بعد انقطاع عدد من أدوية الأمراض السرطانية من مستودعات وزارة الصحة نهاية العام 2017، عاد الوزير غسان حاصباني ليطمئن إلى إعادة تأمينها ومحاولة تفادي أي حالات انقطاع مماثلة في المستقبل. وقد حرص حاصباني على تعميم البروتوكولات المعتمدة في الوزارة على الأطباء بغية تنظيم العلاجات وتأمينها مع مراعاة نوع الأدوية وكمياتها وعياراتها وحالات وصفها.
إلا أن وزير الصحة أعلن في مؤتمر صحافي عقده الأربعاء، في 3 كانون الثاني 2018، أنه يعوّل على "ضمير الأطباء" بوصف الدواء المناسب. ما يعني أن احتمال الإسراف في صرف الأدوية والفوضى في وصفها يبقى أمراً وارداً. وهو ما سيعرض مستودعات الوزارة إلى أزمة انقطاع جديدة محتملة على غرار السنوات السابقة. بالتالي، سيهدد صحة أكثر من 25 ألف شخص يستفيدون من الأدوية السرطانية.
ضبط آلية وصف أدوية الأمراض السرطانية وترشيدها قد يكونان من الاجراءات المهمة، لاسيما أن بعض الأطباء يصرّون على وصف أدوية باهظة الثمن ولها بدائل عديدة في لبنان. إلا أن هذين الإجراءين ليسا العلاج الجذري لأزمة ارتفاع فاتورة أدوية الأمراض السرطانية، وفق حديث الرئيس السابق للجنة الصحة النيابية إسماعيل سكرية لـ"المدن".
فالدولة التي تتكلف عشرات ملايين الدولارات على أدوية الأمراض السرطانية وترهن صحة مرضاها لأصحاب الوكالات والشركات المستوردة، يمكنها بكل بساطة، وفق سكرية، أن تتخذ قراراً حازماً باستيراد بعض أدوية الأمراض السرطانية أو كلها مباشرة من الدول المعنية كالسويد على سبيل المثال (إذ تقدمت وزارة الصحة السويدية منذ سنوات بعرض إلى وزارة الصحة اللبنانية لاستيراد الدواء من دولة إلى دولة وليس عبر الوكلاء).
ولا شك أن استيراد الدولة أدوية الأمراض السرطانية بنفسها وليس عبر الوكلاء سيوفّر على موازنتها 40% من تكلفة الأدوية السرطانية، أي نحو 120 مليون دولار. وسيعفيها من الارتهان إلى كارتل الوكلاء الذي يتحكم بسوق أدوية الأمراض السرطانية في لبنان لجهة انقطاعها أو توافرها ولجهة أسعارها.
ولعل الاجراءات التي ستلجأ إليها وزارة الصحة، والتي أعلنها حاصباني، لجهة التشدد بالرقابة على وصف الأدوية وكمياتها وكذلك لجهة طرح مناقصات جديدة لتأمين الأدوية السرطانية بأسعار أدنى من المتوافرة حالياً، كلها تبقى إجراءات تدور ضمن الحلقة الواحدة، وهي تخضع سوق الأدوية للتجار، إلى جانب بعض المنتفعين من السياسيين والسماسرة المنضوين تحت سقف وزارة الصحة، وفق سكرية.
يذكر أن تكلفة فاتورة الأدوية السرطانية الاجمالية في لبنان خلال العام 2017 بلغت نحو 380 مليون دولار أميركي، وتبلغ حصة وزارة الصحة من هذا المبلغ نحو 200 مليون دولار.
الأدوية السرطانية.. الدولة أو التجار؟
عزة الحاج حسنالأربعاء 2018/01/03

وزارة الصحة تعول على "ضمير الأطباء" (ريشار سمور)
حجم الخط
مشاركة عبر
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها