الخميس 2018/08/02

آخر تحديث: 18:11 (بيروت)

المجتمع المدني عالق في تقييم الانتخابات

الخميس 2018/08/02
المجتمع المدني عالق في تقييم الانتخابات
لولا التحركات البسيطة لكان بالامكان القول إن المجتمع المدني في موت سريري (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
لم تشكّل الانتخابات النيابية، التي جرت في أيار 2018، محطة مفصلية لبلورة حالة اعتراض تعبّر عن المجتمع المدني اللبناني، بل كانت مناسبة للمجموعات المدنية والسياسية لخوض الانتخابات عبر عقد تحالفات انتخابية غير منسجمة. وهذا ما تدلّ عليها النقاشات الداخلية الجارية حالياً. فحتى الساعة ما زالت مجموعات خاضت الانتخابات تعمل على تقييم التجربة، وعلى وضع رؤية وبرامج سياسية، كان من المفترض أن  تكون جاهزة قبل الانتخابات لخوض المعركة على أساسها.

في حديثه إلى "المدن" أكّد أحد أبرز الذين شكلوا لائحة "كلنا بيروت" إبراهيم منيمنة أن المجموعة تعمل على تقييم الانتخابات وتحليل النتائج للاستفادة من التجربة، ولوضع أفكار للمرحلة المقبلة لبلورة الخطاب والهوية السياسية التي ستميّزها عن بقية المجموعات، وصولاً إلى تشكيل حالة اعتراض مدنية منسجمة. فوفق منيمنة لم يبلور المجتمع المدني هوية سياسية واضحة لخوض الانتخابات، بالتالي أتت التحالفات عشوائية. رغم ذلك كانت التجربة محطة ضرورية كي يكتشف المجمع المدني ذاته للاعتراف بضرورة وجود هوية سياسية واضحة تستطيع المجموعات من خلالها بلورة حالة وطنية جامعة.

ومثل منيمنة أعتبر أحد مؤسسي مجموعة "لبلدي" جيلبير ضومط أن المجموعة تعقد حلقات نقاش لتقييم التجربة من الانتخابات وقامت بتشكيل لجنتين لوضع استراتيجية سياسية وتنظيمية للعمل في المرحلة المقبلة، والتي ستطلق قريباً. وتعقد المجموعة لقاءات تنسيقية أسبوعية مع مجموعات في المناطق، من الجنوب وصولاً إلى طرابلس، للعمل على تنظيم حالات اعتراض في المناطق بغية إطلاق حالة سياسية منظمة تنضوي تحتها تلك المجموعات.

وعلى خطى توحيد المجموعات في حالة اعتراض جامعة، أكّد أحد مؤسسي مجموعة "لحقّي" ماهر ابو شقرا أن المجموعة تعمل حالياً على تنظيم الامور الداخلية ليصار لاحقاً إلى تأسيس حالة وطنية مع مجموعات في المناطق. فالمجموعة تعمل بشكل مباشر في منطقة الشوف وعاليه حيث تقوم بتنظيم ورش عمل على مستوى البلديات لتامين مشاركة المواطنين من "تحت لفوق". ورغم عملها "المحلي"، كانت المجموعة من الداعين للتحركات التي حصلت مؤخراً بشأن حقوق العاملات الاجنبيات وقضية النفايات ورفض المحارق وتحرك "لا للقمع" الذي جرى في وسط بيروت.

لقد كان تحالف "وطني" الذي ضمّ مجموعات مدنية عدّة من أبرز المشاركين في الانتخابات عبر لوائح انتخابية في معظم الدوائر الانتخابية. لكن، هذا التحالف الذي قام على عجل شهد في مرحلة ما بعد الانتخابات انكفاء بعض المجموعات. وتمكّن التحالف من الوصول إلى الندوة البرلمانية عبر ممثلته الوحيدة بولا يعقوبيان، لكنه ما زال يعمل على تقييم التجربة السابقة كما أكّد عضو المكتب السياسي فيه وديع الاسمر. فالتحالف بحاجة إلى هذه المرحلة التقييمية التي تقرر مسبقاً بأن تكون لنحو ستة أشهر، تحضيراً لإطلاق هيكليته الجديدة. لكن، هناك لجاناً متعددة تعمل على وضع أوراق بحثية لطرحها للنقاش. وفي موازاة النقاش الداخلي يتحرك التحالف على الأرض، حيث يشارك في التحركات المطلبية، وعبر المؤسسات بواسطة النائبة يعقوبيان. وهذا ما أكّده الناشط واصف الحركة، الذي كان من أبرز المرشحين على لائحة "كلنا وطني" في بعبدا، مضيفاً أن النقاش الداخلي يتمحور حول كيفية تأسيس جبهة معارضة على المستوى الوطني. لكن، "هل تأسيس هذه المعارضة سينقل التحالف ليصبح حالة حزبية منظمة، أم سيبقى كما هو حاليا كائتلاف مجموعات؟ وما هي وجهة نظر هذه المعارضة من مسألة مواجهة السلطة؟ وهل ستلعب على تناقضات قوى السلطة وتمحورها؟" إلى غيرها من الأسئلة التي تتعلق بالرؤية والاستراتيجية التي تدور في رأس الحركة وما زالت غير محسومة داخل التحالف.

لولا التحركات البسيطة التي جرت مؤخراً، والتي كان أبرزها وقفة "لا للقمع" في وسط بيروت، وبعض الوقفات الاحتجاجية في أزمة النفايات، لكان بالامكان القول إن المجتمع المدني في موت سريري منذ العام 2015 وتوقف الحراك الشعبي آنذاك. إذ ليس علينا، ربما، التسليم بـ"التعريفات" المجتزأة التي تختصر المجتمع المدني بالمنظمات غير حكومية أو NGOs، وليس في كونه الحيّز العام لالتقاء الناس خارج أحزاب السلطة ومؤسساتها، لتشكيل حالة اعتراض مدنية بمضامين سياسية. فلماذا لم يبرز حراك المجتمع المدني بعد الانتخابات، رغم استفحال الازمة السياسية؟ وهل ستفضي مرحلة "التقييم" إلى بروز حالة مدنية تستنهض المجتمع المدني أم ستبقى حالة المراوحة السابقة؟

يعتقد المدير التنفيذي للشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية زياد عبد الصمد أن مشاركة المجتمع المدني في الانتخابات كانت غير منظّمة وغير مهيّأ لها وعبارة عن "همروجة" الساعة. ولم تسبقها خطوات تمهيدية لوضع برامج سياسية وتأسيس حركات حاملة لها. بالتالي، كان من الطبيعي أن تنكفئ تلك المجموعات في مرحلة ما بعد الانتخابات.

من ينظر من الخارج سيبدو له عدم وجود أي نشاط للمجتمع المدني، لكن ثمة نقاشاً داخلياً تجريه المجموعات يعبّر عن ديناميات داخلية، ومن الصعب الحكم إلى أين ستصل به الأمور، وفق عبد الصمد. فبعض التجمّعات قادرة على المحافظة على الحد الادنى من الوجود، وقد تصل إلى مرحلة تأسيس حركة سياسية مدنية جامعة، لا سيما تلك التي أجرت قراءات نقدية معمقة للتخلص من رواسب المرحلة الماضية، مثل مجموعة لحقّي. أما في خصوص تحالف وطني فالمعلومات عنه قليلة، إذ يُسمع بين الحين والآخر بأنه يعمل على تقييم التجربة للتخلص من بعض المجموعات، وصولاً إلى وضع أطر سياسية انقى من تلك السابقة. لكن نجاح هذه المحاولة مستبعد جداً، وفق عبد الصمد.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها