الأحد 2018/07/29

آخر تحديث: 00:08 (بيروت)

معرض رشيد كرامي: تحفة معمارية عالمية تنهار

الأحد 2018/07/29
معرض رشيد كرامي: تحفة معمارية عالمية تنهار
ينتظر معرض طرابلس تعيين مجلس إدارة جديد
increase حجم الخط decrease
الوضع داخل معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس، والذي يُعتبر رئة المدينة، دخل مرحلة الخطر، في سابقةٍ تُعدّ بمثابة "الفضيحة"، بعدما أصبحت المباني في داخله مقبلة على كارثة حقيقية. فهذه المباني المهددة بالانهيار، والتي بلغت الحدود الأدنى للقدرة على التحمّل، تحمل قيمة تراثيةً وثقافيّة كبيرةً جداً، تُضاف إلى قيمتها التشغيلية والاقتصادية. إذ إنها "تُحف فنيّة" في الهواء الطلق لنحات وشاعر العمارة المهندس البرازيلي أوسكار نيماير (1907- 2012)، الذي أدرجت معظم تصاميمه على لائحة التراث العالمي.


فهل نصل قريباً إلى إعلان المعرض منطقة مقفلة غير آمنة للتجوال والزيارة، لتهديده بانهيارات قد تحصد أرواحاً؟

المباني الجريئة
تبلغ مساحة المعرض نحو مليون متر مربع ويضم 120 ألف متر من الحدائق، 33 ألف متر من البرك المائية، 20 ألف متر مخصصة لقاعات المعارض والمؤتمرات، ونحو 20 ألف متر كسقف يمكن استغلاله وضمه لقاعة المعارض. وهو ينقسم إلى 18 قسماً: المسرح المكشوف، المسرح التجريبي، صالة العرض المقفلة، الجناح اللبناني، صالة المؤتمرات، المطعم والتراس، المكاتب ومركز الأعمال، الفندق، متحف الفضاء، مكتب الإدارة، بيت الضيافة، قاعة المعارض، برج خزان المياه، متحف السكن، البيت النموذجي، مبنى الجمارك والدفاع المدني، مباني الخدمات للحمامات العامة، والكافيتيريا.

قضيّة الانهيارات في المعرض، أثارها أخيراً رئيس اتحاد حوض المتوسط للمعماريين UMAR المهندس وسيم ناغي. وفي حديث إلى "المدن"، يعتبر ناغي أنّ موضوع الانهيارات كان متوقعاً منذ العام 2014، حين بدأت مظاهره بالتشكل. فـ"المعرض المصمم سنة 1962، وبدأ تنفيذه سنة 1964، وانتهى العمل فيه في سنة 1975، مبني من الباطون المسلّح في طرقٍ متقدمة جداً، تعتبر من أهم ابداعات الهندسة الانشائية، وهي مبانٍ جريئة في تحميل الباطون أقصى حدوده، من دون أي غطاء أو طلاء أو تلبيس بأي نوع من الحجر".


ولأنّ الباطون المشكوف يعجّل في ظهور تأثير المناخ عليه، تتأثر منشآت المعرض بطبيعة موقعها عند الشاطئ. ما يجعلها عرضة للهواء المشبع بالأملاح والرطوبة، وهو العدو الأول للباطون المسلح. كما أنّ المعرض مرّ عليه 50 سنة من دون أي صيانة.

وبعد إنهيار جزء من سقف المسرح المكشوف في نهاية 2016، ثمّة انهيارات جديدة تهدد برج المطعم وخزان المياه، حيث المظلة الرائعة التي تعد تحفة نادرة من الإبداع في التصميم المستقبلي. في البدء، "بدأت التشققات والتلف وظاهرة ارتفاع نسبة الكربون في الباطون التي تؤدي لتفتته. إذ ينكشف حديد التسليح. ما يجعله عرضة للصدأ والانتفاخ وانتفاخ الحديد". "منشآت المعرض ينطبق عليها القول الانكليزي: عندما يتكلم المبنى يجب أن ننصت له". يضيف ناغي: "تكلمت المباني منذ عشرات السنوات وأظهرت على سطحها العديد من التشققات والانهيارات الجزئية والتلف الجزئي. ما أدى إلى حدوث انهيارات جزئية في نهاية 2016، فظهرت الجسور التي تحمل المسرح المكشوف، التي تبين أنها بحالة سيئة جداً بسبب التلف والصدأ".

أخيراً، ثمّة انهيارات بعناصر غير انشائية في الغطاء الكبير داخل الجزء المخصص للمعارض الدولية. لكن في القسم غير المؤهل، حيث جرى تأهيل نصفه في منتصف التسعينات. أمّا الجزء الثاني، فغير مؤهل ومتروك منذ بنائه من دون معالجة السقف لحمايتة من الامطار والرطوبة ولا حتى طلاء الباطون بمواد مقاومة للكربون.

مسؤوليات وتقاعس
في الواقع، يشكو المعرض من اهمالٍ فاضح وغياب للصيانة والإدارة القادرة على امساك زمام الأمور بسبب النقص الحاصل في مجلس إدارة المعرض، لجهة عدم تعيين مجلس إدارة جديد، منذ انتهاء ولايته قبل عامٍ ونصف. وحالياً، يقتصر الأمر على شخصين: رئيس المعرض أكرم عويضة ونائب رئيس المعرض رضوان المقدم. وهما يشكوان من قلة الامكانيات المالية، التي تجعلهما عاجزين عن استدراج العروض. وقانون المعرض، يجعله خاضعاً لوصايةٍ قاسيةٍ جداً ومباشرة من وزارتي الاقتصاد والمال، مع روتين إداري متعب، وأحياناً غير مجد. فهل هناك من يسعى لخراب المعرض وينتظر لحظة انهياره؟

يرفض عويضة في اتصالٍ مع "المدن" تحميل الإدارة المسؤولية كاملةً. ويعتبر أنّ ميزانية الإدارة، التي لا تتجاوز 2 مليار ليرة، لا تكفي لإنجاز مشروع التأهيل. "العائق الأكبر مادي"، يقول عويضة، "لكن نسعى لإيجاد حلول مع الدولة من أجل القيام بالاصلاحات اللازمة".

وتفيد معلومات لـ"المدن"، بأنّ إدارة المعرض طلبت من وزارة الاقتصاد رصد مبلغ 250 مليون ليرة لبنانية من أجل القيام بالإصلاحات الداخلية اللازمة، لكنها رفضت ذلك بحجة "تخفيض النفقات". ووفق عويضة، هناك دراسة شاملة تثبت أن كلفة الاصلاحات داخل المعرض تبلغ بين 10 و30 مليون دولار أميركي.

وإذا كان تعيين مجلس إدارة جديد لا يزال معطلاً، الذي من المفترض أن يضم 7 أعضاء وفقاً للتوازن الطائفي، هناك جوّ عام في المدينة، يحكي عن قرارٍ مسبق في إفشال المعرض الذي يعتبر مساحة متعددة الوظائف، باعتبار أنه لا يمكن جعل طرابلس مركزاً أساسياً في الاقتصاد اللبناني.

اقتراح قانون
أعلن عضو كتلة الوسط المستقل النائب نقولا نحاس أن الكتلة ستتقدم باقتراح قانون لتطوير معرض رشيد كرامي الدولي ووضعه على خريطة الاستثمار وإعادة صياغة الإطار القانوني الذي يتحكم بعمل المؤسسة من أجل اعطائها القدرة اللازمة لتحقيق الأهداف المرجوة، مع تأكيد ضرورة منحها الاستقلالية اللازمة لنجاحها وفق معايير الادارة الحديثة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها