الإثنين 2018/10/15

آخر تحديث: 00:11 (بيروت)

باسيل يجمع المسيحيين.. ضده

الإثنين 2018/10/15
باسيل يجمع المسيحيين.. ضده
البعض يعتبر باسيل ذكياً يخطط للمستقبل والبعض يراه فرعوناً (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease

أصبح في الامكان الحديث عن انتهاء تفاهم معراب بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. الحملة الدعائية من جانب التيار، التي نظّمت لمناسبة ذكرى 13 تشرين ووصف القوات اللبنانية بالغدر واتهمتها بالضلوع في ما جرى ذلك اليوم، توحي بأن التيار أراد نقل المواجهة من الجانب السياسي إلى القواعد الشعبية والشبابية. كانت القوات تحرص على استمرار تصعيد مواقفها السياسية وتسمية الأمور بأسمائها، ولكن من دون أن ينعكس ذلك على الوضع العام في الشارع المسيحي. إلا أن تصعيد التيار بهذا الشكل، أخرج الأمور من طورها. مقابل الاتهام بالغدر، ردّ مناصرو القوات بأن النظام السوري أخرج عون من بعبدا والقوات هي من اعادته إليها، بينما يجد رئيس التيار جبران باسيل نفسه قادراً على الانفتاح على النظام وغير قابل للانفتاح على القوات.

في موازاة هذه الحملات المتصاعدة، كان التوتر ينعكس في الشارع بين مناصري الفريقين المسيحيين، ولا سيما الإشكال الذي حصل في الجامعة اليسوعية. قابلت القوات ما يجري بدعوة مناصريها إلى عدم الإنجرار إلى هذه السجالات، لكن الأمور أفلتت من عقالها. وما يعزز منطق القفز فوق تفاهم معراب بين الطرفين، ليس استمرار الأزمة الحكومية فحسب، على رغم أن القوات تعتبر أنها تتعرض لحرب الغاء جديدة في السياسة من جانب التيار، على غرار حرب الالغاء التي تعرّضت لها قبل أحداث 13 تشرين. وأكثر، تعتبر القوات أن حرب الالغاء التي شنّها ضدها الرئيس ميشال عون آنذاك هي التي دفعت القوى المحلية والخارجية إلى الاستفراد به.

الآن، يرتكز الاهتمام المسيحي على تكوين جبهة مسيحية معارضة للتيار الوطني الحر وكيفية تعاطيه مع الاستحقاقات السياسية. التقارب بين القوات وتيار المردة، والتقارب بين المردة وحزب الكتائب، يهدفان إلى قطع الطريق على استفراد التيار بالقرار المسيحي. صحيح أن الأطراف المتقاربة تنفي أن يكون هدف التقارب هو مواجهة باسيل، لا بل يندرج في إطار توسيع دائرة المصالحات. لكن، في السياسة الأمر مختلف، خصوصاً أن القوات والمردة يتعرضان لهجمات مستمرة من جانب باسيل، ليس في الخلاف على الحصص الحكومية فحسب، إنما في توجيه الاتهامات لهما بالفساد وعدم وجود رؤية للوزارات التي يتوليانها.

حين سُئل باسيل عن مصالحة القوات والمردة، واللقاء بين سمير جعجع وسليمان فرنجية، أجاب بما لا يمكن لأحد أن يتصور، قال: "هذه الخطوة مطلوبة منذ زمن، وهي إيجابية طالما أن شخصاً سيكون قادراً على مسامحة قاتل والديه، فحينها يمكن أن يسامح من يعتبر أنه أخذ منه الرئاسة". استوقف هذا التعليق كثيرين، واعتبروا أنه مؤشّر لحجم امتعاض باسيل من الخطوة أولاً، ودليل على استمرار هجومه على الطرفين.

هذا الهجوم عاد باسيل وفتحه في مسألة تشكيل الحكومة، إذ عاد إلى المطالبة بالحصول على 11 وزيراً ووزارة الأشغال، مقابل اعطاء القوات 3 وزراء بدلاً من 4. الكلام أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، وحين همّ البعض للتواصل مع باسيل للاستفسار عن هذه الشروط الجديدة، قال إنه يرفع السقف لمواجهة القوات، وهدفه تسهيل التشكيل. جوابه لم يقنع سائليه، الذين اعتبروا أن تصعيده يهدف إلى القضاء على كل المساعي الايجابية للتشكيل. لأنه إذا ما أراد مواجهة القوات وعدم الانحناء لمطالبها، فلماذا طالب بوزارة الأشغال؟ ويصل الأمر بالتيار إلى القول أن لا حكومة إذا كانت الأشغال للمردة. ويتزامن ذلك مع هجوم عنيف على وزير الأشغال يوسف فنيانوس، بدأه باسيل حين وصفه بالطش والطشين، ولم ينته في إطلالته الأخيرة، إذ اعتبر أن الأشغال بحاجة إلى خطط ورؤى غير متوافرة لدى من تولاها.

هجوم باسيل لم يقتصر على الأفرقاء المسيحيين. في خطابه لمناسبة ذكرى 13 تشرين، اعتبر أن التيار دخل في تسوية مع المستقبل، ولكنها لم تعد كافية، ما لم تتعزز في التساوي بالحكم. وهي إشارة من باسيل إلى المستقبل بأن عليه تقديم مزيد من التنازلات للحفاظ على التسوية. وبذلك يردّ على الرئيس سعد الحريري الذي أعلن تمسّكه بها. بالتالي، لذلك ثمن على الحريري دفعه، خصوصاً أن باسيل عاد واعتبر أنه لن يرضخ للضغوط الخارجية التي تمارس عليه. وهو عنى بذلك الحريري الذي لجأ إلى الفرنسيين لإقناعه بالتنازل. ومن الواضح أن باسيل لن يتنازل. فتتكون حوله صورتان متناقضتان، إذ يعتبر البعض أن خطواته هذه عبارة عن ذكاء وتخطيط للمستقبل سيفيد بمنه كثيراً في كل معاركه، بينما البعض الآخر يصف باسيل بالفرعون الجديد، وفرعون نهايته الغرق.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها