الخميس 2018/05/17

آخر تحديث: 06:25 (بيروت)

عقوبات أميركية- خليجية على حزب الله: ماذا عن الحريري؟

الخميس 2018/05/17
عقوبات أميركية- خليجية على حزب الله: ماذا عن الحريري؟
القرار الأميركي أكثر قسوة لكونه يستهدف نصرالله (عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease

حصل التصعيد الذي كان يحكى عنه منذ مدّة. لم تنتظر الإدارة الأميركية إصدار تشريعات جديدة تتطابق مع القوانين التي أقرت وتدرج مؤسسات وكيانات تابعة لحزب الله ودراستها في الكونغرس، لتصنيفها على لوائح الإرهاب. القرار هذه المرّة أكثر قسوة ومباشرة، إذ أنه يستهدف الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله، ونائبه الشيّخ نعيم قاسم ومساعده للشؤون السياسية حسين الخليل وإبراهيم أمين السيّد وهاشم صفي الدين. واللائحة هذه، التي حُكي عنها سابقاً، كانت تضمّ حلفاء لحزب الله لكن تدخلات دولية كبيرة حصلت منذ أشهر لتجنّب شمولها كل الشخصيات الحليفة للحزب.

الأهم من القرار الأميركي، توازيه مع قرار سعودي، صنّف عشرة أسماء من الحزب على قوائم الإرهاب. وهؤلاء هم المسؤولون الأساسيون في الحزب، وأعضاء مجلس الشورى الذي وصفته السعودية بأنه صاحب القرار الفعلي في الحزب، والذي يملك الصوت المرجّح فيه مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران. وإلى جانب نصرالله وقاسم، والشيخ محمد يزبك، وخليل، وأمين السيد، فإن السعودية صنّفت أيضاً طلال حميه، علي يوسف شراره، ومجموعة سبيكترم (الطيف)، وحسن إبراهيمي، شركة ماهر للتجارة والمقاولات، على لوائح الإرهاب متهمة إياهم بالعمل على تمويل حزب الله من أراضي المملكة.

يمثّل القرار الجديد تصعيداً غير منتظر في هذه الفترة. صحيح أن الوضع في المنطقة لا يحتمل أي تسويات أو تخفيف من حدّة التوتر، ولكن لم يكن من المنتظر صدور قرار من هذا النوع بهذه السرّعة، خصوصاً في ما يتعلّق بلبنان، لأن كل التوقعات كانت تشير إلى أن التصعيد آتٍ ولكن بعد الاستشارات النيابية وإعادة تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، كي تضمن السعودية حصتها السياسية في المعادلة اللبنانية. هذه الإجراءات بالتأكيد ستصعّب عملية تكليف الحريري بتشكيل الحكومة، كما أنها ستؤخر ولادة الحكومة. لأن حزب الله سيتشدد في الداخل كما ستتشدد إيران في الخارج. ما قد يفتح الباب أمام كثير من الاحتمالات وهي ايجاد إيران ثغرة تستطيع من خلالها الردّ على ما تتعرض له ومحورها من ضغوط. وهذا قد يكون من خلال التصعيد الحاصل في فلسطين المحتلة.

في الشق اللبناني، والتطابق السعودي الأميركي، هناك ما يشير إلى أن التصعيد سيبلغ أوجه، خصوصاً أن الإجراءات استهدفت نصرالله، وقادة بارزين ومعروفين في الحزب، بخلاف القرارات السابقة التي كانت تستهدف شخصيات متمولة غير معروفة، وليس لها علاقة بالممارسة السياسية. والأهم أيضاً هو تأكيد السعودية أنها لا تفصل بين الجناح السياسي والعسكري في الحزب. وهذه أيضاً تعتبر فيتو جديد صريح وواضح يرفض مشاركة حزب الله في أي حكومة مقبلة، أو إذا ما شارك، فهذا يعني أن السعودية قد تذهب إلى التعامل مع لبنان كأنه دولة إرهابية، أو دولة تتعامل مع الإرهاب وتوفر له الغطاء الرسمي والشرعي.

لا يمكن فصل هذه الإجراءات عن التطورات التي حصلت مؤخراً على الساحة السياسية. لقاء الحريري مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعد ابتعاد نادر الحريري عن المشهد، يحمل مؤشرات كثيرة. وكأن السعودية ترفع عنواناً أساسياً على حلفائها الإلتزام به: "إما معنا أو ضدنا". بالتالي، على هؤلاء أن يجتمعوا ويتجاوزوا الحسابات الضيقة، أو أن تلجأ إلى خيارات أخرى، وهي قد لوّحت بذلك سابقاً، لكنها عدلت عنه وأعادت توفير الدعم السياسي والمعنوي للحريري بناء على شروط وإتفاقية سياسية بينهما، كان من المفترض أن تنطلق بعد الانتخابات، وهي مواجهة حزب الله ووقف مسلسل تقديم التنازلات له.

قبل ساعات من صدور القرار الأميركي والسعودي، كان مسؤولون في الإدارة الأميركية يؤكدون أن بلادهم ستدعم لبنان ومؤسساته وبرامج التعاون ستبقى مستمرة، رغم نتائج الانتخابات، وبأن تعويل واشنطن سيبقى على دور الجيش الذي سيحصل على مساعدات جديدة بقيمة ربع مليار دولار، لأجل تعزيز قوته وتمكينه من استلام الوضع على الأرض، لا سيما في الجنوب. في الشكل العام، توحي هذه السياسة بازدواجية في الموقف الأميركي، كما كانت الازدواجية نفسها تطبع الموقف السعودي في التعاطي مع لبنان، بدعم الحريري والتسويات التي يبرمها مع حزب الله، مقابل اصرارها على مواجهة الحزب.

تأتي الخطوة بعد أيام قليلة على انتهاء الانتخابات وتوفير حزب الله الأكثرية النيابية التي ستؤمن له حصناً سياسياً منيعاً يحمي دوره في الداخل والخارج، بالتالي، فإن ذلك يعتبر ردّاً أولياً على نتيجة تلك الانتخابات، وقد يستتبع بإجراءات أخرى، خصوصاً أن البيان السعودي يتحدث عن تجميد أموال وممتلكات كل الأشخاص الواردة أسماؤهم، وكل المرتبطين بهم أو بالحزب. وهذا لا بدّ أن ينسحب على التعاطي مع اللبنانيين في دول الخليج. ما جرى هو خطوة أولى في طريق التصعيد المرتقب في المنطقة. وقد يفسّره البعض، بأنه ردّ سعودي على إرادة اللبنانيين بتغليب مصالح حزب الله، والتي ستعرّض مصالحهم للخطر، بمعنى أن الغاية هي إظهار حجم أكلاف تنامي قوة حزب الله وقدراته وإنعكاسها السلبي على اللبنانيين وأوضاعهم المعيشية والاقتصادية.

بعد هذه القرارات، وإذا ما كانت جدية وستذهب نحو التطبيق، سيكون لبنان أمام مفترق خطير ومفصلي: منع مشاركة حزب الله بالحكومة، والضغط على كل المتعاونين مع الحزب. وهذا سيعرقل عملية تشكيل الحكومة، وربما التكليف حتى. أما في حال الذهاب إلى تكليف الحريري بتشكيل الحكومة، وقبوله بذلك، فهذا سيستدرج تصعيداً كبيراً ليس ضد لبنان والحزب فحسب، بل ضد الحريري أيضاً. ولكن لدى الحزب أكثرية نيابية، وهو قادر على تكليف شخصية قريبة منه بتشكيل الحكومة. فيما الأمر يبقى معلّقاً على أمرين أساسيين. الأول: هل أن الحزب مستعد وقادر على مواجهة هذه الضغوط والذهاب نحو عزلة محلية "سنية" وخارجية خليجية وأميركية؟ والثاني يتعلّق بموقف رئيس الجمهورية والتكتل الذي ينتمي إليه والخيار الذي سيتخذه.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها