الخميس 2018/07/05

آخر تحديث: 00:08 (بيروت)

حركة غريبة في سجون البقاع ومحاكمه: نشاط وإنسانية

الخميس 2018/07/05
حركة غريبة في سجون البقاع ومحاكمه: نشاط وإنسانية
43 ألف قضية مؤجلة بين سنتي 2014 و2017 (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease

لم يفاجئ اكتظاظ سجن الرجال في زحلة المدعي العام الاستئنافي في البقاع القاضي منيف بركات، خلال جولة ميدانية له، الأربعاء في 4 تموز 2018. فالسجن المبني لاستيعاب 400 نزيل فقط، تخطى هذا الرقم منذ بداية تشغيله، حتى وصل عدد نزلائه حالياً إلى 770 سجيناً. نحو 60% منهم هم من الموقوفين السوريين بقضايا تهريب وطعن ودعارة وسرقة. إضافة إلى أقلية من السجناء المصنفين خطيرين، والمحكومين بالمؤبد. فيما الاكتظاظ، كما أكد بركات، يتخطى السجون إلى النيابات العامة التي زادت من أعبائها قضايا المواطنين السوريين لتنعكس تخمة بالموقوفين في النظارات والمفارز.

أخذ بركات على عاتقه، على أبواب العطلة القضائية التي تبدأ خلال أسبوع، التخفيف من وطأة هذا الملف. وبعد زيارة قام بها قبل عيد الفطر إلى سجني راشيا وجب جنين، انتقل إلى زحلة، وسجني الرجال والنساء فيها. فوثق فيهما 35 حالة، 2 فقط في سجن النساء، ضمها إلى 29 حالة أخرى لفتته في سجن جب جنين، من أجل وضعها على سكة المتابعة القضائية، بعدما تعرف إلى أسماء أصحابها، واستمع إلى قصصهم، ووثق حالاتهم، وتابعها للتأكد من صحة شكاوى أصحابها.

وكانت المفاجأة بالنسبة إلى بركات أن 18 حالة من الحالات التي استمع إليها تتعلق بسجناء محكومين بقضايا مخدرات، سلب، وسرقة سيارات، علقت ملفاتهم خارج البقاع، في الهيئات الاتهامية، التي تعاني من تراكم الملفات في مختلف المحاكم. وقد وعدهم بركات بمتابعتها في المحاكم المعنية لاصدار المطالعات اللازمة.

ليست القضية في تسريع المحاكمات بالنسبة إلى بركات، إنما في التأكيد أن "السجن لا يمكن أن يكون انتقاماً، بل عملية اصلاح للسجين ولتكون عقوبته عبرة لبقية المرتكبين". وهذا تحديداً كان دافعه عند زيارة سجن جب جنين، لاستكمال قيمة كفالة موقوف من جيبه ليتسنى له الخروج من السجن قبل عطلة عيد الفطر. فالموقوف المذكور كان يحول بينه وبين الحرية مبلغ مئتي الف ليرة، ليستكمل بها كفالة مليوني ليرة حكم بسدادها. وقد جاءت الزيارة الميدانية للمدعي العام لتسعفه.

ولكن، ما استوقف بركات أن بين السجناء عدداً غير قليل من الموقوفين المهمَلين، الذين ليس لديهم أهل أو حتى محامين يتابعون قضاياهم، وكثيرون صدرت احكام بحقهم ولكنهم لم يبلغوا بها في سجونهم، وآخرون اقتيدوا إلى المحاكم مرة، وغرقوا في النسيان لسنوات.

لفتت بادرة بركات مطران زحلة عصام درويش، فأبدى من خلال ايفاده الأب مارون غنطوس ممثلاً عن مرشدية السجون، استعداداً لسداد كفالات السجناء اللبنانيين، إذا تبين أنها الوحيدة التي تحول بينهم وبين الحرية. فيما لفت بركات إلى أن حالات الموقوفين السوريين تتابع من جانب مفوضية اللاجئين وجمعية عدل ورحمة.

إلا أن ليس الكل مظلوماً في السجن، بل بينت الوثائق والملفات القضائية التي عاد إليها بركات مباشرة بعد جولته الميدانية، عدم صحة البعض بالمظلومية التي ادعوها، كمثل من قال إنه موقوف منذ سنة بقضية تعاطي مخدرات، وأظهر تقفي حالته القضائية وجود مذكرات توقيف أخرى بحقه.

في المقابل، خرج بركات بانطباعات أفضل بشأن واقع سجن النساء الذي يضم 35 سجينة، ووعد بمتابعة حالتين منها فقط، إحداهما لموقوفة تنتظر استدعاءها إلى محكمة بعلبك بجرم تعاطي المخدرات واستخدام اسم مستعار.

هذه الزيارة إلى سجون البقاع، تواكبها منذ أشهر، ورشة قضائية في البقاع، بعدما تبين في ما يتعلق بالقضايا الجزائية التي تسقط مع مرور ثلاث سنوات، أن هناك 43 ألف قضية مؤجلة بين سنتي 2014 و2017. وبحسب بركات فقد تم النظر في 80% من هذه الملفات إلى جانب 1800 مطالعة. بموازاة الاطلاع الفوري على ملفات الورود التي بلغ عددها خلال 10 أشهر نحو 18 ألف قضية، جرى بتها فوراً في ظل محدودية كبيرة في الكادر القضائي، الذي لا يضم بقاعاً سوى 4 نواب عامين متفرغين، من أصل 10 نواب عامين مكلفين في محاكم البقاع.

هذه "الدينامية" القضائية في البقاع تترك انعكاسات سلبية على قضاة التحقيق الذين يغرقون حالياً في الملفات القديمة والحديثة، الذين أمل بركات انتظام عملهم مجدداً مع الانتهاء من الملفات المؤجلة والمتراكمة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها