الإثنين 2018/06/18

آخر تحديث: 00:39 (بيروت)

اللاجئون حائرون: هل تراجع باسيل؟

الإثنين 2018/06/18
اللاجئون حائرون: هل تراجع باسيل؟
هل كان باسيل يغطي على ملفات أخرى؟
increase حجم الخط decrease
حرب إعلامية وخلافات تتسع بين اللاجئين السوريين في مخيمات عرسال. اتهامات متبادلة في ما بينهم: من هو معارض للنظام ومن هو مؤيد له. ليست الخلافات بنت ساعتها. منذ ما بعد انتهاء معارك القلمون والضغط الذي تعرّض له اللاجئون السوريون في عرسال، وهناك من يريد عودتهم إلى أراضيهم. في تلك الفترة، كانت العودة ممنوعة، وهناك من يربطها بظروف ومواقيت سياسية. وحتى اليوم، الغاية من هذه العودة ترتبط بظروف سياسية مغايرة، يعتبرها البعض منهم أنها مؤاتية للنظام الذي يريد استرداد شرعيته بإعادة هؤلاء اللاجئين إلى أراضيهم، وانتزاع اعتراف من قبلهم بوجوده وبأنه هو الذي وفّر عودتهم الآمنة.

ليس كل السوريين في عرسال محسوبين على المعارضة، هذه النغمة تتزايد في هذه الفترة، على عكس عدم التداول بها مسبقاً. بالتالي، هناك من يعتبر أن من يريد العودة إلى أراضيه تحت كنف النظام، هم من الموالين والمؤيدين والذين ليس لديهم أي إشكالات مع النظام. في مقابل هؤلاء، يستشهد بعض المتحفظين على العودة والمتخوفين من المصير الذي سيلقونه هناك، بما حصل مع عودة عشرات اللاجئين قبل نحو سنة، والتي تولى التنسيق فيها أحد وجهاء بلدة عسال الورد في تلك الفترة المعروف بأبو طه العسالي. يقول هؤلاء إن أبو طه كان مقيماً في عرسال ومسؤولاً عن أحد المخيمات، وهو مؤيد للنظام السوري طوال الفترة الماضية، ولديه أعمال في سوريا بقيت مستمرة، وهو من عمل على التفاوض وإنجاز عودة نحو 120 عائلة إلى بلدته.

عاد هؤلاء بالاستناد إلى اتفاقات وضمانات لم يطبّق منها شيء. ويقول بعض هؤلاء إن شيئاً لم يتحقق من الوعود، فمنهم من أجبر على الذهاب إلى جبهات القتال مع الجيش السوري، ومنهم من جرى اعتقاله، لوجود شبهات حول علاقاته مع قوى المعارضة وفصائلها. هذه الأجواء انعكست سلباً على كثير من اللاجئين الذين أحجموا عن العودة، إذ إن مسألة عودة أبو طه كان يجب أن تشهد مرحلة ثانية عادت وتوقفت بسبب ما حصل مع هؤلاء.

مثل آخر يضربه المتخوفون من العودة، وهو إصرار بعض المعارضين على الذهاب إلى إدلب، وذلك في فترة خروج جبهة النصرة من جرود عرسال. يقولون إن هؤلاء فضّلوا الذهاب مئات الكيلومترات بعيداً عن أراضيهم، التي تبعد عن عرسال مئات الأمتار، وذلك رفضاً للعودة إلى كنف النظام.

يستغرب بعض اللاجئين الحملة الإعلامية التي سلّطت الضوء على رغبة العودة إلى سوريا، ويقولون إن ما قيل لا يمثّلهم، بل هم يخافون العودة، لأن لا أمان ولا ضمانات ولا مساكن. وهنا تدخل الاتهامات، إذ يرى هؤلاء أن مخيم الفلاطنة بغالبيته محسوب على الموالين للنظام السوري، ولذلك هؤلاء لا مشكلة لديهم بالعودة، سائلين عن سبب تجاهل عشرات المخيمات الأخرى. ويشير هؤلاء إلى أنهم بصدد إعداد ملفات لإرسالها إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لتوضيح موقفهم وأنهم لن يعودوا بلا ضمانات، وهم لا يريدون البقاء في لبنان، بل يريدون الذهاب إلى أي دولة آمنة أخرى.

يتحدث خالد رعد لـ"المدن" وهو من القصير في ريف حمص مقيم في مخيم المعلّمين في عرسال، أن لجنة تمثّل لاجئي القصير وتضمه مع زياد الواو والمحاميين أحمد حوراني وإبراهيم ادريس، قدمت كتاباً لوزارة الخارجية وعدد من السياسيين اللبنانيين بمن فيهم رئيس الحكومة سعد الحريري. وتؤكد اللجنة أن اللاجئين الذين تتحدث باسمهم لا يبحثون عن التوطين في لبنان، وأنهم متمسكون بالحكومة السورية. أما العودة الحالية إلى سوريا، فهي غير آمنة. وتطالب اللجنة "بضمانات من الدول الكبرى والأمم المتحدة، والاحتفاظ بحقّنا الطبيعي كمعارضين موجودين على الأرض السورية". وفيما يلفت إلى أن مدينة القصير مهدّمة بنسبة 95%، يسأل "إلى أين سنذهب؟". يضيف: "قبل عودة أهالي القصير في لبنان، لماذا لا يعود أهالي القصير اللاجئين إلى دمشق، وهم في مناطق النظام؟". ويقول: "نحن نعارض النظام كما نعارض الإرهاب، وموقفنا سلمي. لذلك، لن نرحل لا إلى إدلب ولا إلى دير الزور". وللعودة ظروف يجب توافرها، وهي خروج الجيش السوري من القصير، وخروج كل القوات العسكرية الأجنبية كي نتمكّن من العودة إلى أراضينا. ويجب خروج كل المقاتلين من سوريا، وعلاج ملف القصير من ضمن علاج الملف السوري. فلا يمكن خروج حزب الله من القصير بينما يبقى في داريا أو بابا عمر. وإذا كان النظام جدياً في ذلك فلماذا يهجر أهالي تلبيسة قبل أيام، والغوطة قبل أسابيع. فهذا النظام غير جدّي في إعادة الناس. ونحن نرفض أن نكون مطية لتمرير ملفات على حسابنا لمصلحة آخرين". ويعلق رعد على الكلام الذي صدر عن أشخاص سوريين بصفة لاجئين يقولون أن لا مشكلة بينهم وبين النظام، بالقول: "من ليس لديه مشكلة لم يكن عليه الخروج من سوريا".

يقول رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري لـ"المدن" إن الأمر لا يحتاج إلى كل هذه الجلبة. هناك مجموعة من اللاجئين، من بعض القرى القريبة من عرسال، وتحديداً من فليطا وقارة والسحل ويبرود والجريجير والمعرة. يبلغ عددهم نحو 3000 لاجئ، كان من المفترض أن يعودوا قبل أيام، لكن العودة تأخرت، إذ حصل خطأ في الأسماء، ولم تتم الموافقة إلا على 500 شخص رفضوا الذهاب من دون الآخرين. ليس لهؤلاء أي إشكالية مع النظام السوري، وهم يريدون العودة والعيش تحت كنف النظام السوري.

ويشير الحجيري إلى أنه إذا ما نجحت العملية فإن هناك غيرهم من اللاجئين سيتشجعون على العودة. ومن يذهب فهو يلتزم بسياسة النظام ولن يذهب ليعارض في سوريا. وهؤلاء يعرفون إلى أين سيذهبون. وعن اللغط الذي حصل مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين يعتبر الحجيري أنه في امكان المفوضية السؤال على سبيل الإطمئنان والبحث عن فرص الأمان للاجئين، لكن طريقة طرح الأسئلة حملت بعضاً من التخويف جرى وضع علامات استفهام حول الغاية من ذلك، وكأن الأمر محاولة إقناع لتغيير آرائهم لأن لا أمان لهم في سوريا، مع تأكيده على أن للمفوضية دوراً أساسياً ومهماً ومشهوداً على صعيد حماية اللاجئين وتقديم المساعدات لهم ليس في لبنان والعالم.

يعتبر الوزير معين المرعبي لـ"المدن"، أن الوزير باسيل نفخ في بالون هوائي. هو يعتبر أن المفوضية لا تشجع عودة اللاجئين، والقانون الدولي يقول إنه لا يمكن إعادة اللاجئين بلا ضمانات. بالتالي، المفوضية لم تخرج عن السياق الطبيعي. ولدى ذهابه إلى فيليبو غراندي في جنيف، للبحث عن تخريجة لما حصل، وهذا ما ظهر في بيان المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، سمع تأكيد المفوض موقف المفوضية بشأن العودة الطوعية عندما تسمح الظروف بذلك. وهذا ما تقوم به المفوضية، ولم يكن من داع لما قام به باسيل، خصوصاً أن غراندي قال لباسيل إن الأمم المتحدة مع عدم تشجيع عودة اللاجئين في ظل الظروف الحالية، مع موافقة الوزير على ذلك. ما يعني، وفق المرعبي، أن الظروف لا تسمح حالياً في غياب أي ضمانات، ولا يمكن للمفوضية العليا تشجيع الناس على العودة.

وهذا يُظهر، وفق المرعبي، أن ما قام به باسيل هو فقاعة هواء جرى التراجع عنها بعد لقائه مع المفوض السامي لشؤون اللاجئين. وما تقوم به المفوضية كان توضيح الأمور للاجئين لمعرفة إلى أين يذهبون، كما أنها لم تعارض من يريدون الذهاب عن قناعة وبدون التعرض إلى أي ضغط. وعلى الدولة اللبنانية أن تعمل على توفير الوثائق الرسمية للاجئين قبل إعادتهم. وهذا ما كان يعارضه باسيل سابقاً. بالتالي، كلام المفوضية واضح تجاه باسيل. ويكاشف المرعبي عن كلام بين السطور حول تهديد المفوضية بترك لبنان ولاجئيه لمصيرهم. ما دفع باسيل إلى التراجع. واللافت أكثر هو ما صدر عن السفير الألماني لدى بيروت والذي أشار إلى الاستياء من الأداء اللبناني في تحميلهم مسؤولية ما يحصل، أو الإيحاء بأنهم ينفّذون مؤامرة. ويشير المرعبي إلى أن باسيل حاول التغطية على كثير من الملفات الإشكالية أو الفاسدة، من ملف التجنيس إلى ملف الكهرباء من خلال تفجير هذه القنبلة الدخانية، وما جرى يؤكد فشلاً ذريعاً للدبلوماسية اللبنانية التي يرأسها باسيل وفق المرعبي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها