الجمعة 2018/04/13

آخر تحديث: 10:03 (بيروت)

هكذا كان مجلس نواب الحرب الأهلية: يشبه 2018

الجمعة 2018/04/13
هكذا كان مجلس نواب الحرب الأهلية: يشبه 2018
ربما كانت ظروف ولادة برلمان 1972 هي الأشبه بظروف ولادة برلمان 2018 (Getty)
increase حجم الخط decrease

لم يخطر في بال النوّاب الذين فازوا في انتخابات نيسان 1972 أنّهم سيكونون أصحاب أطول ولاية نيابيّة، استمرّت منذ ذلك التاريخ حتى انتخابات أيّار 1992. كان ذلك مجلس نوّاب الحرب الأهليّة، الذي عايش مقدّماتها وثم أحداثها، وصادق على اتفاق الطائف في نهايتها.

سقوط التكتّلات الكبرى
قبل تلك الانتخابات، ووفقاً لنتائج دورة العام 1968 الانتخابيّة، حاز أقطاب التحالف الثلاثي على حصّة وازنة في المجلس (30 من أصل 99 مقعداً). ضم هذا التحالف حزب الكتائب بقيادة بيار الجميّل وحزب الوطنيين الأحرار بقيادة كميل شمعون والكتلة الوطنيّة بقيادة ريمون إدّة، لمواجهة كتلة النهج الشهابي بشكل أساسي، ورفضاً لوجود منظّمة التحرير الفلسطينية كطرف وازن على الساحة المحليّة.

سرعان ما أدّى اختلاف وجهات النظر في شأن إتفاق القاهرة إلى تفرّق أقطاب هذا الحلف. كما شكّل وصول سليمان فرنجيّة إلى الرئاسة الضربة القاضية لما تبقّى من النهج الشهابي في السياسة. هكذا، سقط قطبا "النهج" مقابل "التحالف الثلاثي"، ليسقط معهما الاستقطاب على صعيد الساحة السياسيّة اللبنانيّة.

ذهبت الأحزاب والقوى السياسيّة اللبنانيّة إلى الدورة الانتخابيّة في العام 1972 بعيداً من الاصطفافات والمحاور الكبرى السابقة، لتخوض الاستحقاق وتدخل المجلس كتلاً صغيرة محليّة، تتّفق "على القطعة" حيث يجب. حافظ الزعماء المحليّون وقادة الطوائف على مواقعهم، وفق التوازنات نفسها، لكن من دون التحالفات الكبيرة التي طبعت الفترة السابقة.

ربما كانت ظروف ولادة برلمان دورة 1972 هي الأشبه بظروف ولادة برلمان 2018: عودة إلى الحسابات البراغماتيّة والتحالفات المحليّة الصغرى، بعيداً من الرهانات الاقليميّة الكبرى التي طبعت ثنائيّات النهج الشهابي- التحالف الثلاثي في ذلك الوقت، أو 14 آذار- 8 آذار حديثاً.

قانون الستّين
يومها، جرت الانتخابات وفق قانون العام 1960، الذي جرى اعتماده في 4 دورات انتخابيّة متتالية كان آخرها دورة 1972. وكان عدد المقاعد النيابيّة 99، 54 منها للمسيحيين و45 للمسلمين، وفقاً لمعدّل 5 و6 مكرّر الذي كان متّبعاً قبل اتفاق الطائف لتقسيم النوّاب بين المسلمين المسيحيّين.

توزّع نوّاب المسلمين في هذا المجلس بين السنّة (20 نائباً) والشيعة (19 نائباً) والدروز (6 نوّاب). بينما توزّع نوّاب المسيحيّين بين الموارنة (30 نائباً) والروم الأرثوذكس (11 نائباً) والروم الكاثوليك (6 نوّاب) والأرمن الأرثوذكس والكاثوليك (5 نوّاب)، بالإضافة إلى مقعد لكل من البروتستانت والأقليّات.

تكتّلات وأحزاب
أفرزت تلك الانتخابات تكتّلات عدة، تميّزت بتنوّعها وعدم انتظامها وفق تكتّلات كبرى بحسب انقسامات فترة الستّينات. فمن أصل 99 مرشّحاً انتمى 63 مرشّحاً إلى تكتّلات وزعامات محليّة، مثل كتل آل فرنجيّة شمالاً (9 نوّاب)، وسكاف بقاعاً (8 نوّاب)، وكرامي في طرابلس (7 نوّاب)، والأسعد جنوباً (7 نوّاب)، وحمادة في بعلبك- الهرمل (6 نوّاب)، وإرسلان في الجبل (4 نوّاب)، وانضم 3 نوّاب إلى كتلة صائب سلام.

أمّا على صعيد الأحزاب، فقد تمكّنت من إيصال 36 نائباً، بينهم 11 نائباً للأحرار و7 للكتائب و5 للتقدمي الاشتراكي و4 للكتلة الوطنيّة و5 نوّاب لحزب الطاشناق. وباستثناء حزب الكتلة الوطنيّة وآل حمادة اللذين إنحسر حضورهما بعد الحرب، يمكن للمشاهد أن يلاحظ أن جميع هذه الأحزاب والزعامات المحليّة ما زالت تحافظ بشكل أو بآخر على حضورها في انتخابات 2018.

محطّات مفصليّة
بين جميع المجالس النيابيّة، يمكن القول إن هذا المجلس عاش أطول ولاية من حيث عدد السنوات، بسبب عدم إجراء انتخابات نيابيّة طوال فترة الحرب. أمّا من حيث التحوّلات والأحداث، فولايته كانت الأغنى. إذ شهد هذا المجلس جميع مقدّمات الحرب الأهليّة، في العام 1975، كما شهد الدعوات المثيرة للجدل إلى عزل حزب الكتائب في بداية هذه الأحداث، والتي يُقال إنّها أعطت الكتائب مزيداً من الزخم الشعبي.

وإبان الحرب، قام المجلس بانتخاب الياس سركيس رئيساً قبل 7 أشهر من انتهاء ولاية سليمان فرنجية، من دون أن يستلم سركيس السلطة قبل انتهاء ولاية سلفه. وكان الهدف من هذه الخطوة تلافي حصول فراغ في منصب الرئاسة الأولى بعد انتهاء ولاية فرنجيّة، في حال عدم حصول انتخابات رئاسيّة بسبب الحرب.

وشهد المجلس أحداثاً أخرى مثيرة للجدل، مثل انتخاب الرئيس بشير الجميّل خلال الاجتياح الإسرائيلي، في العام 1982، في جلسة قيل إنّها جرت تحت ضغط المدافع. واتهم البعض القوّات اللبنانيّة بإحضار بعض نوّاب المجلس عنوة إلى الجلسة لتأمين النصاب. وانتخب هذا المجلس أمين الجميّل رئيساً بعد اغتيال شقيقه بشير.

أخيراً، في بدايات التسوية، كان هذا المجلس نفسه من رفض أوامر ميشال عون بعدم التصويت لمصلحة البنود التي نصّ عليها اتفاق الطائف، رغم تهديدات عون للنوّاب بمنعهم من العودة إلى "المناطق الشرقيّة". وانتخب هؤلاء النوّاب رينيه معوّض ومن بعده الياس الهراوي للرئاسة، وصوّتوا على القرار المثير للجدل بتعيين 55 نائباً إضافياً في العام 1991.

وفي العام 1992، انتخب اللبنانيّون للمرة الأولى منذ 20 عاماً مجلساً نيابيّاً جديداً، لتنتهي بذلك حقبة نوّاب شهدوا أطول ولاية نيابيّة، وأكثرها صخباً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها