الخميس 2018/06/07

آخر تحديث: 07:21 (بيروت)

لماذا بلدية طرابلس معطلة؟.. "الريس" واثق بعمله

الخميس 2018/06/07
لماذا بلدية طرابلس معطلة؟.. "الريس" واثق بعمله
يؤكد قمرالدين أنّ كلّ من يُطالب باستقالته يطمح للجلوس مكانه (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

منذ انتخاب مجلس بلدية طرابلس، الذي يرأسه أحمد قمرالدين، في أيار 2016، لم تهدأ الاعتراضات على أدائه، بل إنّها تتعاظم وتتوسع. إذ شكلّ هذا المجلس ما يشبه "الفاجعة" للمدينة وأهلها، لا سيما بعدما جاء فوز اللائحة المدعومة من اللواء أشرف ريفي بـ18 عضواً من أصل 24 عضواً، صاعقةً على الحلف السياسي العريض الذي مُني بخسارة مدوية في ذلك الوقت. فهذا الفوز، الذي حمل النبض التغييري والاصلاحي والتمردي على زعامات طرابلس، لم يكن على قدر توقعات ريفي نفسه، الذي بدأ يشعر بـ"الخسارة"، حتّى أنّه يُعرب في مجالسه الخاصة، وفق مصادر، عن ندمه في اختيار قمرالدين رئيساً لهذا المجلس المحسوب عليه.

الجلسة الأولى التي دعا إليها قمرالدين في شهر حزيران 2018، قاطعها 21 عضواً، ولم يحضر غير اثنين من الأعضاء، هما محمد نور الأيوبي ورشا سنكري. هذه المقاطعة، وهي ليست الأولى من نوعها، تأتي في سياق رفع الصوت وتشكيل لوبي معارض في وجه رئيس المجلس، الذي يبدو أنّه عاجز حتّى على اقناع الأعضاء الذين كانوا على لائحته بأدائه، بعدما انضم معظمهم إلى الجبهة المطالبة بتنحي "الريّس" واستقالته من منصبه.

سلسلة من الملفات يجري اتهام قمرالدين بوقوفه عقبةً في طريق حلّها. بدءاً من التعديات على الأملاك العامة، واحتلال عقارات البلدية بغطاء سياسي وأمني، وأزمة السير الخانقة، والفشل في التنظيم الداخلي للمجلس، مروراً بقرار مجلس اتحاد بلديات الفيحاء (الذي يرأسه قمرالدين أيضاً)، التمديد لشركة لافاجيت من دون علم الأعضاء، وصولاً إلى أزمة جبل النفايات والروائح المنبعثة في المدينة ومسلخ اللحوم.

نماذج التعطيل
فيما يجري الحديث في المجالس المغلقة للأعضاء عن عدم صلاحية قمرالدين للاستمرار في منصبه، مع حرص البعض على مراعاة اللواء ريفي لعدم إحراجه، يشرح عضو بلدية طرابلس باسم بخاش لـ"المدن"، وهو رئيس لجنة العمل الإداري، أساليب التعطيل والمماطلة التي يتبعها قمرالدين في تعاطيه مع اللجان المسؤولة عن إدارة ملفات البلدية، ويعطي لجنته نموذجاً عن أشكال التعطيل.

بعد مرور أشهرٍ على دخول المجلس في ولايته، طلب قمرالدين من بخاش أن يُعدّ له تقريراً عن شرطة البلدية، من أجل تنظيم عملها وإعادة هيكلتها، باعتبار أنّها الأداة التنفيذية للبلدية على الأرض. وبعد البحث والدراسة وإعداد تقريرٍ كاملٍ، وضع قمرالدين الملف في الأدراج من دون أن يعرضه على المجلس، ولم يقبل حتّى مناقشته أو اعطاء أيّ تعليقٍ في شأنه. "رغم أنني وضعت خطّة كاملة لآلية تنظيم الشرطة وعملها. وطلب قمرالدين عدم تصويره وعرضه على أحد من الأعضاء". يقول بخاش: "أكثر من مرة، أنا وزميلي الدكتور رياض يمق في المجلس، طلبنا من قمرالدين تسليمنا ملف الشرطة، لكنه رفض ذلك، تحت حجة عدم وجود كذا راس في البلدية".

يشير بخاش إلى أنّه تمّ عرض مشاريع لإصلاح مصلحة الهندسة والتفتيش، وكلّها يقابلها قمرالدين إمّا بالمماطلة أو الرفض. منذ فترة، جرى التواصل مع الدكتور أسامة زيادة المتخصص بعلم الإدارة، وهو خريج جامعة هارفارد الأميركية ويعمل على مستوى عالمي كما يتشارك مع الوزيرة السابقة ريا الحسن في تنظيم الهيكلية الإدارية للمنطقة الحرّة. وحين دعته لجنة العمل الإداري إلى البلدية للنظر في هيكليتها التي لم تتبدل منذ أكثر من 40 عاماً، أخذ المجلس قراراً أن يُسلم شركة زيادة تنظيم إدارة المجلس لترتيب عمله وتطويره كي يلبي حاجات المدينة وأهلها. وبعد سلسلة من الاجتماعات للبحث في كيفية مأسسة العمل داخل البلدية وفق العلم الإداري الجديد، "نيّمَ قمرالدين القرار في الأدراج من دون أن ينفذه".

وقسّ على ذلك. "في كلّ الملفات وعلى كل اللجان التي توقفت عن العمل بسبب أسلوب قمرالدين في التعاطي معها، باستثناء لجنة الهندسة التي يرأسها المهندس جميل جبلاوي تستمر في العمل، لأنّها مضطرة، وهي تشكو أيضاً من السلوك عينه". يضيف بخاش: "هناك 90 مليار ليرة في الصندوق البلدي من دون تحقيق الانجازات على الأرض، لأنّ المبادرة لا تخرج من البلدية".

ميقاتي يُبادر وقمرالدين يتحفظ
علمت "المدن" أن لقاءً جمع قمرالدين برئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي قبل أسابيع، واعتبر الأخير أنّ أكبر مشكلة تعاني منها طرابلس تتمثل في جبل النفايات. واقترح ميقاتي على قمرالدين أن يدعو كلّ نواب طرابلس ومسؤوليها إلى عقد طاولةٍ مستديرة من أجل طرح مشكلة جبل النفايات والسعي إلى حلّها، وقد حدد الرجلان تاريخ الجلسة. إلّا أنّ قمر الدين قبل موعد الجلسة، أجرى اتصالاً بميقاتي ليخبره أنّه ليس جاهزاً لهكذا لقاء، لسبب عدم امتلاكه مختلف المعطيات والمعلومات المتعلقة بملف جبل النفايات، فطلب منه تأجيل موعد الجلسة إلى ما بعد عيد الفطر.

بناءً على هذا الموقف، ثمّة مشكلتان لدى قمرالدين. أولاً، هو رئيس لمجلس بلدية في مدينةٍ تضجّ بالأزمات ولا يقوم بالمبادرة لحلّ واحدةٍ منها. ثانياً، بعد مرور سنتين على رئاسة قمرالدين المجلس، كيف لا يملك معطيات عن كارثة بيئية بحجم جبل النفايات، لاسيما بعدما أصبح هذا الجبل السبب الرئيسي لتفشي أمراض السرطان في المدينة؟ 

قمرالدين باقٍ
يؤكد قمرالدين في اتصالٍ مع "المدن" أنّ كلّ من يُطالب باستقالته يطمح للجلوس مكانه. ويشير إلى أنّ المجلس لم يفشل، وأنّ المحاسبة تكون بعد 6 سنوات وليس الآن. يضيف: "لا أتحمل وحدي مسؤولية التأخير، الذي جاء نتيجة التأخير في إنجاز دفاتر الشروط. وحالياً بدأنا التلزيمات، ومن هنا حتّى سنة مقبلة، ستشهد طرابلس تبدلاً في عمل المجلس". ولمن يدعوه للاستقالة يردّ: "200% مش مفكر بالاستقالة، لأني واثق من نفسي وشغلي"، متحصناً بحقّه القانوني، لأن طرح الثقة يكون بعد 3 سنوات من ولاية المجلس.

وبينما يعتبر بخاش أنّ مبرر قمرالدين هو "تسخيف للأزمة"، تشير المعلومات إلى أنّ الجلسة المقرر عقدها، الخميس في 7 حزيران عند الخامسة عصراً، يتجه قسم كبير من الأعضاء إلى مقاطعتها، ومن المتوقع أن تفقد النصاب. في المقابل، تشير معلومات لـ"المدن" إلى تدخل مباشر يقوم به ريفي للملمة الوضع البلدي. كذلك يسعى قمرالدين إلى التدخل واللقاء والاتصال ببعض الأعضاء لاستمالتهم واحراجهم، حتّى يكبح موجة الهجوم والاعتراض التي تساق ضدّه.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها