الخميس 2018/01/18

آخر تحديث: 12:42 (بيروت)

العفو العام: قصص غريبة عجيبة عن متهمي نهر البارد

الخميس 2018/01/18
العفو العام: قصص غريبة عجيبة عن متهمي نهر البارد
يبلغ عدد الحالات التي تثير الصدمة في المحكومين من المجلس العدلي العشرات (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

تسريب مسوّدة العفو العام سوَّد عيشة السجناء المتهمين بملف أحداث نهر البارد الذين يعيشون في ظلمة الأحكام، التي تراوح بين المؤبد والإعدام.

الضجيج المثار حول العفو بدأ يصدر من ذوي الموقوفين الذين تلقوا تقارير إعلامية خلصت إلى استثناء من قاتَل الجيش وعلى رأسهم الشيخان أحمد الأسير وخالد حبلص.

لكن الاستثناء المرتقب الذي لم يلتفت إليه المتابعون لملف العفو يطاول أيضاً كلَّ من صدرت بحقه أحكام من قبل المجلس العدلي ومعظمهم قبع في السجن لأكثر من خمس سنوات قبل هذه الأحكام، حتّى أطلقت عليهم تسمية الموقوفين الإسلاميين غير المحكومين طوال هذه المدّة، علماً أنَّ بعضهم ليس لديه أي انتماء لأي من التنظيمات الإسلامية وبعضهم الآخر معروف بعدم الالتزام دينياً.

وقد أصدر القضاء أحكام البراءة بحق من سُجن أكثر من سبع سنوات بسبب الإعانة غير المباشرة وغير المقصودة لبعض المقاتلين من فتح الإسلام. وأحياناً بسبب المساعدة في الاستدلال على عنوان أو طريق من قبل مجهول اتضح فيما بعد أنه من المسلحين الارهابيين.

أما السابقة التي يصنّفها القانونيون المحترفون بالعيب القضائي فهو ثبوت براءة 45 موقوفاً من أصل 500 موقوف في ملف فتح الإسلام بعد سجن عدد منهم عشر سنوات، عدا عن أنَّ 30% من الذين صدر في حقهم حكمٌ بالسجن سنتين بعدما أمضوا أكثر من تسع سنوات وكل هؤلاء لم يحصلوا على تعويض مادي ولا معنوي.

وبالعودة إلى هذا الملف ومن باب التذكير، فإنَّ قادة التنظيم الحقيقيين قد تمكنوا من الهروب بعد معارك نهر البارد مباشرةً وآخرين استطاعوا الخروج من سجن رومية وقُتل اثنان منهم في الميدان السوري ولم تعرف بهم الدولة إلى حين مقتلهم.

لجنة الموقوفين والمحكومين من أبناء مخيم نهر البارد تكرر التذكير بالغموض الذي خيّم على هذا الحدث الأمني الكبير، في إشارة إلى قدرة زعيم تنظيم فتح الإسلام شاكر العبسي على الاختفاء والفرار بشكل غير مقنع للرأي العام والذي قُتل فيما بعد من جرّاء المعارك السورية.

يتسلّح أهالي الموقوفين والمحكومين بمبدأ أنهم نالوا ما يكفي من القصاص الذي وُثقت بداياته تعنيفاً في مراكز التحقيق الخارجة عن سمع المحاسبة من المعنيين، حيث تعرض ذووهم لشتى أنواع التعذيب المحظورة عالمياً. وهذه واقعةٌ سجَّلتها محاضر عدد من الجمعيات الأممية والهيئات الدولية كالصليب الأحمر، وهي حتى الساعة متوفرة بالصوت والصورة على موقع يوتيوب وتتخذ الجماعات الارهابية منها ذريعةً خطرة للتحريض ضد المؤسسة العسكرية واتهامها بالانحياز لطوائف لبنانية ضد فئة لبنانية كبرى في البلد.

ويتفق المحامون الذين يرتادون المحكمة العسكرية على أنَّ الاعترافات التي تُنتزع من المعتقلين في الاستجواب الأولي ملفقة لا تحظى بالقيمة القانونية. لذلك، فإنَّ 90% ممن يمتثلون أمام رئيس المحكمة العسكرية ينكرون كل كلمة كُتبت في هذه التحقيقات باعتبارها أُخذت كرهاً لا طوعاً. وسعى الخاضعون لهذه الاستجوابات إلى التوقيع أكثر من المحقق نفسه بهدف الخلاص من سَوط الجلّاد النفسيّ المعنويّ قبل الجسديّ.

من أبرز الأحكام التي تدعو إلى استهجان الآلية التي تعمل على أسسها الآلة القضائية في لبنان هو الحكم على مرافق لقيادي بالمؤبد فيما حظيَ رئيسه بحكم السجن مدة عشر سنوات وهو الفلسطيني المدعو فادي عادل خالد من أبناء نهر البارد مرافق المدعو ناصر اسماعيل، علماً أنَّ قريباً من المحكوم بالسجن المؤبد يؤكد أنه ليس من أصحاب التوجّه الإسلاميّ وقد عمل في مهنة الطلاء طوال 12 سنة في عكار خالية من أي استدعاء إلى أي مركز أمنيّ.

ويؤكد إسلاميون شاركوا في المعارك ضد الجيش، لـ"المدن" من داخل سجن رومية، أنَّ هناك سجناء متهمين بملفهم لم يتعرفوا إليهم إلا في السجن، منهم من يتعاطى المخدِّرات وهو دليل على انعدام وجود أي خلفية "جهادية" لديهم. وأحدهم دخل السجن وعمره 65 عاماً ويدعى عدنان النجار ورغم كبر سنّه فقد حُكِم عليه بالسجن مدى الحياة.

يبلغ عدد الحالات التي تثير الصدمة في المحكومين من المجلس العدلي العشرات. أبرزها الحكم على أحد المنتمين السابقين إلى الجبهة الشعبية القيادة العامّة ياسر الحسن بالسجن المؤبد، إضافةً إلى أحكام مماثلة كانت من نصيب من سلّم نفسه طوعاً للسلطة ومن لم يكن في المخيم أثناء المعركة ومن خرج بعد المعركة وعاش سنة بشكل طبيعي ثم استُدعي ليُعدم بحكم السجن. أما من هو سجين بسبب شقيقه الإرهابي ليس له شقيقٌ أصلاً وهو الفلسطيني محمد قاسم من أبناء نهر البارد.

وإذا كانت السلطة المعنية قد وضعت هؤلاء المصنّفين بشراً في قاموس المجتمع الدولي ضمن أدراج التجاهل والنسيان، لكونهم لم يحظوا بشرف هوية بلاد الأرز، فإن الأجدى بالسلطة التي تمثلهم أن ترسل لجنة محامين إلى وزارة العدل اللبنانية بهدف تأمين الحقوق القانونية للفلسطيني بالعفو من وراء القضبان بعدما هُدرت حقوقه المدنية خارجها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها