداخلية، بدون الدخول في نمط الإنقسام الذي كان موجوداً في مرحلة ما قبل التسوية الرئاسية. وفي ذلك حياكة على المدى الطويل على الطريقة الإيرانية بالقضم البطيء.

وبذلك يكون حزب الله عاملاً على قطع الطريق اللبنانية على موسكو. فهو لا يريد إتاحة المجال لدخول روسيا إلى لبنان تحت ذريعة وجود مشكلة سياسية وإنقسام داخلي. فهذا قد يفتح الباب لدخول موسكو في عملية ترتيب الأمور، ويمنحها مرجعية قد تزعج حزب الله وإيران في المرحلة المقبلة، إذ يجعل موسكو مرجعية بين مختلف التقاطعات السياسية، خصوصاً في ما يتعلّق بالحدود الجنوبية للبنان وبملف النفط والغاز في البحر. لذلك، يعمل حزب الله على لعب دور يرضي الجميع، لعدم السماح لأي قوة أخرى بالقيام بهذا العمل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها