newsأسرار المدن

روسيا تحاصر إيران في سوريا.. بملف عودة اللاجئين

منير الربيعالاثنين 2018/07/23
لاجئين.jpg
هل تستسلم إيران لخطة روسيا في شأن عودة اللاجئين السوريين (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

من مندرجات قمّة هلسنكي، التي فوّضت روسيا أمر سوريا وأزمتها، حاز ملف اللاجئين السوريين على جانب مهم من المباحثات بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين. أيام قليلة على القمة، وخرجت روسيا لتعلن عن إنشاء مراكز لإيواء اللاجئين السوريين، وتسجيلهم لإعادة نحو مليونين منهم إلى أراضيهم. في البيان الصادر عن الخارجية الروسية، كلمة أساسية تنص على إعادة اللاجئين إلى أراضيهم ومناطقهم التي تهجروا منها. لهذه الجملة أبعاد سياسية واستراتيجية تتعلق بالدور الإيراني في سوريا. وهي إذا ما طبّقت جدّياً تعني أن كل عمليات التهجير والترانسفير التي حصلت، يجب أن تلغى، ويعود السوريون إلى بلداتهم التي هجّروا منها، إذا ما كانت الخطوات جدية.

لم تثبت التجربة التزام روسيا بكل الاتفاقات التي أبرمت، لا سياسياً ولا عسكريا. والدليل الأبرز على ذلك هو مناطق خفض التصعيد. بالتالي، لا شيء يلزم موسكو تطبيق حرفية ما جاء في نص الإعلان عن إنشاء مراكز لإيواء اللاجئين وإعادتهم إلى طريقهم. والأخطر هو أن هذا الكلام يترافق مع حديث عن توافق تركي روسي برعاية أميركية، في شأن الوضع في الشمال السوري. موسكو تستعد للدخول في معركة إدلب، وهذه تحتاج إلى غطاء أو ما يلهي الناس عنها، فربما جاء الحديث عن عودة اللاجئين، مترافقاً مع كلام عن تسليم جانب أساسي من الشمال السوري في حلب وريف إدلب الشمالي وبعض المناطق المحيطة إلى تركيا. مقابل إيجاد حلّ سياسي أو عسكري على الأرجح لمدينة إدلب وريفها. على أن تتحول تلك المناطق في الشمال بقعاً رئيسية لإعادة اللاجئين مع مشاريع إعادة إعمار تتولاها تركيا.

قد تكون هذه المسوغات لها صلاحية وحيدة، هي الذهاب إلى "إنهاء" وضع إدلب، بذرائع متعددة من بينها ملف اللاجئين. هذا من ناحية القراءة السياسية. أما إذا ما قرئت الخطوة الروسية بشكل حرفي، وكانت واقعية مبنية على توافق دولي، فهذا يعني أن إعادة اللاجئين إلى مناطقهم الأساسية، هي خطوة رئيسية على طريق إلغاء مناطق النفوذ الإيرانية. ما يعني انتقال مواجهة النفوذ الإيراني من العسكر إلى السياسة ومن خلال ملف اللاجئين. طوال السنوات السابقة عملت إيران على إنجاز عمليّات ترانسفير هائلة من الوسط السوري والمناطق الحيوية، من العاصمة دمشق ومحيطها إلى ريفها على الحدود مع لبنان غرباً، ومنها شرقاً في اتجاه الحدود مع العراق. عودة اللاجئين إلى أراضيهم الأساسية تعني عودة أبناء الزبداني ومضايا والقصير وحمص إلى أراضيهم. وهذا إن حصل يكون عامل تأثير أساسي على النفوذ الإيراني في سوريا. والأكيد أن إيران لن تسلّم بذلك.

ومثلما كان التنافس على مناطق النفوذ في سوريا، وعلى السيطرة العسكرية من قبل كل طرف، هناك تنافس جديد على ملف اللاجئين السوريين. ما ينعكس على الواقع السياسي في لبنان. منذ فترة يرفع رئس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر، ملف إعادة اللاجئين استناداً إلى التنسيق مع النظام السوري. ثم دخل حزب الله على الخط بقوة مستنداً إلى اتفاق مع النظام على عمليات إعادة اللاجئين. كان رئيس الحكومة سعد الحريري معارضاً هذه الخطوات لأنها لا تتم بموافقة الأمم المتحدة ورعايتها. ولكن، مع إعلان الروس عن إنشاء مراكز إيواء للاجئين، رحّب الحريري سريعاً، وذهب إلى التنسيق مع موسكو، بدون الحاجة إلى وجود الأمم المتحدة. ما يوحي أن ثمة توافقاً دولياً على هذه الخطوة. وهذا ما انتزعته موسكو من واشنطن. ليأخذ التنافس في لبنان شكلاً جديداً بشأن هذا الملف، يختصر في من يتولى ذلك.

سيشكل ملف اللاجئين في المرحلة المقبلة، عنواناً رئيساً للصراع على النفوذ في سوريا. ومنه تتفرع تنافسات هائلة، تبدأ بمناطق النفوذ ولا تنتهي بعمليات إعادة الإعمار وحجز كل طرف حصّته منها. كل ما يجري يعني أن روسيا هي التي أمسكت بمختلف ملفات القضية السورية. وما تسعى إليه هو إعادة ترميم الوضع الاجتماعي السوري، من خلال تكريس نفسها الجهة الضامنة لعودة اللاجئين والحامية للتنوع داخل سوريا، إذ تقدّم نفسها راعية للجميع وليس للنظام فحسب. بمعزل من الاقتناع بهذا الكلام أو لا، فإن موسكو تريد أن لا تكون على صورة ايران. هو نوع من تثبيت المرجعية الروسية على سوريا. لكن ما هو أبعد من ذلك في ملف اللاجئين، هو الدور الأساسي الذي سيلعبه اللاجئون في الانتخابات الرئاسية في العام 2021، وهذا ما تركز عليه مختلف الدول للاستثمار فيه.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث