بعد مرور سبعين عاماً على تأسيس الكيان الإسرلئيلي، لا يمكن لأي مواطن إسرائيلي أن ينظر إلى الحدود الشمالية من دون إحساس متزايد بالقلق إزاء التهديد التقليدي الأكبر المتمثل بحزب الله. وبعد الجهود التي قامت بها القيادة العسكرية للحد من تطوير الحزب قدراته، اتضح لها أن هذا غير كافٍ، إذ يجب على إسرائيل أن تستثمر في قطع الحزب عن مصادر تمويله الرئيسية وانتشاره العالمي.
لهذه الغاية، لدى إسرائيل، وفق تحليل نشره موقع الغماينر اليهودي النيويوركي، أداة أخرى تحت تصرفها وقد تجاهلتها في السنوات الماضية، وهي الدبلوماسية. فمن خلال قنوات دبلوماسية مباشرة وغير مباشرة، علنية وسرية، ستسعى تل أبيب إلى خلق خناق دولي على الحزب، ويتنامى إلى حالة من الاختناق التشغيلي قبل أن يضع أي جندي إسرائيلي قدمه على الأرض اللبنانية.
يجب على إسرائيل، وفق الموقع، إقناع الاتحاد الأوروبي بتصنيف حزب الله في مجمله كـ"كيان إرهابي"، بما في ذلك الجناح السياسي. ففي ظل الظروف الحالية، أصبحت أوروبا وإيران وبعض الدول في إفريقيا وأميركا الجنوبية مصادر الدخل الأساسية للحزب ويتم نقل عشرات الملايين من الدولارات شهرياً له. وفي اللحظة التي يتم تصنيف الجناح السياسي على هذا النحو، كما يرى الموقع، سيتم التعامل مع حساباته المصرفية، والأعمال التجارية والمالية باعتبارها غير قانونية وغير مقبولة بشدة. وسيتم وضع أعضائه على قوائم حظر الطيران. ويمكن لوكالات إنفاذ القانون استخدام أدوات أكثر فعالية ضد المجموعة. وسيتم إغلاق "منطقة التجارة الحرة" التابعة لحزب الله رسمياً.
إذا ما قررت أوروبا أخيراً القيام بهذه الخطوة وفق الموقع، فإن إسرائيل ودولاً أخرى في المنطقة ستستفيد بالطبع. فالمال الأقل يعني أسلحة أقل. بعبارة أخرى، سيصبح حزب الله أقل تهديداً، وبدلاً من تدمير مخزونه من الأسلحة مع عدد لا يحصى من طلعات القصف، يمكن للدولة العبرية أن تعوق جهود الشراء مقدماً.
يرى الموقع أنه في فترة قصيرة نسبياً ستنجح إسرائيل في إقناع الأوروبيين بتحركها. وفي الوقت نفسه، كما هي الحال في أي حملة، يجب أن يتم العمل على مراحل. فأولاً، يجب تحديد الأهداف لغرض جمع المعلومات الاستخبارية عن الحزب وعرضها. ويجب أن تُظهر الدولة العبرية بوضوح للأوروبيين مدى الضرر الذي يسببه لهم حزب الله من خلال العمل غير المقيد على أراضيهم. ويجب أن تُعطى هذه المعلومات في البداية لبلد رائد كألمانيا، التي تعاني من أنشطة حزب الله وتدرك المخاطر الجوهرية.
ويكشف الموقع أنه في الأشهر الماضية، شرعت إسرائيل في هذه المهمة بشكل جدي، حيث قام فريق من الباحثين من كلية لودر للحكم والدبلوماسية والاستراتيجيا والمعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في مركز هرتسيليا متعدد الاختصاصات بمساعدة وكالات الأمن الإسرائيلية عبر العالم بجمع المعلومات وصياغتها قبل مرحلة عرضها على دول أوروبا، التي ستُطلق في الأسابيع المقبلة.
بعد ذلك، تأتي مرحلة التعبئة، حيث يكون الهدف، وفق الموقع، هو تحفيز العمل الدولي لاتخاذ الخطوات اللازمة لتغيير نهج ألمانيا- وبالتالي أوروبا كلها- تجاه حزب الله. لذلك، يشدد الموقع على أن هذه الحملة الدبلوماسية التي تستهدف الحزب حيوية وذات أهمية قصوى. فهدفها هو إغلاق كرنفال حزب الله الأوروبي وضربه ضربة قوية قبل أن تبدأ أي حملة عسكرية. وكلما تم ذلك بوقت أقرب، كان ذلك أفضل.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها