السبت 2018/06/09

آخر تحديث: 00:08 (بيروت)

جعجع ل"المدن":تمنيت على الحريري تشكيل حكومة من 24 وزيراً

السبت 2018/06/09
جعجع ل"المدن":تمنيت على الحريري تشكيل حكومة من 24 وزيراً
يدعو جعجع لانطلاقة حكومية ودعم العهد (ألدو أيوب)
increase حجم الخط decrease

تطول الطريق إلى معراب. في كل زيارة إلى قلعة "الحكيم" لا بد من التأخير. وبدلاً من نصف الساعة المفترض من بيروت إلى منزل سمير وستريدا جعجع والمقر العام لحزب القوات اللبنانية وحديثاً لكتلة الجمهورية القوية، تستغرق الطريق نحو الساعتين. تقدّم اعتذاراً تتقبّله دوائر مكاتب جعجع بلطف، فترة التأخير لا تذهب سدى "فدائماً، لدى الحكيم مشاغل ضاغطة يستثمر التأخير في لقاءات أخرى". لكن، لدى كتلة الجمهورية القوية، مشروعا لا بد من تنفيذه، وهو إيجاد حلّ لمشكلة أزمة السير، لا يمكن لأبناء هذه المناطق أن يمكثوا لأكثر من ساعتين داخل سياراتهم يومياً. لدى القوات اقتراحات عملية تأمل تنفيذها.

ليس التحول الذي يمرّ به العالم سياسيّاً فحسب، وفق جعجع. تمرّ المنطقة والعالم الإسلامي بالتحديد بحقبة تطورية، ستنتج عصر نهضة يشبه عصر النهضة المسيحي. بروز تنظيم داعش ومفهومه لإدارة التوحش، أحدث صدمة إسلامية، تنتج اليوم عملاً تراكمياً ومنهجاً فكرياً سيمثّل صحوة إسلامية كبرى. وهذا يثبت عدم اتصال داعش بالإسلام، لأن ما فعله التنظيم يشبه إلى حدّ بعيد المحارق وبيع صكوك الغفران، ما أدى إلى نهضة مسيحية. يؤكد جعجع: "سنرى إسلاماً حقيقياً مختلفاً عن الصورة التي جرى عكسها طوال السنوات الماضية. وما تشهده المملكة العربية السعودية هو تطور كبير، وتقدمية سترخي بظلالها الإيجابية على العالم بأسره".

من هذا النقاش يدخل جعجع في السياسة. يجزم بأن الأميركيين لا يمزحون في مواجهة الإيرانيين. لا يؤمن بنظرية المؤامرة، التي تقول إن الأميركيين يغضون النظر على توسع إيران في المنطقة. قائلاً: "هناك مساعٍ جدية أميركية وعربية لمواجهة نفوذ إيران، ليس في سوريا فحسب بل في المنطقة كلها". ويشير إلى وجوب النظر إلى التطورات الحاصلة في جنوب سوريا، حيث عقد اتفاق على وجوب خروج الإيرانيين وحلفائهم من تلك المنطقة. ويبدو أنهم يلتزمون بالانسحاب من تلك المنطقة، لكنهم لن يتنازلوا بسهولة في مناطق أخرى، وأهمها في العاصمة دمشق ومحيطها".

مرحلة الضغط على إيران لإخراجها من سوريا بدأت، لكنه لا ينفي أن إيران موجودة على الأرض وهي الطرف الأقوى، "لولا القوات الإيرانية لما استطاع الروس أن يحققوا شيئاً في سوريا. وقد يعمل الإيرانيون على تنفيذ اتفاق الجنوب السوري لإلهاء الإسرائيليين عن أمور أخرى. وهنا، يشدد جعجع على أن المرحلة المقبلة ستكون صعبة ويجب حماية لبنان من أي تداعيات.
ولكن، هل التسوية المرتقبة في الجنوب السوري ترتبط بالمساعي الحديثة بشأن ترسيم الحدود في الجنوب اللبناني؟ لا يرى جعجع ربطاً بين المسألتين، مشيراً إلى أن لا شيء يوازي الاتفاق بالجنوب السوري. المسألة تتعلق بالنفط، والقنوات موجودة منذ سنوات، وتحديداً في العام 2009، إذ تقدّم الأميركيون بخطة لم تصل إلى نتيجة. وقد عادت المفاوضات ونشطت منذ نحو سنة، بعد تدخلّ الإسرائيليين لحل النزاع بشأن بعض النقاط. وقد جرى التوصل إلى نحو 11 نقطة. والآن عادت المفاوضات ونشطت بسبب السعي الإسرائيلي لتشييد الجدار العازل. أما عن العرض الأميركي الإسرائيلي الجديد للبنان، فينفي علمه بالتفاصيل، مفضّلاً انتظار اتضاح العرض المقدّم للبناء على الشيء مقتضاه. "من المبكر الحكم على هذه المسألة، خصوصاً أن الخلاف البحري على مساحة نحو 800 كلم مربع. وهذه تحتاج إلى وقت للتفاهم عليها".

يرى جعجع عودة قريبة لحزب الله من سوريا. المرحلة المقبلة ستشهد ذلك. وكل المؤشرات تقود إلى هذه الخلاصة. ماذا عن انعكاس تلك العودة على الداخل؟ يجيب جعجع بأنه لن يكون لها أي انعكاسات. وحتى لو ادعى حزب الله الانتصار، فالواقع على الأرض معروف، وليس الدولة من طالب الحزب بالذهاب إلى سوريا. بالتالي، لن يحصل على مكافآت. يتوقع جعجع أن يعود الحزب أكثر تواضعاً بعد ما جرى معه. وهو يجري تحولاً مفصلياً في تاريخه، من خلال دخوله في صلب المعادلة الداخلية بكل تفاصيلها، من طرح عناوين متعددة كمكافحة الفساد وغيرها. ما يدلّ إلى أن الحزب يريد الإندماج أكثر لبنانياً. و"إذا كان الحزب جدياً في طرح مكافحة الفساد نكون على تعاون معه. على طاولة مجلس الوزراء هناك سيظهر الخيط الأبيض من الأسود. وجدّية حزب الله في مكافحة الفساد ستدفعه إلى الاصطدام بحلفاء وأصدقاء كما حصل معنا".

ولكن، هل ستكون المرحلة المقبلة للتطبيع مع النظام السوري؟ يجيب جعجع بأنه لم يعد هناك نظام في سوريا. المعادلة دولية. ونحن نريد التطبيع وإصلاح العلاقة مع كل سوريا، وليس مع فئة واحدة من الشعب السوري. ومن يظنّ أن المجتمع الدولي أو الولايات المتحدة أو أي قوة أخرى، مستعدة للقبول ببقاء الأسد، فهو مخطئ تماماً، ولا يعرف حقيقة المواقف. لا يمكن لأي طرف في العالم القبول بإعادة تعويم النظام. هذا النظام انتهى، ولا رجعة له. ما تبقى منه صورة فقط، بسبب عدم وجود أي طرف بديل. ولكن أي حلّ سياسي سيقود إلى تغيير جذري.

يدخل جعجع في السياسة المحلية، من وجوب دعم العهد وإنجاحه، لأنها فرصة لن تتكرر للبنانيين، في ظل التوافقات الحاصلة، وفي ظل حماسة الجميع لمكافحة الفساد. فلا يجب إهدار الفرصة. ويتمسك بتفاهم معراب، وبالعلاقة الجيدة مع رئيس الجمهورية، التي تخللها تفاهم شامل للمرحلة المقبلة خلال اللقاء الذي عقد بينهما في بعبدا مؤخراً. أما مع التيار الوطني الحر، فيؤكد: "سنبقى نحاول ونسعى لتثبيت العلاقة ووقف حالة الطلعات والنزلات"، مشيراً إلى أن التفاهمات قد تكون على القطعة، أو على كل ملف بحد ذاته.

يفضّل جعجع تأجيل البحث في التفاصيل الدقيقة، خصوصاً في شأن تشكيل الحكومة: "الآن، تجري عملية وضع الهيكلية والتصور العام من جانب الرئيس المكلف. وبعدها يبدأ الحديث في التفاصيل". يتمسك بحق القوات في التمثيل الصحيح، مفضلاً عدم الدخول في لغة الأرقام أو تسمية الوزراء، لكنه يستدرك: "قلت للرئيس سعد الحريري، يجب أن تكون حكومة جديدة بكل معنى الكلمة، وتضمّ وجوهاً جديدة، تعمل لمصلحة الناس وليس لمصلحة السياسيين. وتمنّيت عليه أن تتألف الحكومة من 24 وزيراً، في إطار وقف الهدر، ولا داعي لتكبيد الخزينة تكاليف وزارات غير موجود نطلق عليها اسم وزارة دولة". ويقول: "نحن نتمسك بمطالبنا بوجوب المداورة في الحقائب".

يبدو جعجع متفائلاً في ما يخص المرحلة المقبلة. يتحدث عن انطلاقة جديدة وجدية مع تيار المستقبل كحليف، ومع كل القوى الأخرى. "ستكون مرحلة جديدة بالفعل، يتعزز فيها التنسيق بكل الملفات". وبالعودة إلى الانتخابات النيابية والنتائج التي أفرزتها، يرفض جعجع وصف انتصار حزب الله واكتسابه أكثرية في مجلس النواب. فلدى الحزب وحلفائه 46 نائباً، ولدى 14 آذار 47 نائباً. وهناك الكتل الوسطية، وكتلة لبنان القوي. وموازين القوى ستكون مرتبطة بالوضع في المنطقة. ويرفض أن يضع كتلة لبنان القوي المحسوبة على التيار الوطني الحر في صف حزب الله، وتصويته على القرارات سيثبت ذلك.

في غمرة الحديث عن التطبيع مع النظام السوري من بوابة عودة النازحين، يضحك جعجع هازئاً: "لا يمكن التطبيع مع هذا النظام. وما علاقته باللاجئين؟ فهو من هجّرهم، وهو لا يريد عودتهم. وحين يعلم السوريون الراغبون بالعودة أن النظام يريد ذلك أو يسعى إليه فسيحجمون عن الخطوة". ويكرر: "لبنان لن يطبّع مع نظام غير موجود. ونحن نريد التطبيع مع سوريا كاملة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها