الأحد 2018/12/09

آخر تحديث: 00:35 (بيروت)

مهزلة سياسية: حزب "سبعة" يقفل إدارة رسمية مقفلة

الأحد 2018/12/09
increase حجم الخط decrease
"الثورة عم بتناديك.. الثورة عم بتناديك.. قوم تحدى الظلم..". أن تستيقظ في هذا الصباح الماطر على وقع أغنية ماجدة الرومي بصوت صاخب يصمّ الآذان، فلا يسعك إلّا شتم جارك الذي قرّر أن يثور، هكذا فجأة من دون إبلاغك مسبقاً.

صباح السبت
تخرج إلى الشرفة فترى جمهرة لبعض الناس أمام مبنى الـTVA التابع لوزارة المالية، إلى جانب مستديرة العدلية. رويدا رويدا تكتشف أنّ "حزب سبعة" قرّر الاحتجاج على الطبقة السياسية، المتخاذلة في عدم تشكيل الحكومة، وقرّر إقفال هذه الإدارة الرسمية، أمام الموظفين والناس، متوعّداً بتكرار فعلته هذه أمام مبانٍ رسمية أخرى في الأيام المقبلة.. إلى حين تشكيل الحكومة.

سدّت مجموعات صغرى تتألف كلّ منها من خمسة أو ستة أفراد، المداخل الثلاثة عشر لهذا المبنى الضخم المتّهم بسرقته للناس، عبر جني الضرائب.

لكن مهلاً، هل تعلمون أنكم تقفلون إدارة رسمية تقفل يوم السبت، عملاً بالدوام الجديد للإدارات الرسمية؟ البعض يجيب: لا ليس صحيحاً، بل يفتح جزئيا اليوم، والبعض الآخر لا يعلم حقيقة الأمر. لكن أحدهم، وإذ شعر بحرج من تكبّد عناء الطريق من إحدى البلدات الشوفية، في هذا اليوم الماطر، لإقفال إدارة مقفلة، استدرك بالقول: "هذه خطوة رمزية، بمثابة تهديد رمزي لهذه الطبقة السياسية، التي لا تشعر مع الناس ولا تريد تشكيل الحكومة". إلى جانبه شاب آخر، ظنّ أنه أكثر ذكاءً، فلفت إلى أنهم كانوا يخططون لإقفال المطار، فالأخير يمسّ جميع الناس ويحدث ضجّة كبيرة، لكنهم عادوا عن الفكرة مكتفين بإقفال هذا المبنى، الذي يفتح جزئيا اليوم، كما قال. إلى جانبهم مواطن عادي، من متابعي صفحات الحزب على منصّات التواصل الاجتماعي، لبىّ الدعوة رغم سوء الأحوال الجوّية. فقد ضاق ذرعاً من الأحزاب السياسية، ومن الفساد، ويريد الخلاص من الأوضاع السيئة التي أوصلوا إليها البلاد.

"قوات الدعم"
التعليمات واضحة من زعيم الحزب. لا لفكّ الأقفال ونزع السلاسل المعدنية، لفتح الأبواب بالقوة من قبل القوى الامنية. فحزب سبعة، القادم من المجتمع المدني وعالم السوشل ميديا، الذي يحاول محاكاة تجارب بعض الحركات السياسية "الشعبوية" الأوروبية الحديثة، رغم كونه ينبذ العنف ويريد التمايز عن جميع الأحزاب السياسية اللبنانية التقليدية، يملك القوة لمنع القوى الأمنية من الدخول رغماً عن شبابه. يقول رجل ستيني: "فلتدخل القوى الأمنية على جثثنا، سنقاومهم. واستدرك، لكن مثل مقاومة غاندي، فنحن نرفض العنف". أما ابن بعلبك، بخاتمه الفضّي، فأبرز فتوّة "الحزب"، رغم نفيه الإنتماء إليه، "بدن يستقوو علينا؟ يروحوا يجيبوا وئام وهّاب قبل". أما الشاب الأكثر حماسة، والذي تجمهر حوله بعض الشبان أمام المدخل الرئيسي فقال: ربما عددنا قليل في هذا اليوم الماطر، لكن أي محاولة للدخول بالقوة سنواجهها بقوات الدعم التي تنتظر الاشارة!

في المقلب الآخر فتيان لبّوا الدعوة من دون علم مسبق بفحواها وكيفية انتهائها. قيل لهم قفوا هنا واقفلوا الأبواب وامنعوا أي شخص من الدخول ففعلوا. لكن لماذا اختاروا هذا المبنى بالتحديد وليس سواه، لا يعلمون. وعندما قيل لهم إنّ القوى الأمنية ستدخل عنوة، لاذوا بصمت الغافلين عن أفعالهم. ووزعوا ابتسامات من شعر بسوء فعلته، مقرراً التبرؤ من شائنة اقترفتها يداه من دون علمه. ولسان حالهم البديهي "نحنا ما خصنا، يجوا يفوتوا، أهلاً وسهلاً".

هذا في الجانب الخلفي للمبنى، أما المعتصمون أمام البوّابات الرئيسية المطلّة على الشارع العام والرأي العام المتحرّك بسيّاراته، فيعلمون جيداً أهمية المهمة الموكلة إليهم. فهم يقفون ليس من أجل الحزب، بل من أجل جميع المواطنين المتضررين من عدم إقدام الطبقة السياسية الفاسدة على تشكيل الحكومة. أما وقوع الخيار على هذا المبنى فلرمزيته في سرقة الشعب من خلال تحصيل الضرائب. 

ورود ورسالة 
لا تستخفوا بحزب سبعة، فلديه مناصرين شباب بلحىً كثّة يرتدون السترات السوداء، المدنية، ويحملون أجهزة لاسلكية لتأمين أمن المعتصمين، والبقاء على تواصل معهم حول محيط المبنى الضخم ببواباته الكثيرة. لكن لا داعٍ للشكّ بحداثة الحزب، فصبايا الحزب حملوا الورود لتوزيعها على المارين والسيّارات، ولم يمنعهم الشتاء الماطر من تأدية "الرسالة".

لا يعلم صاحب الحزب، الذي أنفق خمسة وأربعون ألف دولار، لقاء إطلالة إعلامية أثناء حملة الانتخابات النيابية، أن اللبنانيين اعتادوا على العيش من دون حكومات خلال السنوات العشر الفائتة، وبأنهم آخر من يهتمّ اليوم لتشكيل الحكومة، خصوصاً إذا كان "سبعة" هو يحاول النطق باسمهم. لكن لا ضير من المضيّ في العراضات الإعلامية لإقفال مؤسسة عامة يفترض بها أن تكون مقفلة في أيام العطل الرسمية. لكن حذاري أيتها الطبقة السياسية الفاسدة، فـ"سبعة" وعد بخطوات أكثر تصعيدية في الأيام المقبلة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها