السبت 2018/05/19

آخر تحديث: 06:59 (بيروت)

لهذه الأسباب فازت ديما جمالي

السبت 2018/05/19
لهذه الأسباب فازت ديما جمالي
تعتبر جمالي أن المستقبل ظُلم في الانتخابات
increase حجم الخط decrease

حمل نجاح النائب المنتخب ديما رشيد جمالي عن المقعد السنّي في طرابلس، على لائحة تيّار المستقبل، دلالات كثيرة. أول امراةٍ في تاريخ المدينة تدخل الندوة البرلمانيّة، شكّل فوزها مفاجأةً وعلامةً فارقةً تُحسب للرصيد الأزرق. فمرشحة المستقبل، خاضت تجربتها الانتخابيّة بناءً على رؤيتها، ولم تكن تشبه أحداً من منافسيها، حتّى المستقبل نفسه. لقد حيّدت نفسها عن الدخول في دائرة معركةٍ سياسيةٍ حاميةٍ عاشتها المدينة، واكتفت في حملتها بالعناوين التنموية والاقتصاديّة.

كذلك، أفرز فوز جمالي أجواء متناقضة، راوحت بين الغبطة والفرح والحسد والعجب. ففي ظلّ خطابٍ تنافسي حاد شهدته طرابلس بين الخصوم من الأحزاب والتيّارات، لم يتوقع أحد أن "تنفد بريشها" جمالي، وتحجز لنفسها مقعداً بشعاراتٍ لم تتطرق فيها إلى السياسة، مقابل سقوط مرشحين من الشخصيات السياسية البارزة.

"وجه ديما" كان عامل جذبٍ لأبناء المدينة. ضحكتها، تواضعها، هدؤها، ذكاؤها وشخصيتها المسالمة، جعلتها استثناءً غير مسبوق، ساهم في تعزيز تواصلها مع المواطنين من أنصار المستقبل وخصومه.

تروي جمالي في حديثٍ إلى "المدن"، تجربتها الانتخابية التي أنجزتها بوقتٍ قياسيّ، وعن تطلعاتها لطرابلس ولمهمتها التشريعية الجديدة. عند التعريف بنفسها، تسارع جمالي بابتسامة واثقة قرن اسمها بـ"الأكاديمية". تجد في شغفها الأكاديمي، الطريق التي أوصلتها إلى قلوب ناخبيها، ومن ثمّ إلى مجلس النواب. جمالي وهي بروفيسورة في كليّة إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت، تشغل منصب أستاذ كرسي كمال الشاعر في القيادة المسؤولة، ومساعدة العميد لشؤون البحث وتطوير الكلية. نالت شهادة دكتوراه في السياسة الاجتماعية والإدارة من جامعة كانت في كانتربري، المملكة المتحدة، وتمحورت بحوثها حول المسؤولية الاجتماعية للشركات والريادة الاجتماعية، بناءً على دراستها في هذين المجالين.

في العامين المنصرميّن، كانت جمالي الممثلة الوطنية للميثاق العالمي للأمم المتحدة، وترأست شبكة وطنية تابعة للأمم المتحدة تعمل مع القطاع الخاص على أهداف التنمية المستدامة. ومن خلال عملها في الشبكة، أصبح هناك نحو 150 من أكبر شركات لبنان الخاصة تعنى بمشاريع التنمية الاجتماعية الاقتصادية على صعيد لبنان.

وعبر هذا الإطار، جرى التعارف بين جمالي ورئيس الحكومة سعد الحريري. "عقدتُ لقاءً معه لأطلعه على نجاح مشروعي، ولاقترح ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص في مشاريع التنمية المستدامة حتّى يكون انعكاسها الإيجابي على مستوى لبنان". أنصت الحريري لكلام جمالي، وكان أمامه سيرتها الذاتي. وبعد انتهاء الحديث، سألها على الفور: "بتترشحي على الانتخابات؟". لم تجبه. "طلب مني عدم التسرع. وأكد لي أن هناك فرصة وأن طرابلس تحتاج إلى خبرتي".

أثناء حملتها الانتخابيّة، وجدت جمالي أنّ طرابلس متعطشة لوجوهٍ جديدة، ليس في السياسة، بل في التنميّة والاقتصاد. "الناس في المدينة همومها معيشية وليست سياسية، وهذا العنصر شجعني أكثر، لأحدثهم عن ضرورة تأسيس مشاريع تخدم مصلحتهم، خارج التفكير المعلب طائفياً وتعصبياً وسياسياً. فخطابي كان اقتصاديّاَ وتنموياً بشأن مشاريع تفيد أهل طرابلس وتخلق لشبابها فرص عمل".

هل ستكون قضايا المرأة جزءاً من مشاريع جمالي البرلمانية؟ تجزم جمالي وضع قضايا المرأة اللبنانيّة في سلّم أولوياتها. "إلى جانب مشروع التعاون والمشاركة بين القطاعين العام والخاص بالنسبة إلى المشاريع الاقتصادية والمرافق، كان تمكين المرأة بنداً أساسياً في جدول مشاريعي. بدءاً من مشروع حقّ المرأة في اعطاء الجنسية لأولادها، إلى تشريع قوانين تحمي المرأة من التعنيف الأسري، وصولاً إلى العمل الجديّ على تشريع قوانين تسهم في تعزيز حقوق المرأة، وفي تمكينها ومساواتها مع الرجل وترسيخ مشاركتها الحقيقية في شتّى الميادين".

بدا ملحوظاً أنّ جمالي تتفادى الدخول في الصراعات السياسية. "ليس هدفي إقحام مشروعي في المزايدات السياسية، التي ستجعلنا نحيد عن أهدافنا". وفي الوقت نفسه، تمدّ يدها لنواب المدينة من الحلفاء والخصوم. "إنّني منفتحة على الجميع بما يصبُّ في مصلحة المدينة التي تجمعنا، وعلينا أن نكون إلى جانب بعضنا وليس في وجه بعضنا من أجل بلوغ الأهداف الإنمائيّة".

تعلن جمالي جهوزيّتها، وتؤكد أنّها لا تخاف تحديات المرحلة الجديدة. أمّا في طرابلس، فـ"هاجسي الوحيد هو أنّ هناك حاجة كبيرة، ومهما تآزرنا في إتمامها تحتاج المدينة إلى أكثر".

وانتخابياً، تعتبر جمالي أن المستقبل ظُلم في الانتخابات، في قانون معقد وجديد، "لكننا تقبلنا النتائج ونعمل على أساسها".

ديما جمالي البالغة 46 عاماً، وهي متزوجة وأمٌّ لولدين، عمر (21 عاماً) يدرس الطبّ في أميركا، وليا (17 عاماً) في المدرسة، تختم حديثها بذكر والدها رشيد جمالي الذي كان من أشهر رؤساء بلدية طرابلس، وتقول: "تعلمتُ منه الانفتاح والاعتدال والتواضع والتفاني في حبّ المدينة وأهلها الذين يجدون في وجهي ملامح من شخصيته".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها