newsأسرار المدن

باسيل وفرنجية: الامتحان في دمشق

منير الربيعالسبت 2018/09/08
C:\Users\User21\Desktop\12360413_10153120963137676_6812796595899124084_n.jpg
المعركة على الرئاسة بعد عون (الأرشيف)
حجم الخط
مشاركة عبر

لا يزال كلام نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، محط اهتمام وبناء تحليلات حيال مقصده. يصرّ البعض على أن قاسم استهدف الوزير جبران باسيل وأراد إيصال رسالة له بوجوب الإسراع في تشكيل الحكومة. ويستند هؤلاء إلى وجهة نظر تقول إن حزب الله يستعجل إنجاز التشكيلة الحكومية الجامعة، لذلك يريد الضغط على باسيل لتسهيل ولادتها. ولكن، من الواضح أن التيار الوطني الحر ذهب بعيداً في رفع سقوفه، إذ انتقل الكلام من الحديث عن الحصص إلى تناول مسألة الصلاحيات وتعديل الدستور أو ضرب الطائف. بالتالي، حتى لو كان كلام قاسم موجهاً إلى باسيل، فإن باسيل لم يرد أن يقرأ الرسالة وعمل على تجاوزها باتخاذ مواقف أكثر تصعيداً.

ويربط هؤلاء بين كلام قاسم، وما حكي عن سعي باسيل الدائم للحصول على وعد سياسي من حزب الله بأن يدعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، بينما حزب الله لم يمنح مثل هذا الوعد. وهذا ما قد يكون دافع باسيل إلى تصعيد موقفه. التحليلات كثيرة في هذا المجال، وترتكز على أن باسيل يريد تعزيز موقعه في الحكومة لاستنساخ نتائج الانتخابات النيابية والقول إنه الفريق المسيحي الأقوى، وبما أن المعادلة الطاغية هي معادلة الرئيس القوي، فالرئاسة من حقه باعتباره رئيس أكبر كتلة مسيحية.

في المقابل، جاءت زيارة والدة المسؤول العسكري السابق لحزب الله عماد مغنية إلى بنشعي لتقديم واجب العزاء إلى رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، لتضيف تحليلاً إلى هذه التحليلات، وتستكمل قراءة شيفرة الرسائل، بأن الزيارة ليست عادية وتحوي مضامين كثيرة، بأن الحزب يقول لفرنجية إنه إلى جانبه. فيما القراءة الموضوعية لما جرى، هي أن واجب العزاء قدّمته والدة مغنية كردّ على وقفة فرنجية إلى جانب العائلة في 14 شباط 2008، وبسبب العلاقة الشخصية التي كانت تربط الرجلين.

يريد حزب الله أن تبقى الخطوط مفتوحة مع القوى والأفرقاء كافة. وهو لا يريد أن يمنح وعداً لباسيل يقضي على وعد سابق قد أطلقه لفرنجية. ولكنه أيضاً لا يريد قطع الأمل عن باسيل. حزب الله حريص أكثر من أي وقت مضى على تماسك هذا التحالف في هذه الفترة. يبعث برسائل إيجابية في اتجاه كل حلفائه، وهو يقول لفرنجية بأنه إلى جانبه.

في الحسابات الرئاسية المسألة مختلفة. لدى عون خصوصية ما قبل حزب الله. بمعنى أن حيثيته لا تستمد من اعتباره حليفاً لحزب الله فحسب. على الرغم من أن ما عزز موقعه وحقق له ما يريده هو هذا التحالف. بينما فرنجية فهو من الأساس ضمن هذا المحور، بالتالي لا تفيده الرسائل من حزب الله إنما يحتاج إلى رسائل من الطرف الآخر. بمعنى أن ما يهمّه هو زيارة السفيرين السعودي والإماراتي أكثر من زيارة أي طرف آخر. وربما في قرارة نفسه يفضّل عدم اقتراب حزب الله أكثر منه في هذه المرحلة، إذا ما أراد الوصول إلى الرئاسة، على قاعدة استمرار التحالف ولكن من بعيد لمقتضيات المرحلة.

ما يأتي بفرنجية رئيساً ليس حزب الله وموقفه فحسب، بل تأييد الآخرين. هذا التأييد لم يكن مناسباً بتوقيته في الفترة السابقة، أما في المرحلة المقبلة فإن هذه العوامل هي ما سيجعل فرنجية رئيساً للجمهورية. وهذه تدخل ضمن عوامل روسية وفرنسية وعربية. بالتالي، فإن ما يريد فرنجية فعله، هو التفوق على باسيل من خلال استدراج مزيد من الأوراق بيديه، منها ورقة روسية وأخرى خليجية، بالإضافة إلى بعض الأوراق الأميركية. بمعنى أنه يحتاج إلى ما هو غير متوفر لديه، بينما موقف حزب الله واضح بشأنه.

فيما باسيل كان قد قرأ ذلك مسبقاً، وعمل على استدراج العديد من هذه الأوراق، سواء أكان بتشديد أواصر تحالفه مع الرئيس سعد الحريري، وبالارتكاز إلى مواقف أطلقها في أوروبا وأميركا، ناهيك عما قاله في بعض الاجتماعات المغلقة، التي التزم فيها بتوجهات المجتمع الدولي، وصولاً إلى مسألة عدم وجود خلاف ايديولوجي مع إسرائيل، ودعوته إلى التحالف المشرقي مع الروس. كل هذه المواقف يريد باسيل من خلالها انتزاع أوراق دولية تعزز معركته الرئاسية.

المفصل الأساسي بالنسبة إلى معركة الرجلين، سيكون العلاقة مع دمشق، فيما يدفع حزب الله جميع اللبنانيين للذهاب إلى هناك، ضمن مزيد من الضغوط وتأكيد تثبيت العلاقة اللبنانية مع الرئيس بشار الأسد وليس مع سوريا. وهذا ما تجلّى في زيارة عدد من وزراء الحزب وحركة أمل وتيار المردة إلى سوريا للمشاركة في معرض دمشق الدولي. ويعتبر هؤلاء أن النقاش بشأن جدوى الزيارة يسقط طالما أن العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قائمة. في المقابل، يعتبر بعض المعارضين للنظام السوري أن ما يجري أصبح بحكم الأمر الواقع. وهناك عدم قدرة على مواجهته أو الخروج من منطق الجغرافيا وحاجة لبنان إلى سوريا. لذلك، يعتبر هؤلاء أن ثمة مسألتين عالقتين بين لبنان وسوريا، قضية ميشال سماحة وعلي مملوك، وتفجير مسجدي التقوى والسلام. وهذه التي يمكن أن تستحضر لتوضيح معنى العلاقة، أي ربط العلاقات واستمرارها بمدى التعاون السوري مع التحقيقات بهاتين القضيتين. وهكذا يجب تحديد إطار العلاقة مع سوريا، لعدم الدخول في الموقف الشخصي. أما الحسابات الشخصية الأخرى والرئاسية منها، فستجبر باسيل فيما بعد على التوجه إلى الشام، كي لا يكون فرنجية وحده الذي زارها مع نجله.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث