الخميس 2017/05/18

آخر تحديث: 09:33 (بيروت)

سارة الأمل

الخميس 2017/05/18
سارة الأمل
قدمت سارة أمثولة اقتدى بها جيلها
increase حجم الخط decrease

أصبحت سارة سليمان، الفراشة وفق وصف أهلها، والوردة على سرير أمراض الوطن، حدثاً في هذه المرحلة التي تجتاح البلد ظلماً وفساداً وتعصباً واستكباراً.

سارة ابنة الأربعة والعشرين ربيعاً، أذهلت العالم في وصيتها المبكرة المؤرخة من خمسة أعوام، وقدمت أمثولة اقتدى بها جيلها أو ربما أجيال وعت قيمة الإنسان من خلال العطاء، فتهافت المواطنون للتبرع بأعضاء أجسادهم بحثاً عن وسيلة يثبتون فيها رفضهم الأنانية وتوقهم للإنسان المدني الحر، بعقيدته وقراره ومصير جسده.

سارة التي ارتقت على يد أحد أترابها، ذلك الشاب العشريني المتهم والملاحق بجرائم مختلفة مخلة بالمجتمع والأمن والصحة، والذي مارس ما يتجاوز حريته تأثراً بثقافة الاستهتار السائدة.

ربما لم يخجل منك مَن يتقاسم الناس أشلاء على لوائح الشطب أو مَن يفترشهم صفوفاً في مهرجانات مدفوعة، وربما لم يراجع نفسه مَن جعل الوطن شتاتاً وأقاليم على مقاس مصالحه الذاتية، ولكن الأكيد أن من جعل وظيفته مرتعاً للانتفاع والوجاهة أصبح متهماً مباشرة بالقتل.

في هذه المناسبة وقف أبناء بدنايل رافعي الأيدي مقسمين أمام الله والوطن مكرسين قيماً إنسانية وطنية، فعرضت بدنايل مرة جديدة نموذجاً من الرقي الاجتماعي لطالما كانت هذه البيئة رائدة في تقديمه.

وقف أهل هذه البلدة خلف مهند سليمان، شيباً وشباباً، وهو أولاً معلِّم وأستاذ تعليم ثانوي في مدارس المنطقة الرسمية والخاصة، ممن ناضلوا ويناضلون في سبيل مجتمعهم وعائلتهم ووطنهم وإنسانيتهم. وهو ثانياً رئيس نادي المشعل الثقافي الرياضي الاجتماعي، هذا النادي الذي تأسس في مرحلة غياب الدولة وجعل تلك البلدة مرفقاً لخدمة الناس وتثقيفهم ومرفأ للعلم والعقل وقمة للحضارة. رفض أهل سارة وأبناء بدنايل الكلام بمنطق الثأر والانتقام، وأصروا على دولة القانون والمؤسسات ولا شيء إلا دولة القانون والمؤسسات محملين المسؤولية لمن يفترض أنهم مسؤولون.

لم يقف أبناء البلدة خلف زعيم من زعماء السياسة أو ممن سندتهم سياسة الأمر الواقع للوصول إلى مركز مرموق، ولا خلف رمز ديني ممن يعتبر نفسه وصياً على العباد والبلاد، بالحياة والممات، فشكل مجتمع هذه البلدة مرحلة جديدة من مراحل النضال المدني ورمزاً وطنياً حضارياَ مدنياً، وإنما كان المعلم والمربي، هو المعبِّر عن رأي الناس وقائد وقفتهم.

ربما نواسي يا سارة عائلتك، وربما نخاف من مواجهة حقيقة الألم، لكن الأكيد أننا نخجل من الاستماع إلى كلمات أمك وصبر أبيك.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها