بعد كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في شأن الملف النفطي، وربط الصراع في الجولان في سياق الصراع على النفط، لا بد من طرح سؤال أساسي في هذه المرحلة، وهو: "هل دخلت المنطقة في مرحلة جديدة، سيكون عنوانها حرب النفط؟
لن يكون هذا الملف منفصلاً عن ملفات أخرى في المنطقة. ويبدو أن الأزمة ستكون طويلة الأمد. منذ ثلاثينيات القرن الماضي، كل حروب المنطقة تتلخص حول مناطق النفوذ في أراضي النفط، وصولاً إلى الصراع على توفير الطرق الآمنة للنفط. جزء كبير من الحرب السورية يحال إلى خط أنابيب النفط والغاز ومناطق عبوره.
في مقابل التهديدات الأميركية الهامسة بأن على لبنان الالتزام بخطّة هوف، للاحتفاظ بحقوله النفطية في الجنوب، او عليه نسيان ذلك إذا ما رفض، ثمة توجهات لبنانية بالذهاب إلى لجان تحكيم دولية. ما يعني أن المسألة ستأخذ كثيراً من الوقت، وسيؤخر دخول لبنان في نوادي الدول النفطية. فيما يعرض الأميركيون خطتهم للتعجيل في حلّ المسألة على قاعدة خطّ هوف. الأمر يرتبط بما يريده لبنان، وإذا ما كان سيحتفظ بحقوقه وسيذهب إلى النهاية في الدفاع عنها مهما طال الزمن، أم أنه سيعود إلى المفاوضات لاستعجال الإنتاج.
السؤال الأساس عن مدى قابلية التوصل إلى حلّ لهذا الملف. وقد أوحى نصرالله إلى أن هذا الموضوع لا يحتاج إلى حلّ سريع، ويحتاج إلى وقت. فيما الأميركيون يعتبرون أنه كلما سارع لبنان إلى القبول بالحل سيكون مستفيداً، وكلّما تأخر سيتضرر. النقاش الآن بشأن توقيت حلّ الموضوع، أو الانتظار ريثما يستطيع لبنان فرض شروطه للحلّ. يتجه لبنان إلى الذهاب نحو لجنة تحكيم، تكون واشنطن بعيدة عنها، لأجل ترسيم تلك المناطق.
يربط الأميركيون بين موافقة لبنان على الخطّة الأميركية، والمؤتمرات التي ستعقد لمساعدة لبنان، وهو لمّح في أكثر من مجال إلى أن المؤتمرات ستُعرقل بشكل أو بآخر إذا ما رفض لبنان الحلّ المقترح.
حدد نصرالله سقف التعاطي، ولا أحد في لبنان سيكون قادراً على تجاوز هذا السقف. الأكيد أنه لا يمكن للبنان اتخاذ قرار بعيد عما رسمه حزب الله، ولو حصل ذلك سيكون بناء على التنسيق مع الحزب، ولكن ذلك إذا ما حصل، سيكون عبارة عن فتح بازار جديد، والدخول في مساومات جديدة، عبر الربط بين تقديم أي تنازل في هذا الموضوع ومقايضات أخرى. كأن تصبح ورقتا النفط والحدود البرية في يد حزب الله وإيران، وتخضعان للتفاوض والمقايضة.
خطة هوف وتقسيم الموارد النفطية 60 في المئة مقابل 40 في المئة، هي نكتة سمجة وفق ما يقول مصدر مطّلع على مجريات المشاورات. المشكلة أكبر من ذلك. فنسبة الأربعين في المئة، التي تعتبرها خطّة هوف من حصة الإسرائيليين، وإذا ما صدقت التقديرات، تعني أن مردود هذه النسبة سيكون نحو ملياري دولار، ولا يعقل أن تدخل واشنطن وإسرائيل في لعبة تهديدات قد تصل إلى تطور عسكري لأجل ملياري دولار فقط. المشكلة أكبر وأعقد من ذلك. وتصل التهديدات الأميركية في حال عدم موافقة لبنان على هذه الخطّة، إلى حد التهديد بسيطرة إسرائيل بالقوة على البلوك 9. ما يعني أن على لبنان نسيان أن ذلك من حصته. وما هو أبعد من الخطّة، هو الدخول في مفاوضات مباشرة، على تقاسم مناطق نفوذ بين إيران وإسرائيل.
المشكلة تتعدى البلوك 9 وتطاول كل البلوكات في المنطقة الجنوبية. أي استخراج للنفط سيعني فرض إنشاء مرفأ في الناقورة. وهذا سيكون على خط المياه الإقليمية، وحينها سيكون من الصعوبة الحفاظ على مقومات سلامة هذا المرفأ والمنشآت الخاصة بالإنتاج النفطي. أي نوع من العمل في تلك المنطقة، سيفرض تفاهماً شاملاً يوفّر الأمان للشركات العاملة، ويضمن سلامة استخراج الانتاج وإعادة تكريره أو نقله. إذا ما كانت المشكلة اليوم محصورة ببلوك واحد، فإن تداعياتها ستطال بلوكات عدة.
وفيما لا بوادر حرب مفتوحة في هذه المرحلة، يتركز اهتمام حزب الله وإيران على نتائج الحرب السورية، في ظل الاشتباك الدولي هناك. وينشغل حزب الله ومن خلفه إيران بكيفية ضمان فتح الخطّيم بين طهران وبيروت مروراً بدمشق، وبين طهران وجنوب لبنان مروراً بالجولان السوري. وفي هذا السياق، أدخل نصرالله الجولان في معادلة الحرب النفطية والحفاظ عليها. حلّ مشكلة البلوك رقم 9 سيكون جزءاً من الاتفاق على الدور الإيراني ومناطق نفوذه في سوريا. وهنا مكمن التنازلات المتبادلة.
نصرالله: المنطقة دخلت في حرب النفط؟
منير الربيعالأحد 2018/02/18

أدخل نصرالله الجولان في معادلة الحرب النفطية (المدن)
حجم الخط
مشاركة عبر
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها