الأحد 2018/10/07

آخر تحديث: 01:04 (بيروت)

نهر الغزيل: المياه الآسنة أقوى من "صخور" بر الياس؟

الأحد 2018/10/07
نهر الغزيل: المياه الآسنة أقوى من "صخور" بر الياس؟
لم تعد "الوعود" مقبولة بالنسبة إلى أهالي بر الياس وناشطيها
increase حجم الخط decrease

تبدو المياه الآسنة المتدفقة من قناة رئيسية تصب في نهر الغزيل قرب جسر دير زنون في البقاع، أقوى من كل إرادة لوقف سمومها. فبعد نحو أسبوع من المحاولات الحثيثة التي اجراها ناشطون من لجنة متابعة تلوث الليطاني لسد منافذ "مجارير" عنجر ومجدل عنجر التي تصب قرب إنوف أهالي بلدة برالياس، تكبد هؤلاء خسائر كلفة أطنان من الصخور والأتربة، ملأوا بها فوهة القناة المتدفقة، ولكن مياه المجارير بقيت تجد بعناد منافذها، في مشهد قد يعتاد عليه النظر، ولكنه لا يمكنه أن يطوّع صحة المواطنين القاطنين بقربه.

غير أن "الاحباط" لم يقتصر على فشل محاولات اعتراض مجرى المياه الآسنة، بل كادت عدواه تنتقل إلى المناشدات الحثيثة لإيجاد الحلول، لولا تحرك مفاجئ دعا إليه ناشطو اللجنة، ارادوا من خلاله اطلاع أهالي بلدتهم على ما توصلوا إليه خلال أيام من المراجعات التي اجروها مع رئيسي بلديتي عنجر ومجدل عنجر، فتم "توريط" التحرك باعتصام مفتوح، كاد يتطور إلى إقفال دائم للطريق الرئيسية التي تربط بر الياس بعنجر ومجدل عنجر، لو أن الأهالي اظهروا عزماً أكبر على مساندة الناشطين، أقله بتأمين الغطاء لهم في مثل هذا القرار الذي جبه بمنع أمني.

اللافت في الأمر أن من دعا إلى نصب خيمة دائمة لإقفال الطريق الرئيسية هو رئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين، محاولاً من خلاله التذكير بمجارير برالياس التي تصب بدورها على جيرانها، "التنصل" من مسؤولية البلديات تجاه معضلة فقدان محطات التكرير "المزمنة" عبر القاء اللوم على الوزارات والادارات المعنية، لاسيما وزارتي الاشغال والطاقة.

إلا أن ذلك لا يعني وفقاً لرئيس بلدية عنجر وارتكس خوشيان أن البلديات لا تتفهم الغضب الشعبي تجاه البلدات الملوثة، معلناً ضم صوت البلديات إلى المعترضين. ويرى خوشيان أن لدى البلديات المجاورة مصلحة مشتركة بإزالة مجارير عنجر ومجدل عنجر عن الغزيل، ولو بجهد بلدي، لأن موضوع التلوث لم يعد مزحة، وهذه المنطقة لم تعد تحتمل الاهمال، والمسألة باتت مسألة كرامات في اسماع الصوت إلى المسؤولين. ويعلن خوشيان عن خطوات "فعالة" اتخذت، من خلال وضع خطة مشتركة لانشاء محطة تكرير لمياه الصرف الصحي في عنجر ومجدل عنجر، انجزت 80% من دراساتها، في انتظار أن يستقر رأي الشركة الملتزمة على قطعة الأرض المناسبة لإنشاء المحطة، مع ترشيح قطعتي أرض، وحل معضلة "التمويل" الذي يرفض خوشيان الكشف عن مصادره قبل أن تتضح الامور.

يدرك ناشطو لجنة متابعة تلوث الليطاني أن الشارع قد لا يكون "ورقة الضغط المناسبة" لملاحقة مطلب "انقاذ الغزيل". وإذا كان قد حقق مبتغاه بالنسبة إلى تشغيل محطة تكرير زحلة التي "اعتقت" بر الياس من قسم كبير من السموم التي كانت تتدفق مع مجارير زحلة إلى بلدتهم عبر مجرى نهر الليطاني، فإن محاولة انقاذ الغزيل من التلوث تبدو كالضرب في الميت، خصوصاً أن لا ملامح لجهد يبذل من أجل وضع ولو خطة متكاملة واضحة تفضي ضمن فترة زمنية محددة لانشاء محطة تكرير في المنطقة، كما طالب ربيع الميس باسم الناشطين.

لم تعد "الوعود" مقبولة بالنسبة إلى أهالي بر الياس وناشطيها، لأن "الناس فقدت الثقة بالمسؤولين". إلا أن نضالهم يحتاج إلى أكثر من مواقف مؤيدة تطلق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وربما إلى دعم أكبر من جانب بلديتهم، التي لاموها على غيابها عن تحركهم.

فيما وعدت لجنة المتابعة بأنها ماضية في استخدام وسائل الضغط كلها حتى النهاية، حتى لو كان الانطباع السائد لديها أن نضالها هذه المرة سيحتاج إلى نفس أطول، وربما إلى تضامن أكبر من جانب أهالي بر الياس مع قضية رفع التلوث عن بلدتهم، خصوصاً أن ما كان محتملاً طوال سنوات غياب محطات التكرير، لم يعد كذلك مع التبدل المناخي الذي فرض تراجعاً في منسوب المياه النظيفة المتدفقة في الأنهر. فالمرض الذي غدر بخبث بأهالي البلدة سابقاً، صارت له منذ سنوات رائحة أيضاً، تذكرهم دوماً بأن الكل في البلدة مشاريع ضحايا أنهر كانت سابقاً هي من تمدهم بالحياة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها