الخميس 2018/05/31

آخر تحديث: 07:41 (بيروت)

التيار الوطني الحر ساقط في الحساب

الخميس 2018/05/31
التيار الوطني الحر ساقط في الحساب
التيار يريد تحجيم القوات (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

لطالما طلبت والدتي أن نعلمها القراءة والكتابة والحساب لا سيما أنها كانت تساعد أبي في متجره معتمدة على الذاكرة لحفظ اسعار البضائع. كانت تواجه أحياناً بعض المشاكل في الحسابات تخطتها بفطنتها أحياناً وباللجوء إلى الطلب من الزبائن قراءة الأرقام أحياناً أخرى. على أن مشكلة الوالدة كانت "الامية"، وبالتالي لم تكن تعاني من مشكلة "الديسكالكوليا"، أي "عسر تعلم الحساب" أو الصعوبة في التعاطي مع الأرقام وحل المسائل الرياضية.

أتذكر والدتي في معرض قراءة نتائج الانتخابات، ولا سيما في ظل التناتف الحاصل حالياً بين الفائزين لتحديد الاحجام وبالتالي الحصص الوزارية. ففي مهرجان "النصر"، الذي اتى بعد الانتخابات، اعتبر الوزير جبران باسيل في كلمته أن "الأخ" الذي كبر حجمه بات لا يجيد العدّ، بالتالي كيف له أن يطالب بوزارة الطاقة التي تحتاج إلى أشخاص يجيدون التعاطي مع الأرقام والحسابات؟ ثم أتى دور وزير الطاقة سيزار أبي خليل الذي اعتبر أن أداء وزراء القوات اللبنانية السيء لا يؤهل القوات لتولي هذه الوزارة. علماً أنه لو صحّت مقولة باسيل ووزير الطاقة، لكان لزاماً علينا جميعاً المطالبة بعدم تسلّم هؤلاء الاشخاص أي وزارة، طالما أنه على الوزراء تدبير شؤون البلاد والعباد.

لم يعلن أي من السياسيين أنه يعاني من "الديسكالكوليا"، وجل ما في الأمر أن المسألة ما زالت تقتصر على اتهامات وجهها البعض إلى البعض الآخر في كونهم لا يجيدون "العدّ". لذا، علينا الاستعانة بعلم الحساب لقراءة الأرقام التي افرزتها الانتخابات الأخيرة.

خرجت القوات من الانتخابات بنصر واضح، لا سيما أنها الوحيدة من بين جميع القوى السياسية التي ضاعفت عدد نوابها. وهذا إن دلّ على شيء فهو يدل على أن الماكينة الانتخابية للقوات تجيد فعلاً التعاطي مع الأرقام طالما أن الانتخابات هي بالدرجة الأولى عمليات حسابية. وكي لا ندخل في جميع الأرقام التي حصل عليها مرشحو الطرفين سنكتفي بالتعامل مع الأصوات التفضيلية للفائزين.

لقد حصل جميع اعضاء "كتلة العهد" الـ29 على نحو 174 ألف صوت تفضيلي، بنسبة 9.4% من مجمل المقترعين في لبنان، بينما حصل اعضاء كتلة الجمهورية القوية الـ15 على 133 ألف صوت ونسبة 7.1%. وفي حال أخذنا ارقام مرشحي التيار الوطني الحر الـ18 حصراً ومرشحي القوات الـ11 حصراً، يتبيّن أن التيار حصل على 108 آلاف صوت أي ما يعادل نسبة 5.8% والقوات حصلت على 103 آلاف صوت أي ما يوازي نسبة 5.4%. فهل يعقل أن يتمثّل التيار بنحو 11 أو 12 وزيراً ويقتصر توزير القوات على 3 أو 4 وزراء؟

ولكون معادلة "التوزير" رست على منح كل 4 نواب وزيراً، فمعدل كتلة العهد هو 7.2 ومعدل كتلة القوات 3.7. أي أنه عملاً بمبدأ الكسر الأعلى سيكون للقوات 4 وزراء في ذمة الدولة وللتيار 7 وزراء فقط.

بدا واضحاً أن التيار يريد تحجيم القوات، لا سيّما أن الأخيرة بدت معجبة بفكرة "الثنائية الشيعية" وراحت تطالب بتقاسم عادل لحصة "المسيحيين" في الدولة. فالأخيرة بعرف السياسيين "بقرة حلوب" تدرّ خيراتها على الطوائف، وهي ليست مؤسسات وقانوناً ومواطنين ينتمون إليها. فالقوات لا ترضى بأقل من 6 وزراء، وعلى هذا المنوال انبرت الكتل النيابية التي نبتت على عجل في تصعيد مطالبها الوزارية. حتى أنه تمّ استحداث كتلة نيابية للوزير طلال ارسلان للحصول على مقعد درزي، وبالتالي محاصرة النائب السابق وليد جنبلاط، والطاشناق (3 نواب) راحوا يطالبون بوزيرين أرمنيين... وغيرها من المطالب لبقية الكتل النيابية.

أمام هذه الرغبة العارمة في "الاستيزار"، وفي حال استجاب الرئيس المكلف لمطالب المستوزرين، سنكون أمام حكومة مؤلفة من أكثر من 40 وزيراً. عليه، ربما من الأفضل تحويل مجلس النواب إلى مجلس وزراء موسّع لكي تتمثّل جميع الكتل النيابية وبحسب "احجامها" المضخمة أيضاً. ولِمَ لا، فجميع نواب الأمة لا يعلمون أن دورهم رقابي على الحكومة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها