الإثنين 2018/05/07

آخر تحديث: 16:06 (بيروت)

هذا ما حصل في لجنة فرز أصوات بيروت

الإثنين 2018/05/07
هذا ما حصل في لجنة فرز أصوات بيروت
لم ينجح المستقبل في شدّ العصب السني رغم جميع خطابات التجييش (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

غيّر القانون الانتخاب الجديد المعالم الجغرافية والديموغرافية للعاصمة بيروت، حيث تمّ تقسيمها إلى دائرتين انتخابيتين، واحدة إسلامية وأخرى مسيحية. وأتى النظام النسبي ليغيّر الخريطة السياسية، التي شهدت عملياً وداعاً لأحادية التمثيل. علماً أن الاشكاليات الكبيرة التي حدثت في عملية فرز الأصوات في لجان القيد الابتدائية شكّلت طعنة كبيرة لمجريات العملية الانتخابية برمّتها. إذ إن مقاطع الأفلام المصورة لبعض رؤساء الأقلام وهم يتلاعبون بأحد صناديق الاقتراع أعادت التذكير بالزمن الغابر.

بيروت الأولى: انتصار المجتمع المدني
على عكس التوقعات بأن من شأن النسبية رفع نسب الاقتراع كونها تحثّ على المشاركة، أتت النسب مخيبة لآمال الجميع على مستوى لبنان. ففي دائرة بيروت الأولى، وصلت نسبة الاقتراع إلى نحو 31.5% فقط، وهي أقل نسبة اقتراع بين جميع الدوائر. علماً أن نسبة الاقتراع في هذه الدائرة وقبل ضم منطقة المدور إليها وصلت في العام 2009 إلى 40%. ورغم هذه النسبة المنخفضة فازت لائحة كلنا وطني بمقعد من أصل 8 مقاعد. علماً أن "بيانات الأصوات" الرسمية التي جمعتها الماكينة الانتخابية اشارت أرقامها إلى فوز اللائحة بحاصلين انتخابيين، كما أكدت مصادر الماكينة الانتخابية للائحة كلنا وطني.

تضيف المصادر أن هناك تلاعباً تمّ في لجنة القيد الابتدائية، حيث كان من المفترض إضافة نتائج أقلام الخارج والموظفين، فحدث عطل تقني عندما أخطأ أحد الأفراد في إدخال بيانات أحد الأقلام فتوقف النظام الإلكتروني المخصص لفرز الأصوات. وعمدت المسؤولة عن المركز إلى إخراج جميع المندوبين ورفضت الإبقاء حتى على مراقبي الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات ريثما يتم اصلاح العطل. وهذا ما يؤكده عضو الهيئة الادارية عمار عبود. بعد اصلاح العطل دخل المندوبون ليتفاجأوا بتغيّر النتيجة لمصلحة لائحة التيار الوطني الحر- الطاشناق، كما تؤكد المصادر.

وبعيداً من هذا "الخلل التقني" الذي يطعن في ظهر الديمقراطية اللبنانية الهشّة، وفي تحليل أولي لنسب المشاركة في هذه الدائرة بدا واضحاً أن الناخبين لم ينجروا وراء الخطاب السياسي التحريضي الذي قام به البعض. وفي الإمكان القول إن الأحزاب التقليدية لم تنجح إلا بشدّ عصب فئة المنتمين إلى الأحزاب لا المناصرين والمترددين. إذ باءت جميع محاولات الماكينات الحزبية حثّ الناخبين على الاقتراع للوائحها بالفشل، حتى أنه في الامكان تعميم هذا الأمر على جميع الدوائر الانتخابية التي تراجعت فيها نسب الاقتراع بشكل كبير. ما يعني أن الشعب اللبناني لم يُسَق إلى "العرس الديمقراطي" الذي أرادته قوى السلطة. فهمّ الناس في مكان وتطلّعات الماكينات الانتخابية في مكان آخر. وأبلغ مثال على ذلك نتائج العاصمة بيروت.

لكن على العكس من ذلك استطاعت لائحة كلنا وطني تحقيق فوزها المتوقع، علماً أنه لو ارتفعت نسبة الاقتراع كانت ستصبّ، على الأرجح، في مصلحة الأخيرة لكون "الصوت المعترض" على القوى السياسية كان سيصب في هذا الاتجاه. بمعنى آخر، كان هناك تخوف من أن انخفاض نسب الاقتراع سيؤدي إلى فوز مريح للوائح الأحزاب السياسية في هذه الدائرة، لكون الأمر سيقتصر على مشاركة الناخبين الحزبيين وبقاء "الاغلبية الصامتة" عازفة في منازلها.

على عكس نتائج العام 2009 التي فازت بها قوى 14 آذار بجميع المقاعد (باستثناء مقعد أرمني ذهب للطاشناق) باتت الخريطة السياسية للمقاعد موزعة على أربعة مقاعد لتحالف الوطني الحرّ- الطاشناق (نقولا صحناوي، انطوان بانو، الكسندر ماطوسيان واغوب ترزيان) وثلاثة مقاعد لتحالف القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية (نديم جميل، عماد واكيم وجان طالوزيان) ومقعد للمجتمع المدني (بوليت ياغوبيان). علماً أنه قبل التلاعب بالنتائج كان من المفترض أن تحلّ جمانة حداد مكان بانو عن مقعد الاقليات.

بيروت الثانية: تحجيم حصّة الحريري
كما هي الحال دائماً في لبنان، إشكاليات فرز النتائج في لجان القيد الابتدائية والعليا تعوق إعلانها بشكل رسمي. رغم هذا الاخفاق الذي يطعن بنزاهة الانتخابات حيث تتوارد المعلومات عن فقدان صناديق اقتراع والتلاعب بأخرى، بالإمكان القول إن الخريطة السياسية لتوزع المقاعد في دائرة بيروت الثانية تغيرت بشكل جذري. فمن أصل 11 مقعداً مخصصاً لهذه الدائرة كانت كتلة تيار المستقبل تضم 8 مقاعد، والجماعة الإسلامية مقعداً، والحزب التقدمي الاشتراكي مقعداً، وحركة أمل مقعداً. أعادت النسبية خلط الأوراق وباتت كتلة المستقبل تضم 5 مقاعد (الرئيسان سعد الحريري وتمام سلام، الوزير نهاد المشنوق، نزيه نجم ورولا الطبش جارودي) وتحالف الثنائي الشيعي والأحباش والتيار الوطني الحر 4 مقاعد (أمين شري ومحمد خواجه وعدنان طرابلسي وادكار طرابلسي). احتفظ الاشتراكي بمقعده (حل فيصل الصايغ مكان غازي العريضي)، ودخل رجل الأعمال فؤاد مخزومي للمرة الأولى الندوة البرلمانية.

لم ينجح المستقبل في شدّ العصب السني رغم جميع خطابات التجييش التي لجأ إليها، ولم يتمكن من رفع نسبة الاقتراع التي بلغت 41%. هذه النسبة المنخفضة أتت عكس ما أراده المستقبل في محاولة رفع نسب التصويت، وبالتالي الحاصل الانتخابي، لقطع الطريق على اللوائح الأخرى.

في المحصلة خرجت الجماعة الإسلامية من الندوة البرلمانية، وحلت مكانها جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية. رفع الثنائي الشيعي تمثيله إلى مقعدين وتمثّل التيار الوطني الحرّ للمرة الأولى في الندوة البرلمانية عبر المقعد الانجيلي. أما المخزومي فقد قرر استخدام سلاح القوى السياسية في صراعه من أجل دخول البرلمان، أي سلاح جيوش المندوبين و"بونات البنزين" المقدمة إلى أصحاب السيارات العمومية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها