فيما يستمر الصراع بين الرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل، يبدو الرئيس سعد الحريري هو الصامت الأكبر. يحاول الحريري التهدئة، ويتقدم باقتراح تلو الاقتراح للخروج من المأزق. ومن بين المقترحات التي تقدّم بها، أن يزور برفقة باسيل عين التينة لتقديم الاعتذار إلى بري والوقوف على خاطره، مقابل إيجاد حل سياسي ضمن سلّة متكاملة، للأزمة السياسية. لكن بري، حتى الآن، لم يوافق على لقاء الحريري، ويعتبر أنه هو المسبب الرئيس للأزمة، لأنه لم يلتزم بتعهداته تجاهه، ولأنه يتصرّف وكأنه ينشئ ثنائية جديدة مع رئيس الجمهورية، في وجه القوى الأخرى. وقد أوصل بري الرسالة واضحة، عبر الوزير علي حسن خليل إلى مدير مكتب الحريري نادر الحريري، إذ قال له: "لا يظنن أحد بأنه قادر على حكم البلد على طريقة الثنائيات".
يقف الحريري متفرجاً، ولا يريد أن يكون له علاقة بالإشكال. ويجد نفسه مضطراً إلى البحث عن مخارج سريعة للأزمة كي لا تتفاقم. إحدى ركائز حياد الحريري، هي أنه لم يعد طامحاً للحصول على كتلة نيابية واسعة. إذا كان الشيعة يؤمنون وضعهم، والقوى المسيحية تسعى إلى التنافس والتصعيد عبر استخدام الخطابات المرتفعة، لكسب الشارع، وتحويل هذا الصراع إلى جزء من التنافس وشد العصب. يجلس في غرفة الانتظار، وليس لديه أي اهتمام من هذا النوع. ليس محترقاً على تعزيز وضعيته التي يضمنها، بفعل تفاهمه مع طرفي الصراع من خلال حرصه على العلاقة الجيدة بالجميع. بالتالي، لا يريد خوض معارك بلا أي حسابات. كما أنه غير مهجوس بخوض معركة لإضعاف حزب الله، أو لرسم الشروط أمام رئيس الجمهورية. يتعاطى بواقعية مع الانتخابات، التي ستؤدي إلى تقليص عدد كتلته، بفعل القانون وبعض الخيارات. وهو لا يريد قلب الميمنة على الميسرة في ذلك.
يريد الحريري تسيير شؤون البلد في الإدارة، الاقتصاد، والمسائل المرتبطة بهما. تشبه حاله حال الشخص القنوع بما هو عليه. ما حدث قد حدث. ولا يخشى حصول أي تطورات استثنائية. ولم يعد طامحاً إلى أمر يريد القتال بشأنه، طالما أن موقعه محفوظ، وسيبقى رئيس أكبر كتلة سنية، رغم تقلّصها. سيكون قوّياً في طائفته بين الضعفاء. وتكاد تكون مشاكله في أقصى تجلياتها، هي مواجهة اللواء أشرف ريفي والرئيس نجيب ميقاتي. كل الشعارات السابقة ذات التصعيد السياسي، واستراتيجية المواجهة مع حزب الله أحيلت إلى التقاعد حالياً.
يستفيد الحريري من الأزمة، من خلال إظهاره مدى حرصه على الاستقرار، وبأنه يلعب دوراً في هذا المضمار. ويستفيد من الصراع الماروني الشيعي، ويستطيع تقريش ذلك لدى المملكة العربية السعودية. إذ بإمكانه القول إن رهانه قدّ صح على المدى البعيد، بوقوع الشرخ بين عون والثنائي الشيعي. هذا على الأقل، للمرحلة المقبلة، ولكن ماذا بعد انتهاء هذه الفورة؟ لا أحد يملك الجواب عما ستؤول إليه الأوضاع.
حرب بري- باسيل: الحريري مستفيد؟
منير الربيعالأربعاء 2018/01/31

يستفيد الحريري من الصراع الماروني الشيعي (علي علوش)
حجم الخط
مشاركة عبر
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها