الإثنين 2018/07/23

آخر تحديث: 00:07 (بيروت)

حزب الله وباسيل: شيك على بياض

الإثنين 2018/07/23
حزب الله وباسيل: شيك على بياض
راهن كثيرون على إمكانية الفصل بين باسيل وحزب الله (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

في خضمّ ما يجري من خلافات سياسية، يتقدّم على مختلف جبهاتها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ثمة سؤال يطرح بقوة في مختلف الأوساط، عن دور حزب الله وموقفه مما يفعله حليفه الاستراتيجي. ينظر البعض إلى أن باسيل تحوّل إلى عصا حزب الله الغليظة، في تأديب كل خصوم الحزب ومواجهتهم وتحجيمهم وإيصال الرسائل التي يجب أن تصل لهم. هي أقصى درجات التقاء المصالح بين باسيل والحزب، بمعزل عما يمكن أن تؤدي إلى نتائج للطرفين معاً. السؤال البديهي الذي يطرح: "هل يعقل أن يصعّد باسيل إلى هذا الحدّ، ويتخذ هذا الكم من المواقف الهجومية بدون موافقة حزب الله أو على الأقل بدون غض نظر من قبل الحزب؟". الجميع يستبعد عدم حصول التقاء مصالح الطرفين.

يوم هاجم باسيل الرئيس نبيه بري قبل الانتخابات النيابية، كانت الغاية انتخابية هادفة إلى شد العصب. اتخذ الحزب موقفاً محايداً، رغم محاولته رأب الصدع، لكن في النهاية بقي باسيل على موقفه ولم يعتذر، وذهب الحزب إلى دعمه في الانتخابات النيابية حيث استطاع، وفي المناطق التي لم يتحالفا فيها. كان ذلك يصب في مصلحة باسيل استناداً إلى الخطاب الذي ارتكز عليه في قيادة معركته الانتخابية، والتحالف بينهما حينها كان سيرتد عليه سلباً لا إيجاباً.

وعندما أطلق باسيل موقفه الشهير تجاه إسرائيل قائلاً أن لا خلاف وجودياً أو عقائدياً معها، لم يخرج حزب الله بمواقف منددة، ولو صدر هذا الموقف عن أحد خصوم الحزب لكان أحيل إلى محاكم التفتيش السياسية ووضع على لوائح العمالة والتطبيع. لربما كان باسيل حينها يمرر موقفاً سياسياً موجهاً إلى المجتمع الدولي في إطار حساباته السياسية بعيدة المدى، أو ربما كانت الغاية أبعد من ذلك بكثير وتمهّد لما سيحصل في الجنوب السوري، من تفاهمات دولية وإقليمية بشأن حماية أمن إسرائيل عبر إعادة العمل باتفاقية العام 1974.

راهن كثيرون في تلك الفترة على إمكانية الفصل بين باسيل وحزب الله. وراهنوا على الخلاف بين رئيس الجمهورية ميشال عون وحليفه الاستراتيجي، على قاعدة إخراج عون وباسيل من حزب الله، مثلما كان ثمة نظرة حيال سحب بشار الأسد من تحت الجناح الإيراني. لكن ذلك كله لا يعدو كونه رهانات سياسية هزيلة، لا أفق لها.

قبيل الانتخابات النيابية، قال باسيل لقادة الحزب إنه سيعود إلى قواعده سالماً بعد الانتخابات، فيما الحاجة الانتخابية تقتضي إطلاقه مواقف متعددة قد لا تعجب الحزب. وبالفعل، بعد الانتخابات عاد باسيل إلى قواعده سالماً. عقد لقاءً مطولاً مع الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله جرى خلاله التفاهم على جملة الأمور للمرحلة المقبلة، خصوصاً على مفاوضات تشكيل الحكومة، والوجهة السياسية لها، استناداً إلى تحقيق أكثرية نيابية أكثر من ساحقة في المجلس النيابي. وهذا ما تطابق كلياً مع كلام نصرالله الذي خصصه قبل فترة للحديث عن تشكيل الحكومة وما يعرقله، متبنياً في ذلك كلام باسيل الحرفي.

إذا أراد حزب الله الدفع في اتجاه تشكيل الحكومة، يتمتع بقدرة إقناع لجميع حلفائه أو خصومه بالذهاب إلى عملية التشكيل على قاعدة تقديم تنازلات. لكن، بما أن الحسابات الإقليمية بالنسبة إلى الحزب أهم من التفاصيل الداخلية، لا يزال يترك الوضع على ما هو عليه بدون أي تدخل فعلي وجدّي، يجد من خلاله باسيل فرصة لفرض شروطه وتثبيت نفسه، وتحصين موقعه كمعرقل فارض للشروط، أو مسهّل مقدّم للتنازلات، هو الذي يخرج الحكومة من عنق الزجاجة دوماً. وكما تعرقل تشكيلها سابقاً لتوفير توزيره، اليوم يتعرقل تشكيلها لتأمين شروطه. يجيد باسيل لعب هذا الدور، على قاعدة عدم الخسارة، وإذا لم يربح ما يريده فيما بعد، لكنه ينجح في زيادة حيثيته السياسية والشعبية. وغالباً ما يرتدد في أوساط حزب الله بعض الانزعاج من تصرفات باسيل ومواقفه، لكن ذلك لا يقرن بأي موقف سياسي جدّي وعلني للجم الرجل عن جموحه. حينها يعود الجميع إلى كلمة واحدة تمنح باسيل الغطاء وشيكاً على بياض، بأن السيد لا يريد إزعاج باسيل، وليكن له ما يريد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها