الجمعة 2018/10/05

آخر تحديث: 06:52 (بيروت)

جعجع وفرنجية يتقاربان: مَن تغيّر؟

الجمعة 2018/10/05
جعجع وفرنجية يتقاربان: مَن تغيّر؟
باسيل أجبر جعجع وفرنجية على التقارب (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease


لو وافق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قبل سنتين ونصف على ترشيح الرئيس سعد الحريري رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، لكان فرنجية اليوم في بعبدا بدلاً من الرئيس ميشال عون. نجح جعجع بقطع الطريق على فرنجية حينها. كأن هناك من يستذكر مفاضلة كمال جنبلاط في الانتخابات الرئاسية في العام 1970 بين الرئيسين الراحلين سليمان فرنجية والياس سركيس. يومها، سار جنبلاط بترشيح فرنجية، لكنه ندم فيما بعد، وربما الأمر نفسه تكرر مع جعجع في انتخابه ميشال عون.

ردّ جعجع على مبادرة الحريري بتعميق التفاهم مع التيار الوطني الحر وتبني ترشيح عون لرئاسة الجمهورية. يومها، لامه كثر على موقفه، واعتبروا أنه يخطئ في الحساب والتقدير. بالنسبة إلى الذين عارضوا خطوة جعجع اعتبروا أن فرنجية ابن الطائف، ولا خوف معه على التوازنات، ويبقى زعيماً مناطقياً في الشمال، بخلاف عون الذي يصعب توقّع ما يمكن أن يفعل، وهو زعيم مسيحي على طول البلاد وعرضها. لكن حسابات جعجع كانت يومها مختلفة، أولاً أراد الردّ على كيفية تصرّف حليفه سعد الحريري معه، وعدم وضعه في صورة ما يفكّر فيه، وثانياً لناحية إجراء المصالحة في الشارع المسيحي، التي ارتدت إيجابياً على القوات، وخصوصاً لجهة عدم قدرة أي مناصر او قيادي في التيار الوطني الحرّ وصفها بالميليشيا أو تحميلها أوزار الحرب، كما كان الوضع قبل حصول التفاهم.

اليوم، تدنو العلاقة بين القوات والمردة من إبرام تفاهم ومصالحة. الجواب البسيط والبديهي لما يجري، هو أن المصيبة تجمع الطرفين. كل منهما بحاجة إلى الآخر في مواجهة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وهذا ما يحتّم التقارب بينهما او يسرّع من وتيرته، خصوصاً أن حسابات رئاسة الجمهورية لما بعد ولاية الرئيس عون، أصبحت الطاغية في حسابات القادة الموارنة. رفض جعجع سابقاً أن يكون فرنجية رئيساً للجمهورية، ولكن ممارسة باسيل وتصرّفاته هي ما دفعه إلى التسريع في التقارب مع فرنجية، مع الإشارة إلى أن التواصل كان قائماً منذ فترة.

يريد جعجع سنداً مسيحياً. بعد اتفاق معراب تعرّض رئيس القوات لعملية خداع من جانب باسيل، وفق القواتيين الذين يرون أن وزير الخارجية تنكر للتوقيع على التفاهم لحظة وصول عون إلى بعبدا. هذا التفاهم كان قد خسر جعجع حلفاءه السابقين من المستقلين في قوى الرابع عشر من آذار. وكان في ظّنه أن يتقاسم مع التيار المواقع السياسية والإدارية في الدولة. تعرّض لهذه الطعنات، وهو يبحث عن ظهير مسيحي لمواجهة التيار الوطني الحر، خصوصاً أن هناك صعوبة في اللقاء مع مستقلي قوى الرابع عشر من آذار، الذين أصبحوا خارج السلطة بفعل تفاهم معراب. فرنجية اليوم في صلب السلطة، وبعد انتخاب عون لن يكون هناك إشكال في السياسة بالتفاهم مع المردة، مع حفظ كل طرف موقعه.

يبقى الجانب الأساسي في الإشكال بين جعجع وفرنجية هو الشخصي بشأن قضية طوني فرنجية، التي جرت معالجتها في محطات عديدة. هناك من يعتبر أن خطاب فرنجية لم ولن يتغيّر في السياسة، بينما جعجع هو من يتغيّر متقارباً مع أحد أبرز حلفاء النظام السوري. وهناك من يعتبر أن هذا ليس تغيّراً، بل مسار جديد تخوضه القوات إنطلاقاً من حفاظهاً على ثوابتها ومبادئها. لكن الأكيد أنه سينطوي على متغيرات سياسية عديدة على الساحة المسيحية، تنسيقاً في حقبة العهد الحالي، وتأسيساً لمرحلة مقبلة على صعيد الرئاسة وغيرها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها