السبت 2018/12/08

آخر تحديث: 00:14 (بيروت)

حريرية وجنبلاطية وثنائية شيعية

السبت 2018/12/08
حريرية وجنبلاطية وثنائية شيعية
يجب فتح هامش تحليل واسع للتمييز بين حركة أمل وحزب الله (المدن)
increase حجم الخط decrease
تعطيل تشكيل الحكومة اللبنانية حتى تاريخه، ليس شأناً خاصاً بالسنّية السياسية، أو الشيعية السياسية، أو المارونية السياسية.. وبالجملة، فإن الحكومة بما هي الجهة التنفيذية في مؤسسات الدولة، ليست ميدانا للتناحر وتصفية الحسابات الداخلية والخارجية، بين الإسلامية السياسية والمسيحية السياسية.

دور "حركة أمل"!
صار أداء المذهبيات السياسية بمجمله عبثاً صافياً بحياة المواطنين، وهذا مما ينال من أمنهم الشخصي، ومن أمنهم الجمعي، ومن اتساق اجتماعهم اتساقاً طبيعياً ومنطقياً، ومن كل ما يتصل بلقمة عيشهم وبمستقبلهم المشترك القريب، وبمصيرهم الكياني الاستقلالي البعيد.

في مجال التعطيل هناك مسؤوليات عامة مشتركة يتقاسمها النظام السياسي الطائفي عموماً، مثلما هناك تراتبية على سلم المسؤولية عن إدامة تعطيل الحياة السياسية، وعن اختطافها وزجها في سجن هذه المذهبية السياسية أو تلك، ولدى هذه الفئة من المذهبية أو سواها من الفئات.

من دفتر اليوميات أو من كتابها، تحتل الشيعية السياسية بقيادة طرفها الأبرز، حزب الله، الدرجة الأولى على سلم التعطيل، وفيما لا يظهر هذا الطرف اهتماماً واضحاً بمصالح اللبنانيين عموماً، فإن الشيعية السياسية مجتمعة لا تظهر امتعاضاً من سياسة أحد أطراف ثنائيتها، أي حركة أمل وحزب الله، ولا ترسل إشارات إلى باقي الأطياف اللبنانية تظهر من خلالها تململها أو عدم رضاها عن ما يصاغ باسمها من سياسات. في هذا المجال ومن منطلق الموقف التكتيكي يجب فتح هامش تحليل واسع للتمييز بين حركة أمل وحزب الله، انطلاقاً من عوامل وأسباب النشأة مروراً بالبنية والمرجعيات السياسية والفقهية، وصولاً إلى الدور الذي لعبه ويلعبه كلٌّ من الطرفين، داخل الميدان الذي تختص به الدولة كمجال وطني عام، وكما في سائر المجالات التي تحمل الاسم العمومي الوطني. حتى تاريخه، يمكن القول أن حركة أمل لم تعترض بالموقف على سياسات شريكها في الثنائية، وظلت دون سقف تشكيل قطب "آخر" يقود الشيعية السياسية إلى غير ما يقودها إليه حزب الله، وهي، أي حركة أمل، لم تلعب دوراً تعديلياً ظاهراً يخفف من وطأة "الإطلاقية" التي يطلع بها حزب الله على مجموع اللبنانيين.

فارق الحريرية والحزبلاهية
حدثٌ من اليوميات المشار إليها جاء من منطقة الشوف. كان الظاهر إجراءً قضائياً، ثم صار مسألةً "وطنية كبرى" قيل لنا أن تداعياتها لو تمادت لكانت كفيلةً بتهديد السلم الأهلي. في خضام هذا الميدان لم تحضر أمل، واعتلى المنصة حزب الله وكان مؤسسة الدولة والحريرية والجنبلاطية هي المخاطب المتَّهم، وكان المنقذ من ضلال الفتنةِ ما اصطلح اللبنانيون على تسميته "محور الممانعة"، هذا الذي يجوز القول فيه سياسياً، أنه محور الامتناع عن تسهيل السبيل إلى المشتركات اللبنانية.

وبما أن الأسماء المعنية أضيفت إلى الحدث الأمني الملتهب في الشوف هي ذات الأسماء الواردة في مسألة التعطيل الحكومي، فإن النظرة التفكيكية تقتضي أيضاً التمييز بين إسم وإسم وبين فئة مذهبية سياسية وأخرى.

سياسياً ومن دون إطالة، نختلف مع السيد وليد جنبلاط ونخالفه، ولا نلتقي مع شخصية وئام وهاب، وفي ذات السياق عارضنا ونعارض مسمى "الحريرية"، بما مثلته وبما ما زالت تمثله من سياسات، وعارضنا ونعارض حزب الله بما قام ويقوم به، من سياساتٍ لا علاقة لها بعنوان المقاومة والتحرير.

لكن المعارضة لسياسات الشيعية السياسية ومن ضمنها حزب الله، ومعارضة " الدرزية السياسية" وفي أساسها وليد جنبلاط، لا تجعل الحريرية شبيهةً بالحزب اللاهية، ولا تجعل وئام وهاب ظاهرة ذات شأن قادرة على منافسة الجنبلاطية. هناك مشترك بين الحريرية والحزب اللاهية هو: السعي للحصول على الحصة الوازنة المقررة في السياسات اللبنانية، وهناك افتراق بين الظاهرتين: الحريرية تسعى إلى هدفها من خلال قنوات البلد ومصطلح الدولة، أما حزب الله فيسعى إلى هدفه من خلال شق قنوات له على هامش البلد ومن فوق رأس مصطلح الدولة وتوازناته المعروفة.

الداخل والخارج
والإثنان، حريرية وحزب اللاهية يتقاطع في قنوات كل منهما الداخل والخارج، مما لا يسمح لأحدهما بالقول بوطنيةٍ خالصة وصافية، ومما يسمح في الوقت عينه بقول الرأي الواضح في خارج كل منهما وموقفه من لبنان ورؤيته لنفوذه فيه وخططه للحصول على هذا النفوذ. هناك تباين بين خارجٍ إيراني وغير إيراني، وخارجٍ عربي عموماً لا تخطئه العين المستقلة ولو كره الملتحقون. بين وئام وهاب ووليد جنبلاط لا مشتركات. وليد جنبلاط يسعى في السياسة من أجل موقعه، وئام وهاب لا يسعى بل يوجه للسعي من أجل غيره. الجنبلاطية إسم أصيل. حزب التوحيد إسم مفبرك دخيل... وهكذا.

مجددا، ومن موقع الخلاف والاختلاف والقراءة المستقلة، يقوم الموقف على التدقيق السياسي الذي لا يعترف بالمثل الذي تعرفه العامة جيداً: كله عند العرب صابون.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها