الأربعاء 2018/05/23

آخر تحديث: 07:17 (بيروت)

عمر حكومات تصريف الأعمال: 4 سنوات خلال 13 سنة

الأربعاء 2018/05/23
عمر حكومات تصريف الأعمال: 4 سنوات خلال 13 سنة
الحكومة العتيدة ستحمل الرقم 75 لمرحلة ما بعد الاستقلال (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease

دخلت الحكومة اللبنانية الحالية مرحلة تصريف اعمال قد تطول أو تقصر مدتها، وذلك رهن بتوافق القوى السياسية على تقاسم الحصص والوزارات. فوفق الدستور تصبح الحكومة في مرحلة تصريف الاعمال إذا استقال رئيسها، أو في حال وفاته، أو إذا فقدت أكثر من ثلث عدد أعضائها المحدّد في مرسوم تشكيلها، وعند بدء ولاية رئيس الجمهورية، أو بدء ولاية جديدة لمجلس النواب، وأخيراً في حال نزع مجلس النواب الثقة عنها.

وإذا كانت الظروف السياسية الحالية بعد تبدّل أحجام ومعطيات القوى السياسية التي أفرزتها الانتخابات، تشي بدخول لبنان في مرحلة طويلة من الفراغ في المؤسسة التنفيذية، فحال اللبنانيين لم تكن أفضل في السنوات الفائتة. فقد اعتاد اللبنانيون على تدبّر شؤونهم اليومية في "حضرة الفراغ" وحكومات تصريف الأعمال. تسع سنوات من عمر المجلس النيابي الممدّد لنفسه ثلاث مرّات والمعطوفة على نحو 4 سنوات من الفراغ في السلطة التنفيذية، كفيلة بجعل المواطن يلجأ إلى "ساعده" وتدبير أموره "بالتي هي أحسن" في ظل غياب الدولة ومؤسساتها.

بعد أكثر من خمسة أشهر من تصريف الأعمال إثر الانتخابات النيابية في العام 2009، شكّل سعد الحريري حكومته الأولى. علماً أن خروجه منتصراً في تلك الانتخابات لم يعطه فرصة لتشكيل حكومة من دون عراقيل، حتى أنه اعتذر بعد نحو شهرين من التكليف بسبب الخلافات على الحصص الوزارية. وبعد "إقالة" الحريري في العام 2011 على أثر الخلافات على تمويل المحكمة الدولية التي تنظر في عملية اغتيال والده، شكّل نجيب ميقاتي حكومته الثانية بعد أكثر من خمسة أشهر من تصريف الأعمال في منتصف العام 2011. لم تنجح حكومة "اللون الواحد" هذه في تدبر شؤون الدولة وفشلت في التوصّل إلى وضع قانون انتخابي جديد وكان مصيرها الاستقالة في ربيع العام 2013.

مرة جديدة، وبعد نحو 11 شهراً من تصريف الاعمال شكّل تمام سلام حكومته في مطلع العام 2014. استمرت "حكومة الوحدة الوطنية" هذه لأكثر من سنتين لكنها ترافقت مع فراغ في رئاسة الجمهورية لنحو عامين، بالتالي كانت بمثابة حكومة تصريف أعمال لم تنجح حتى في إدارة أزمة النفايات التي نشبت في صيف العام 2015. وبمعزل عن استقالة وزير العدل ووزراء حزب الكتائب اللبنانية من تلك الحكومة، التعطيل كان سيد الموقف، لاسيما أن القوى السياسية اختلفت على كيفية توقيع المراسيم في ظل الفراغ الرئاسي. أما حكومة الحريري الثانية فتشكّلت بعد نحو شهر من تصريف الأعمال وكان هذا بمثابة انجاز، لكن مرد ذلك إلى التسويات السياسية التي تمثّلت في انتخاب رئيس للجمهورية. وبالتالي شهد لبنان في السنوات التسع التي تلت انتخابات العام 2009 أكثر من سنتين من حكومات تصريف أعمال ونحو سنتين من حكومة معطلة بفعل عدم التوافق على انتخاب رئيس للبلاد.

وإذا كانت مرحلة ما بعد اتفاق الطائف قد شهدت تبدلا كبيراً في الحكومات، إلا أن التدخل السوري كان يفرض ايقاعاً سريعاً في تكليف الرؤساء وإعادة تشكيل الحكومات. لكن مرحلة ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، في العام 2005، وصولاً إلى الانتخابات النيابية في العام 2009 كانت بمثابة مرحلة تصريف الأعمال. فحكومة فؤاد السنيورة الأولى التي تشكّلت بعد الانتخابات النيابية في العام 2005 لم يدم عقدها لأكثر من سنة ونيّف، إذ باتت بحكم حكومة تصريف أعمال من نهاية العام 2006 بعد استقالة الوزراء الشيعة منها، ولغاية منتصف العام 2008، تاريخ إعادة تشكيلة حكومته الثانية.

وفي انتظار تشكيل الحكومة التي ستحمل الرقم 75 لمرحلة ما بعد الاستقلال والرقم 18 لمرحلة ما بعد اتفاق الطائف، سيسجّل لبنان رقماً قياسياً في تشكيل الحكومات وتأليفها. ففي السنوات الـ27 الفائتة، ما بعد الطائف، تشكّلت في لبنان 17 حكومة، أي بمعدل حكومة لكل سنة ونصف السنة. وإذا أضفنا نحو 4 سنوات لمرحلة ما بعد اغتيال الحريري إلى السنوات التسع لمرحلة ما بعد انتخابات العام 2009، يكون لبنان قد عاش أكثر من 4 سنوات من حكومات تصريف الأعمال وسنتين من الفراغ الرئاسي وكل ذلك في نحو 13 سنة.. أليس حرياً باللبنانيين التعوّد على تصريف أعمالهم بأنفسهم؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها