الخميس 2018/05/03

آخر تحديث: 10:48 (بيروت)

من ربح حرب الانشقاقات في الشمال؟

الخميس 2018/05/03
من ربح حرب الانشقاقات في الشمال؟
"الانشقاق" مصطلح جديد دخل معجم السياسة في شمال لبنان (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

"الانشقاق" مصطلح جديد دخل معجم السياسة في شمال لبنان للتدليل على عملية انتقال أحد المفاتيح الانتخابية من مقلب إلى آخر. ويعتبر هذا المصطلح دخيلاً على الثقافة السياسية اللبنانية التي كانت تقول "قَلَبْ"، وهو أحد إنعكاسات الثورة السورية على لبنان. وتزايدت في الأيام الماضية فيديوهات يطل فيها "منشقون" يتلون فيها فعل الندامة على مرحلة من ماضيهم ضلوا فيها وأضلوا، قبل عودتهم إلى الرشاد والالتزام بالخط النضالي الذي يلتزمه "الزعيم القوي".

ويؤكد أحد الناشطين الشماليين، الذي يفضل تسميته بـ"مهندس الانشقاقات"، أن 95% من الانشقاقات انتهازية وتحدث لأسباب مالية، وأن قلة قليلة تنقلب بسبب المبادئ والمواقف السياسية. ويمعن بعض المفاتيح في "النفعية"، حيث لا يترددون في ترك المكاتب السياسية مقابل خدمة صغيرة أو رخصة فوميه أو حتى رقم مميز، أو التغطية على هذا أو ذاك ممن تلاحقهم الأجهزة بفعل مذكرة توقيف. في المقابل، يستفيد المكتب السياسي الحزبي من هذا الانشقاق في تلميع صورته وتعزيز دعايته الانتخابية.

ولهذا الانقلاب أعراض ومؤشرات مختلفة، تبدأ بمواقف ملتبسة حيال الزعيم الحالي للمنشق وافتعال مشكل، ويتوّج بصورة سيلفي عبر انستغرام وفايسبوك مع الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري. ثم بيان تبريري مطوّل عبر مجموعات واتسآب يشرح فيه المظلومية التي طالما تعرض لها وتعرضه للاستهداف والتهميش.

وكان لتيار اللواء أشرف ريفي حصة الأسد من الانشقاقات بسبب عدم قدرته على توفير الغطاء الرسمي لهؤلاء، على غرار ما كان يفعل أيام وجوده في السلطة. ورغم تفاوت قدرة التأثير للمنشقين، إلا أن ما يجمع بينهم نقض تاريخهم والمبالغة في التعبير عن الولاء للزعيم الجديد، وتأكيد "الالتزام بالمسيرة والخط الجديد".

ويشكل الدكتور عمر الشامي، أحد النماذج التي مرّت بسلسلة من الانشقاقات خلال مسيرتها السياسية، من الحركة الإسلامية إلى القرب من الميقاتية ثم الأجواء الريفية إلى أن استقر، أقله مؤقتاً، في معسكر الحريري. ويقدر عمر الشامي الانشقاقات في الجو الريفي بنحو 100 إنشقاق، بدأت معه ثم تلاها إنشقاق المختار عبدالله البقا والناشط هيثم فرحة وكاملة رعد وعمر العلي وغيرهم.

ولا يحتاج المراقب إلى كثير من الأدلة ليكتشف التغيير الذي طرأ على الشامي. إذ حوّل عيادته إلى مكتب يستقبل فيه طالبي الإعانات من لائحة المستقبل، بعدما كانت خلال الانتخابات البلدية مقراً يدافع عن خيارات ريفي وينتقد تخاذل الحريرية في مواجهة المشروع الإيراني ويرفض تمثيل سمير الجسر لطرابلس.

ويُقر الشامي أن "ريفي هوى شعبي"، ولا يملك بنية تنظيمية. لذلك، لم تتمكن الضربات المتتالية من الغاء وجوده. كما أن الشامي يتحدث عن أن سبب تركه ريفي كان عدم حصوله على غطاء سعودي ظاهر.

وبرز في الأيام الماضية ظهور الناشط هيثم فرحة الذي التحق أخيراً بخيار أحمد الحريري، بعدما كان إلى جانب ريفي. واستعرض فرحة في الفيديو ما قال إنه أموال دفعت إلى أحد مساعديه من أجل ترك المستقبل والالتحاق بتيار العزم. وهو أمر يقابله العزميون بالتهكم والتأكيد أن عدداً كبيراً من المنشقين المستقبليين انضموا بصمت إلى تيار رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي.

وتعتبر هذه الانشقاقات مظهراً من مظاهر السياسة الجديدة البعيدة من المبادئ. ففي السابق كان الطرابلسيون يدفعون في سبيل نجاح وتقدم زعمائهم من أمثال أبو عربي ورشيد كرامي. وهو ما بدأ بالانحسار مع غزو المال السياسي طرابلس إبان سيطرة ياسر عرفات على طرابلس في أواسط الثمانينيات. وتكرس هذا النمط من الولاء مع دخول رجال المال والأعمال على خط السياسة، من الرئيس رفيق الحريري، ثم ميقاتي ومحمد الصفدي وعصام فارس.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها