الثلاثاء 2018/05/29

آخر تحديث: 04:34 (بيروت)

قراءة في نتائج المجتمع المدني

الثلاثاء 2018/05/29
قراءة في نتائج المجتمع المدني
حصلت لوائح المجتمع المدني وقوى الاعتراض على نحو 98 ألف صوت (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease

لم تأتِ النسبية، التي اعتمدت للمرة الأولى في لبنان، بجديد على مستوى اكتساح لوائح أحزاب السلطة للمقاعد في جميع الدوائر الانتخابية. فاعتماد الحاصل الانتخابي عتبةً للتمثيل (وصلت نسبة الحاصل إلى 20% في بعض الدوائر) لم يشوه النسبية فحسب، بل هدف إلى إقصاء وعدم تمثيل بعض المكونات السياسية والاجتماعية، كما تقتضي النسبية الحقيقية. وإحدى أهم العيوب التي انتجتها النسبية هي أنها كشفت عن تراجع الفعل المدني للمواطنين والمتمثل في الاقبال على الاقتراع. فصحيح أن نسبة الاقتراع (49% بحسب النتائج الاولية التي صدرت عن وزارة الداخلية ولم يصدر غيرها) على المستوى الوطني لم تتراجع إلا بـ1% عن العام 2009، إلا أنه علينا أن لا ننسى أن عدد الناخبين زاد بنحو 530 ألف ناخب وبنسبة 14% عن العام 2009. أما على مستوى الدوائر بشكل منفرد، فقد تراجعت نسبة المقترعين ما بين 1% و7% في معظم الدوائر مع بعض الاستثناءات. إذ شهدت بعض الدوائر ارتفاعاً طفيفاً في نسبة الاقتراع.

أقصت النسبية المشوهة المجتمع المدني وقوى المعارضة مع استثناء بسيط تمثل بخرق وحيد للائحة كلنا وطني في دائرة بيروت الأولى. لكن، فيما لو اعتمدت عتبة تمثيل بنحو 5% أو أقل بقليل، كما هي الحال في معظم الدول التي تعتمد النسبية، لكان الخرق تمثل بأكثر من خمسة مقاعد. فلوائح كلنا وطني حصلت على 5% من الأصوات في المتن و6% في بعبدا و6% في الشوف- عاليه ولوائح بعض قوى الاعتراض حصلت على 8% في الجنوب الثانية و7% في بعبدا (مجتمع مدني وحزب الكتائب)، ولم تتمثل في أي مقعد.

على المستوى الوطني حصلت لوائح المجتمع المدني وقوى الاعتراض على نحو 98 ألف صوت، إي بنسبة 5% من مجمل الأصوات. ولكونه من المستحيل جمع كل تلك القوى في لائحة واحدة على المستوى الوطني، تميزت مجموعة كلنا وطني في كونها شكّلت 9 لوائح في 9 دوائر من أصل الدوائر الـ15 وتحت ذات المسمى، وحصلت على 39 ألف صوت، أي بمعدل ثلاثة مقاعد قياساً بالحاصل الانتخابي الذي وصل إلى 14500 صوت على مستوى لبنان.

وبعيداً من التكهنات، كان في امكان المجتمع المدني، بمعزل عن بقية قوى الاعتراض، الحصول على أكثر من ثلاثة مقاعد في ما لو خاض الانتخابات بلوائح موحّدة، حتى في ظل النسبية المشوهة. لكن الشخصانية والهرولة إلى الترشيحات وحب الظهور حالت دون توافق تلك القوى، رغم كون منطلقاتها السياسية واحدة، أي الوقوف في وجه "قوى السلطة الفاسدة".

لم تستطع، أو لم تعمل، قوى المجتمع المدني على تشكيل حالة تطرح نفسها بديلاً من القوى السياسية الحالية. وأسهم ذلك في عدم اقبال "الأكثرية الصامتة" على الاقتراع. لكن، يظلم المجتمع المدني في تحميله مسؤولية النتائج الضعيفة التي حققها، كما كتب بعض الصحافيين. أولاً، لكون المجتمع المدني خاض تجربة الانتخابات للمرة الأولى في لبنان، وبالتالي كان هناك افتقاد للخبرة التي راكمتها أحزاب السلطة. ثانياً، لا يمتلك المجتمع المدني المقدرات والسلطة التي تمتلكها الاحزاب السياسية التي وضعت القانون الانتخابي الذي يناسبها وسخّرت جميع مقدرات الدولة من توظيفات واستخدام للنفوذ وحتى لسلطة الطوائف على "رعاياها". ناهيك بالشروط التي وضعتها وسائل الإعلام على ظهور المرشحين والمبالغ الطائلة التي فرضتها عليهم.

لذا، وقياساً بنتائج القوى السياسية، تعتبر الأرقام التي حققتها لوائح المجتمع المدني جيدة ويمكن البناء عليها. وهذا ما يؤكّد عليه تحالف كلنا وطني. إذ يجري الإعداد لمؤتمر وطني لوضع الأسس للانتقال من حالة الاعتراض التي تشكّلت لخوض الانتخابات، إلى تشكيل تحالف سياسي معارض على المستوى الوطني.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها