الإثنين 2018/07/16

آخر تحديث: 10:28 (بيروت)

"الحركة بركة" في طرابلس: معوقو الأحداث نحو السلم

الإثنين 2018/07/16
"الحركة بركة" في طرابلس: معوقو الأحداث نحو السلم
ينقسم العمل في حراك "الحركة بركة" إلى 3 مسارات (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

سنواتٌ مضتْ على طيّ صفحة جولات القتال الدامية في طرابلس. إلّا أنّ السؤال الجوهري بقيَ: هل دخل أبناء المناطق المتنازعة مرحلة "السلم"؟ الجواب البديهي قد يكون "نعم"، باعتبار أنّ السلم مقرونٌ برمي السلاح. لكنّ المضمون الحقيقي لمعنى "السلم"، لم يتحقق على أرضٍ هشّةٍ تبدو في مرحلة "هدنة" باعتراف أبنائها. والسؤال الآخر: هل هناك رغبة في إشعال فتيل الحرب؟ بالطبع لا. فما الذي يعطل عملية تحقّق "السلم" إذاً؟ هو عدم الشفاء من جراح الحرب.

بناءً على هذه المعادلة، يمكن الحديث عن "الحركة بركة"، وهو حراكٌ يُعنى بمعوقي أحداث طرابلس سواء أكان خلال الحرب الأهليّة أو المعارك التي دارت بين عامي 2008 و2014 قبل فرض الخطّة الأمنيّة. هذا الحراك، يسعى إلى تسليط الضوء على حاجات مجموعة أساسية من متضرري الحرب، بعدما أبقت المعارك ذكراها على أجسادهم، وقد استطاع الوصول إلى نحو 130 معوّقاً من خلال مرحلة البحث وتعبئة الاستمارات، إلى أن تبلورت فكرة "الحركة بركة"، لتكون يد عونٍ ممدودة إلى هؤلاء المصابين، قانونياً وصحياً ونفسياً واقتصادياً واجتماعياً.

حراك "الحركة بركة"، يأتي من ضمن مشروع "بناء السلام" الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، بالشراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية، ويعمل على آليات الاستقرار الاجتماعي في عدد من المناطق والقرى اللبنانية حسب حاجاتها. وفي حديثٍ إلى "المدن"، يشرح استشاري UNDP بلال أيوبي تفاصيل حراك "الحركة بركة"، الذي بنيَ في جزءٍ منه استناداً إلى دراسة "خريطة الطريق نحو المصالحة في طرابلس". فـ"الحراك جاء ليعالج ملفٍ يعيشه عدد كبير من الناس، وهو يعتبر عقبةَ أمام المصالحة، وقد بدأ العمل به بعد انجاز قاعدة بيانات (داتا) بأسماء مصابي جولات وأحداث طرابلس في التبانة، جبل محسن، القبة، المنكوبين ووادي النحلة".

ينقسم العمل في حراك "الحركة بركة"، وفق أيوبي، إلى 3 مسارات، في القانون والاقتصاد والصحّة. قانونياً، يعمل الحراك مع الدولة اللبنانية عبر المؤسسات الرسمية المعنية لإصدار المراسيم المطلوبة، بغية تطبيق القانون 220/2000 الذي يضمن حقّ العمل لذوي الحاجات الخاصة عبر كوتا (3%) في الوظائف الحكومية والخاصة. ويعمل عبر الحثّ على إعادة النظر في تصنيفات الإعاقة، كي تشمل التصنيفات الجديدة العدد الأكبر من المتأثرين بالأحداث والمعارك. يقول أيوبي: "يجب أن نركز على مسألة تنفيذ القانون 220/2000. وفي حال طُبّق، أكثر من 60% من مشاكل هؤلاء المصابين يجري حلّها. واللافت أن معظمهم لم يسمعوا مسبقاً بهذا القانون، رغم أنّه يعنيهم مباشرةً في حياتهم اليومية".

في الاقتصاد، يقوم الحراك على تشجيع المؤسسات والهيئات الاقتصادية الخاصة في طرابلس، ومطالبتها ببدء تطبيق القانون 220/2000 حتى قبل إصدار المراسيم التطبيقية له، انطلاقاً من مبدأ المساهمة في تحسين معيشة عشرات العائلات من متضرري أحداث طرابلس والمشاركة في تمتين الاستقرار الاجتماعي.

كذلك، مطالبة بلدية طرابلس المساعدة في الحصول على أكشاك أو محال في سوق الأحد أو غيرها من الساحات المخصصة للباعة، بحيث يؤمن هذا المدخول معيشة المعوقين غير القادرين على العمل في مؤسسات خاصة أو حكومية. وأيضاً، المطالبة بإصدار بطاقة مساعدة مالية محدودة للمعوقين من الأحداث في طرابلس، عبر توفير التمويل اللازم من المجتمع الدولي، إلى جانب العمل مع الجمعيات والمعاهد المحلية ومراكز الخدمات الإنمائية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، على خلق برامج تمكين وتدريب متخصصة للمعوقين الراغبين في الحصول على أيّ مهارات أو معارف من شأنها تحسين فرصهم في العمل.

أمّا على المستوى الصحي، فيعمل الحراك في اتجاهات متعددة. يسعى إلى التأكد من تلبية المؤسسات الصحية حاجات المعوقين من الأحداث، إمّا عبر تفعيل تقديمات بطاقة المعوق أو عبر تسهيلات من وزارة الصحة لتأمين الأدوية الضرورية. العمل على ربط مقدمي الخدمات الصحية الخاصة بالمعوقين مع الحالات التي تم رصدها خلال مرحلة تعبئة الاستمارات لتلبية أي حاجات طارئة عبر الامكانات المتوفرة، والسعي إلى إدخال المعوقين نتيجة الأحداث في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

مقابل ذلك، لم ينسَ حراك "الحركة بركة" الشقّ النفسي لهؤلاء المصابين، لما يحمل من ألمٍ وأذى. إذ يعمل على استحداث مراكز أو أندية اجتماعية قريبة من مناطق النزاع السابقة، وإشراكهم في فريق كرة سلة، بهدف تأمين برامج دعم نفسي اجتماعي لهم. غير أنّ "الصعوبة الكبيرة التي نواجهها معهم، تكمن في كيفية إعادة ثقتهم بالدولة والمؤسسات وآلية تنظيمهم وتدريبهم على المطالبة بحقوقهم، كي يستعيدوا ثقةً فقدوها في أنفسهم"، يضيف أيوبي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها