الثلاثاء 2018/07/24

آخر تحديث: 00:27 (بيروت)

هكذا يعد حزب الله ملفات اللاجئين

الثلاثاء 2018/07/24
هكذا يعد حزب الله ملفات اللاجئين
"سوريا تريد استعادة مواطنيها" (Getty)
increase حجم الخط decrease

عندما يُسأل النائب السابق نوار الساحلي عن طبيعة ملف عودة النازحين الذي كلّفه به حزب الله، يبادر إلى القول إنه "عمل دولة، غابت للأسف عن معالجة موضوع النازحين على المستوى الرسمي، فأخذه الحزب على عاتقه، بالتنسيق مع الأمن العام اللبناني".

لا حرج لدى حزب الله في التواصل المباشر مع السلطات السورية في هذا الملف. وهو ما يرى الساحلي، في تصريح لـ"المدن"، أنه كان يجب أن يحصل على المستوى الرسمي لولا الانقسامات السياسية. من هنا، فخلافاً لكل عمليات العودة التي تمت بمعية لجان المصالحة بين البلدين، فإن اتصالات حزب الله المباشرة مع السلطات السورية الرسمية هي لمعالجة الملفات التي تعرقل عودة النازحين.

"ينفض حزب الله عنه، بمجرد تسلم هذا الملف تهمة، سعيه إلى تقسيم سوريا ديمغرافياً عبر تهجير الناس من قراها"، كما يقول لـ"المدن" حسين جانبين، مسؤول حزب الله للعلاقات العامة في البقاع الاوسط، حيث يوجد واحد من أكبر تجمعات المعارضة السورية النازحة.

حتى الآن لا مركز مشابهاً للحزب في البقاع الاوسط، إلا أنه بحسب جانبين هناك مكتب سيفتح في الأسبوع المقبل في شتورا، لينضم إلى مكاتب بعلبك والهرمل وبدنايل في البقاع، و6 مكاتب أخرى في مختلف الاراضي اللبنانية. وذلك، كما يشدد جانبين، من أجل تأمين "العودة الطوعية الآمنة" للنازحين، لكل المناطق التي يسيطر عليها النظام، والتي يمكن أن تكون فيها بيوت النازحين نجت من الدمار، أو حتى التي لم تنج، شرط أن يكون لديهم أقارب لمساعدتهم في بلدهم.

تُعد في كل مركز من هذه المراكز استمارات خاصة، لكل عائلة تبدأ من شخصين، وتدرس ملفاتهم بشكل مباشر مع تحديد أسباب الهجرة، والعوائق التي تحول دون عودتهم. يؤكد الساحلي أن "معظم الوافدين إلى هذه المراكز لديهم مشاكل مع النظام أو مع الدولة اللبنانية. وإلا لما احتاجوا إلى وساطة أحد كي يعودوا. وهنا دور الحزب كوسيط مع السلطات اللبنانية والسلطات السورية، من أجل حل المشاكل وتسهيل العودة".

لا ينفي الساحلي أن تسلم حزب الله الملف، سيبعد تلقائياً "الناس المعارضة للنظام"، لكنه يؤكد مع ذلك أن كثيرين ممن تورطوا بمشاكل مع النظام يطلبون وساطة حزب الله لحلها، من أجل تأمين عودتهم "الآمنة". والحزب يتدخل، بشرط أن يكون المعني غير متورط مع داعش أو النصرة.

أما المقصود بالعودة الآمنة، فيشرح جانبين أنها "تشمل اسقاط الملاحقات بحق العائدين، وضمان عدم اعتقالهم. أي أننا نقوم بدور المحامين الذين يسقطون الملاحقات، ونعالج الملفات بأقل كلفة. فنحن أخذنا موضوع العودة على مسؤوليتنا، وبالتالي حريصون على أن لا يعتقل أحد ممن تكتمل اجراءات عودتهم، لأننا نسعى لاسقاط أسباب الاعتقال مسبقاً، حرصاً على أن لا نعرض أي نازح لخطر".

مهمة الساحلي ليست سهلة في المقابل. وهي تتطلب وفقاً لما شرحه جانبين جهداً كبيراً يبذل سواء أكان مع السلطات السورية أو حتى اللبنانية. فعلى الصعيد اللبناني، معظم من ملأوا الاستمارات لديهم مشاكل بتسوية أوضاعهم في لبنان، بعدما "كسروا" مدة الاقامة الشرعية فيه، أو دخلوا خلسة عبر الحدود غير الشرعية. وهذا ما يتم التعاطي به مباشرة مع الأمن العام اللبناني، الذي يدرس كل حالة بشكل منفرد، ويبحث عن مخارج قانونية لامكانية الاعفاء من غرامات التأخير، اسوة بقوافل العائدين السابقين إلى الاراضي السورية.

إلا أن القلق الأكبر بالنسبة إلى الراغبين في العودة، هو أن بعضهم، ممن يحتاجون إلى تسوية اوضاعهم، انشأوا مصالح اقتصادية في لبنان، وهم خائفون من أنهم إذا غادروا إلى سوريا سيطبق عليهم قرار منع الدخول مجدداً إلى لبنان. وهو اجراء يعتمده الامن العام حالياً بالنسبة إلى النازحين العائدين طوعاً.

أما على مستوى السلطات السورية، فإلى وجود نازحين تهدمت بيوتهم في قراهم، وآخرين بحقهم تقارير أمنية حول مشاركتهم في أعمال ضد النظام السوري خلال الأحداث، فإن النقاش الأكبر الذي يديره حزب الله مع النظام حالياً، يتعلق بالمطلوبين للتجنيد الالزامي أو الاحتياط. وهنا يقسم الملف إلى قسمين: قسم يتعلق بالشباب العازبين، وهؤلاء لا مشكلة لديهم باستدعائهم، إنما ما يطلبونه مهلة سماح تبدي السلطات السورية استعداداً لمنحها، كما يؤكد جانبين. وقسم آخر من المتزوجين، ولديهم قلق على الاوضاع المعيشية لعائلاتهم إذا تقدموا للخدمة مجدداً، وهذه مسألة لا تزال في طور البحث والنقاش.

يرجح الساحلي، في المقابل، أن تبت السلطات اللبنانية والسورية في الملفات التي أحيلت إليها خلال أربعة أسابيع من ملء الاستمارات. بالتالي، لا يتوقع أن تنطلق أول قافلة للعائدين برعاية حزب الله قبل ذلك. إلا أن القافلة الأولى ستكون، وفق جانبين، الاختبار الأول لنازحين آخرين راغبين في العودة، لكنهم لا يزالون قلقين على مصيرهم في سوريا. وهؤلاء سيتحمسون عندما يطمئنون إلى عدم التعرض لأي عائد.

فسوريا، كما يؤكد الساحلي، "تريد استعادة مواطنيها. كما أن النازحين مصيرهم العودة إلى بلدهم بعد استقرار أوضاعها في ظل النظام السوري. من هنا، دعوتنا الدولة إلى تسلم هذا الملف، لأننا لا نريد أن نكون بديلاً منها، بل على العكس. فإذا أخذت على عاتقها هذا الموضوع سنتعاون إلى أبعد الحدود".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها