الأحد 2018/08/12

آخر تحديث: 07:27 (بيروت)

هكذا يدخل حزب الله في النظام: الايجابية مع الجميع

الأحد 2018/08/12
هكذا يدخل حزب الله في النظام: الايجابية مع الجميع
لا يريد حزب الله أي تغيير في النظام (عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease

أسباب داخلية وخارجية، بالإضافة إلى الضغوط التي يتعرض لها حزب الله وحلفاؤه في المنطقة، هي ما يدفع الحزب إلى إبقاء لبنان متراساً أخيراً يحميه ويحتضنه في ظل الوضع المتطور في المنطقة. هي المرة الأبرز التي يريد الحزب حماية لبنان من أي تخريب قد يطاله خارجياً. فمثلاً، الضغط الأميركي على ايران، سيشمل حزب الله، بينما الحزب سيسعى إلى تعزيز نفسه وتحصينها لبنانياً سواء أكان من خلال تشكيل الحكومة أم ارساء الاستقرار، بما يريح بيئته وجمهوره.

بخلاف القراءات التي يخلص إليها البعض التي تقول إن الحزب قد يتجه إلى تصعيد أو إلى عرقلة تشكيل الحكومة، أو تعقيد الوضع الداخلي، تماشياً مع الضغط الذي يتعرض له وتتعرض له إيران مع إقرار حزمة عقوبات عليها. تشير مصادر متابعة إلى أن الحزب من أشد الحريصين على استمرار الاستقرار والاسراع في عملية تشكيل الحكومة. وهو يحاول تذليل كثير من العقد من طريق التشكيلة وولادتها. وهو الذي أسهم في ترتيب الوضع بين تياري الوطني الحر والمستقبل، ويسعى مراراً إلى إرساء جو من الهدوء بين مختلف القوى.

الحفاظ على الاستقرار هو هدف استراتيجي بالنسبة إلى الحزب، في مواجهة ما يتعرّض له، خصوصاً أنه يتلمس محاولات عديدة لمحاصرته، سواء أكان بالضغط على ايران أو بفرض عقوبات عليه. ولذلك يصرّ على تحصين الوضع الداخلي. وبدأ منذ فترة ما قبل الانتخابات النيابية التفكير جدياً في الدخول إلى صلب النظام والادارة اللبنانيين، مناصفة بينه وبين حركة أمل. وفي مقابل نظرة بعض معارضي الحزب الذين يصفون هذا الخيار بأنه سعي إلى التعويض عن خسائر مالية وإجتماعية تصيب الحزب بفعل الشح الذي يواجهه نتيجة العقوبات على ايران، ولذلك يلجأ إلى توفير البدائل من خلال ادخال مناصريه إلى الدولة والاقتتات من مؤسساتها، لا ينظر الحزب إلى الأمر من هذه الزاوية، بل يضعه في خانة تعزيز مفهوم المواطنية، بعد انخراطه في مواجهة مشاريع إقليمية ودولية هدفت إلى عزله. بالتالي، هو يريد التصلّب لبنانياً وداخل بنية النظام، للقول إنه واجه ما واجهه وبقي موجوداً، ووجوده يتعزز ويتطور.

صحيح أن الحزب يعتبر نفسه خاض معارك وجودية في لبنان والمنطقة، وخرج منتصراً، لكنه ينفي دوماً أن يكون ساعياً إلى الاستثمار بهذه الانجازات في الداخل اللبناني، ومن خلال إحداث تغييرات في بنية النظام، وكأنه يريد تكريس انتصاراته العسكرية والخارجية في السياسة الداخلية. وفي أكثر من جلسة، أكد مسؤولون في الحزب أنهم لن يطرحوا فكرة تغيير النظام أو تعديله. لا يريد حزب الله أي تغيير في النظام، لأنه يعلم باستحالة ذلك حالياً. لا الظروف تسمح بهذا الأمر، ولا أحد سيكون قادراً على إحداث هذا التغيير، إنما العمل في هذا المسار يجب أن يكون على القطعة. أي عبر عناوين متفرقة، كمكافحة الفساد حالياً. وهذه توجب تغييراً في آلية تعاطي مؤسسات الدولة مع المواطنين، أو التعاطي داخل بنية وآلية عمل هذه المؤسسات.

وتخلص هذه التقييمات إلى تشبيه "العمل على القطعة" في تحسين النظام، بالتقييم الذي جرى داخل الحزب لقانون الانتخاب. إذ يعتبر الحزب أن هذا القانون كان إنجازاً، على الرغم من الشوائب التي تعتريه، وهو خطوة متقدمة على طريق النسبية التي كان يسعى إلى تحقيقها على الرغم من فرض الصوت التفضيلي، ولكن هذا سيؤسس للتطوير مستقبلاً. بالتالي، فإن العمل على تحسين صورة النظام يجب أن تكون بشكل متفرّق.

وأهم ما يتمسك به حزب الله هو العلاقة مع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري والسنّة بشكل عام، خصوصاً في ظل ما حصل في المنطقة طوال السنوات السابقة. التمسك بالحريري ينجم عن فشل ترجمته مع السنّة الآخرين في الحكومة من جهة، وعدم استعداء الشارع السني من جهة أخرى، لأن ذلك سيرتد عليه سلباً على المدى البعيد. بالتالي، لا حاجة لحزب الله إلى الانقلاب على الحريري، بل هو يتمسك بالعلاقة مع مختلف الأطراف، بما في ذلك القوات اللبنانية التي يرفض عزلها أو محاصرتها.

عقبة واحدة وأساسية تعترض طريق هذه التوافقات المحلية، هي إصرار حزب الله المستمر على ضرورة إعادة العلاقات مع النظام السوري. هذا الأمر الذي يرفضه الحريري. لكن الحزب يعتبر أن عودة العلاقات ستصب لمصلحة لبنان. وهو لذلك يعمل على تطبيع هذه العلاقات، بشكل لا يحرج الحريري، لأن لا بديل من الحريري ولا أحد غيره سيكون قادراً على توفير هذا التوازن وهذه الشرعية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها