الإثنين 2018/10/01

آخر تحديث: 12:31 (بيروت)

الهرمل: محطة تكرير او مشروع تهجير حوش السيد علي؟

الإثنين 2018/10/01
الهرمل: محطة تكرير او مشروع تهجير حوش السيد علي؟
حوش السيد علي هي آخر بلدة لبنانية على الحدود الشرقية مع سوريا
increase حجم الخط decrease

بعد أكثر من سنتين من السعي الحثيث لايجاد قطعة أرض ملائمة لانشاء محطة تكرير لمدينة الهرمل وقرى قضائها، ارتفعت العوائق في وجهها مجدداً. فقد اعتراض أهالي بلدة حوش السيد علي الحدودية على اختيار بلدتهم لبناء المحطة. ما جمد انطلاقة المشروع رغم تلزيم مجلس الانماء والاعمار بعض مراحله، في انتظار ما ستؤول إليه المساعي التي يبذلها نواب المنطقة وممثلو أحزابها لاقناع الأهالي بعدم خطورة المشروع على بيئة بلدتهم وصحتها.

حوش السيد علي هي آخر بلدة لبنانية على الحدود الشرقية مع سوريا، عند أسفل حوش سد العاصي، وتتداخل بعض أراضيها مع الحدود السورية ومعظم أهلها من اللبنانيين. لا بلدية في القرية التي يعتبرها ابناؤها الخزان الزراعي لمنطقة الهرمل. "الدولة" التي يختزل تمثيلها بمختار البلدة، شبه غائبة هنا، ولا تتذكر البلدة إلا في بعض حالات مكافحة تجارة التهريب. فلا شبكة مواصلات او اتصالات في البلدة، ولا إنارة عامة، ولا مشاريع مائية تمد منازلها بمياه الشفة، وطبعاً لا شبكة صرف صحي. أما المفارقة، فهي أن محطة التكرير التي يطلب منها استضافتها، لن تعالج المياه الآسنة للبلدة، كونها تقع جغرافياً تحت مستوى موقعها المحدد.

ولكن، ليست هذه أسباب صرخة الأهالي التي ارتفعت منذ نحو أسبوع تحت عنوان "مشروع التكرير مشروع التهجير". فالقيمون على المشروع لم يطلعوا أبناء البلدة عليه قبل المباشرة به، كما يؤكد مختار البلدة محمد ناصرالدين لـ"المدن". بل إنه جرى شراء الأراضي التي ستخصص للموقع بالتجزئة. ويتحدّث ناصرالدين عن "صفقة" جرت مع رئيس سابق لاتحاد بلديات الهرمل كان أول من بادر إلى بيع أرضه لمصلحة المشروع. أما أصحاب الأراضي الأخرى التي استكمل بها الموقع، فيقول ناصرالدين إن "عدم اقامتهم في البلدة تجعلهم لا يقيمون حساباً للضرر المباشر الذي سيلحق بالمياه الجوفية التي تشكل المصدر الوحيد لمياه الشفة في البلدة، ولا بالزراعات التي قد تتأثر سلباً ازاء أي خلل في إدارة محطة التكرير الواقعة بمحاذاة حوض العاصي الذي يروي المزروعات". وإذا كان اتحاد بلديات الهرمل متمسكاً بحجة تحديد موقع المحطة على بعد 3 كيلومتر من أقرب بيت سكني، فإن مختار البلدة يجزم أن المنطقة السكنية لا تبعد تلك المسافة عن الموقع المحدد.

أما العقبة الابرز فتبدو في عدم ثقة المجتمع المحلي بقدرة الدولة على حسن إدارة مثل هذه المشاريع، بعد تجارب سابقة اظهرت "العجز والفساد في إدارة المحطات المنجزة سابقاً في المحافظة، كمحطتي بعلبك وايعات". ما يزيد من منسوب القلق لدى الأهالي، خصوصاً أن ليس في البلدة مجلس بلدي يمكن أن يتابع تشغيل المحطة ويلاحق ما يمكن أن تتسبب به من أضرار بيئية وصحية، خصوصاً إذا ما تسربت المياه المبتذلة إلى الآبار الجوفية ومجرى نهر العاصي.

هذه الحجج وردت في الكتاب الذي رفع إلى محافظ بعلبك، موقعاً من فعاليات القرى التي تقع على ضفاف حوض العاصي حتى الحدود السورية، والتي شكلت مع الاعتصام الذي نفذه الأهالي، سبباً لتأجيل انطلاق الورش رغم اعطاء إذن المباشرة بها، تجنباً لوضع القوى الامنية والعسكرية في مواجهة الأهالي. إلا أن ذلك لا يعني وفقاً لتأكيد رئيس اتحاد بلديات الهرمل نصري الهق أنه هذه المرة أيضاً ستشكل الاعتراضات سبباً للتخلي عن انشاء المحطة في موقعها المحدد.

لا يكترث الهق للحملة التي شنت بوجهه على خلفية نشر تعهد خطي له بتشغيل أحد أصحاب المواقع المحددة سابقاً في مشروع محطة التكرير، والذي رأى فيه البعض مثالاً للمحسوبيات التي تبدد الثقة بحسن إدارة أي مشروع لاحق. ويؤكد الهق لـ"المدن" أن الضرر الناتج عن عدم انشاء المحطة أكبر بكثير من انشائها في حوش السيد علي. ذلك أن المرحلة الأولى من المشروع تقضي بحل المشكلة المستعصية التي باتت ترزح تحتها مدينة الهرمل تحديداً، حيث يعاني أكثر من 10 الاف وحدة سكنية من غياب شبكة الصرف الصحي، ولم تجهز الشبكة سوى بـ17 ألف متر من الاقنية من أصل حاجتها، التي تقدر بمئتي ألف متر. ما جعل الجور الصحية تنتشر بشكل يهدد بكارثة بيئية وصحية في المدينة، التي يسكن فيها كثيرون من أهالي القضاء.

في المقابل، يرى رئيس بلدية الهرمل صبحي صقر أن تنفيذ المشروع بالشراكة بين مجلس الانماء والاعمار والاتحاد الاوروبي ومركز التنمية الاقتصادية الذي سيشرف على الإدارة التشغيلية، يشكل ضمانة كافية لحسن سير العمل في المستقبل.

وإذا كان الجزء الأكبر من المعترضين هم أصحاب الاراضي الذين يتخوفون من خسارة قيمة عقاراتهم إذا ما قامت محطة تكرير إلى جانبها، يعد الهق بأن تنفيذ المشروع بالمواصفات المطلوبة مع تأمين البنية التحتية التي تحتاج إليها من شبكة طرقات وإنارة وغيرها من شأنه أن يرفع قيمة الاراضي بدلاً من تخفيضها.

يتفهم الهق التشكيك بقدرات "الدولة" ونياتها في إدارة المحطة لاحقاً، ويعتبر أنه لبناء الثقة لا بد من أجوبة توفرها الدولة وأجهزتها أولاً، إلى جانب الأحزاب الموجودة في المنطقة. علماً أن الاخيرة لم تنج من الانتقاد خلال الاعتراض الذي أطلقه الاهالي، مؤكدين أن مشروع محطة التكرير لن يمر أياً كان المتدخلون، ولن يقبلوا بأن تكافأ "بلدة الشهداء" بالمياه الآسنة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها