الثلاثاء 2018/10/23

آخر تحديث: 06:30 (بيروت)

ما العمل؟.. سؤال واضح ومعارضات ملتبسة

الثلاثاء 2018/10/23
ما العمل؟.. سؤال واضح ومعارضات ملتبسة
أي نمط اقتصادي يعيش في ظله اللبنانيون؟ (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease
سؤال ما العمل ليس أحجية ترى في ملعب النقاش، والجواب يكتسب جديته وصعوبته من جدية الواقع اللبناني وصعوبته. إذا كانت نقطة بدء النظر في مواضيع لبنان، فذلك يعني أن جواب ما العمل ينطلق من معاينة المواضيع ذاتها، وإذا كان التفكير بكل موضوع هو وجه عملة النقاش الأول، فإن الممارسة التي تبنى على خلاصات كل نقاش هي الوجه الآخر لهذه العملة.

وكي يكون النقاش محدداً، ينبغي على من يبادر فكرياً أن يضع جدول موضوعاته التي يرى نقاشها ضرورياً ومجدياً ومطلوباً وممكناً. ذكر هذه المواضيع يبدأ من الأهم إلى المهم، ومن العاجل إلى الآجل، ومن الملح إلى الأقل إلحاحاً.

في هذا السياق المواضيعي، يكون هدف المبادر أو المبادرين، تقديم ملخص واضح عن الهوية الفكرية الجديدة، أي عن المبررات الفكرية التي تجعلها جديدة بالقياس إلى السائد فكرياً في الحياة اللبنانية العامة.

السائد كما هو معلوم ليس الفكر الرأسمالي فحسب، وليس الفكر الديني فحسب، وليس المنوعات المذهبية والمدنية والليبرالية فحسب، بل منوعات الفكر اليساري أيضاً.

إذن، تواجه مجموعة "ما العمل" الجديدة مهمة السجال ضد القديم السائد بكل منوعاته، وهذه مهمة لا يستطيع أي داعٍ إلى الجديد تجاهلها أو عدم الخوض فيها حتى خواتيمها، إذ من دون ذلك يصير الجديد ادعاءً فكرياً، وتكون مقولاته نسخة منقحة عن السائد، بسطور جديدة تحمل ذات الأفكار أو تكون نسخة شبيهة لها في أحسن الأحوال.

الصعيد الفكري هذا له ما يقابله من مواضيع تقتضي مقاربات جديدة، تنتسب إلى وقائع المواضيع في الراهن، وليس إلى ما هو معلوم عنها في الماضي.. ولنذكر أمثلة: ما طبيعة النظام اللبناني الحالي، وما مدى مطابقة ما كان يوصف به لواقعه الحالي؟ ماذا يعني اختلال التشكيلة الطائفية الحالية؟ هل هو اختلال موازين ديمغرافية  وتبدل في التراتبية الداخلية منذ الاستقلال وحتى اليوم؟ وما هي العناصر المادية التي أفضت إلى هذا التبدل؟ ماذا يعني الحديث عن نخبة لبنانية؟ كيف تعرف الشرائح الاجتماعية؟ ما الأرقام التي تجعل النقاش ملموساً وغير مبني على جملة من الذكريات؟ أي نمط اقتصادي يعيش في ظله اللبنانيون؟ ما الأرقام وما القطاعات وما الناتج العام وما المعضلات التكوينية التي تتحكم بهذا الاقتصاد... ما ورد مجرد أمثلة، وكل ما في الوضع اللبناني يكمل سلسلة الأمثلة التي تتطلب قولاً جديداً يشكل تجاوزاً لما هو معروض من أقوال.

الخلاصة مما ذكر: كل مبادر إلى الجديد تواجهه نقطة معرفية تحيط بالجوانب الأهم من البنية الوطنية الداخلية منظوراً إليها من الداخل، وتحيط بالجوانب الأهم من الوضعين الدولي والإقليمي والعربي، منظوراً إليها من معادلة اتصالها بالبنية اللبنانية وانفصالها عنها، بالتأثير المباشر وغير المباشر.

من المعرفة نبدأ نصوغ الخلاصات ونعممها ونعرضها للنقاش... نتحمل مسؤولية ما نقول، ثم نتحمل ما نمارسه بمقتضى قولنا.

من يقوم بذلك، البداية تكون مع مجموعة تتولى الخوض في المواضيع وفيما يترتب على ذلك. تحدد المجموعة ذاتها: إسماً وهوية وإطاراً. تضع المجموعة لذاتها برنامج عمل. تتصل المجموعة بالآخرين ككيان له تعريفه. تشارك في التحركات او تدعو إليها ككيان مستقل. تنظم سجالاتها وتصوّغ أفكارها ومواقفها بانتظام. تعمل لتصير حزباً آخر بكل ما تنطوي عليه معاني الحزبية الجديدة، بحيث لا تكون الحياة الداخلية نسخة من مركزية ديمقراطية أخرى، أو نسخة من "مدنية" مزاجية يضح بها الشارع اللبناني على غير مراكمة سياسية منتجة.

خلاصة ثانية مما ذكر: المبادرة إلى الحركة، فكرياً وفي الشارع، وحول مواضيع محددة مسبقاً من قبل نواة نضالية لها هويتها واسمها وكيانها... هي الجواب الأول على سؤال ما العمل؟

تتكفل الاستمرارية النضالية، فكرياً وعملياً، في توسيع قاعدة المبادرة الاجتماعية، وتتكفل التجربة بإنتاج قياداتها، بما يتجاوز المبادرين الذين ربما باتوا في الهزيع الأخير من الأيام. ماذا عن القوى المضادة، السلطوية العارية والطائفية المقنعة؟ هذا يعني سؤال: أي شكل من أشكال التنظيم في مناخ انكشاف كل الحياة السياسية؟ لكل حالة لبوسها التنظيمي، وهذا سؤال أساسي من أسئلة ما العمل؟

خلاصة ختامية: ما العمل سؤال واضح. الجواب واضح: ما العمل.

أي عمل؟ على المبادرين الدخول من أبواب المواضيع المفتوحة بعقول متفتحة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها