السبت 2018/08/18

آخر تحديث: 08:03 (بيروت)

عقدة التطبيع مع النظام السوري: بري لا يترك الحريري

السبت 2018/08/18
عقدة التطبيع مع النظام السوري: بري لا يترك الحريري
يوجّه بري رسائل إلى الحريري بعدما سانده (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease

هل تغيّر موقف الرئيس نبيه بري على صعيد التحالفات السياسية؟ بعض الإشارات التي أطلقها في الأيام الماضية تفيد بأن الاصطفافات السياسية تعود إلى سابق عهدها، وإن لم يكن بعض الأفرقاء يريدون ذلك، سواء أكان بري أو الرئيس المكلّف سعد الحريري أو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. لكنّ الظروف السياسية حتّمت هذا الإنقسام. والضغوط الخارجية تفعل فعلها لتفعيله. ما إن ردّ الحريري على الضغوط التي يتعرّض لها حيال التطبيع مع النظام السوري، رافضاً ذلك بموقف متشدد، حتّى أتاه الردّ سريعاً من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

الرئيس بري الذي كان نصيراً للحريري في معركة تشكيل الحكومة وحماية الطائف، لجأ أيضاً إلى الردّ عليه في يومين متتاليين. في اليوم الأول، قال إن موقف الحريري خطأ ويجب تصحيحه. وفي اليوم التالي، قال: "لن نقبل باستمرار حرق الوقت وصرفه دون طائل وتأجيل بناء السلطة التنفيذية عبر تشكيل الحكومة". هذا الموقف وصفه البعض بأنه رسالة مباشرة أولى من بري إلى الحريري تتضمن تحميله مسؤولية تأخير التشكيل. وهذا يختلف عن موقفه الذي عارض فيه شروط الوزير جبران باسيل، وناصر الحريري وساند مطالب جنبلاط والقوات اللبنانية.

كل ما يجري يندرج في إطار دخول النظام السوري بقوة على خطّ التأليف. وتكشف مصادر متابعة أن الساعات الماضية شهدت حركة لافتة على طريق المصنع في اتجاه دمشق من قبل بعض السياسين، الذين التقوا مسؤولين في النظام السوري. والجو المعارض للنظام في لبنان يعتبر أن هذه الزيارات تأتي في سياق تلقّي التعليمات لتصعيد الموقف السياسي في لبنان، والضغط على الحريري أكثر، وإفهامه أن النظام لن يحتاج إلى موافقته لاستعادة علاقاته اللبنانية وتأثيراته في ملفات عديدة.

ويعتبر مطّلعون على آخر ما وصلت إليه مفاوضات تشكيل الحكومة، أن بري أصبح غير متشدد حيال الحصة الدرزية التي يطالب بها جنبلاط. وهو يفضّل تجنّب الحديث فيها أو الإضاءة عليها، من خلال نفي أن تكون العقدة الدرزية هي ما يعرقل التشكيل لافتاً إلى أن أسباب العرقلة أكبر من ذلك. وذلك بهدف عدم إزعاج صديقه اللدود، وبهدف عدم الخروج عن الشروط التي يضعها محور الممانعة حول عملية التشكيل. كما أن بري أصبح على تفاهم مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وهذا ما قد يكون فعّل مبدأ التحالف السياسي بينهم تحت رعاية حزب الله.

هذا النوع من الضغوط على الحريري سيزداد. في المقابل، سيبقى هو مراهناً على مواقف دولية تصعيدية بناء على استمرار التصعيد الأميركي تجاه إيران. بالإضافة إلى المعلومات التي تشير إلى إمكانية إصدار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قراراً اتهامياً جديداً الشهر المقبل. ما قد يزيد الأزمة السياسية والحكومية تعقيداً. في الوقت ذاته، فإن قنوات الحوار والاتصال لم تتوقف، حتى أن الحريري بعد موقفه الرافض التنسيق مع النظام السوري، تلقى نصائح عديدة تتلاقى مع موقف نصرالله حين علّق على كلامه بالقول: "لا تتخذ موقفاً مستعجلاً قد تضطر إلى تغييره لاحقاً". النصائح إلى الحريري جاءت في هذا السياق، على قاعدة أنه لا يمكن أن يكون هناك رئيس حكومة في لبنان يرفض التنسيق مع النظام السوري، لأن هذا يخالف التاريخ والجغرافيا والواقع السياسي، وحتى أن المواقف الدولية قد تتغيّر فيما بعد وقد تجبر الحريري على تليين موقفه من مقاطعة سوريا، أو أن الظروف قد تحكم عليه. وبناء على هذه النصائح تفيد بعض المصادر بأن الحريري توجه إلى نوابه ومسؤولي تياره بتجنّب إطلاق مواقف حيال مسألة التطبيع مع النظام السوري، على الرغم من معرفته بأن هذا النوع من السجال قد يزداد في الأيام المقبلة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها