الأربعاء 2017/04/12

آخر تحديث: 15:19 (بيروت)

انتخابات المهندسين: نزرع خسة أو قمحة؟

الأربعاء 2017/04/12
انتخابات المهندسين: نزرع خسة أو قمحة؟
التغيير الحقيقي يكمن بصب الطاقات في بناء نقابة فاعلة (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

أحدث فوز مرشح لائحة نقابتي جاد تابت بمركز نقيب المهندسين في بيروت صدمة ايجابية لدى كثير من اللبنانيين والمهندسين. هذا الخرق التاريخي لقوى المحاصصة له دلالات خاصة، أستعرض البعض منها في ما يلي:

● بلغ عدد المقترعين نحو 10246 من أصل 40811 منتسباً، أي أن نسبة الاقتراع هي 25%. للمقارنة، في العام 2014 كان عدد المقترعين 7000 بنسبة 20% (تحالف لكل قوى السلطة)، وفي العام 2011 اقترع 13300 بنسبة تفوق 40% (تنافس بين 8 و14 آذار). اذن، تمكنت نقابتي من رفع مستوى المشاركة رغم تحالف معظم أحزاب السلطة، لكن بمستوى أقل مقارنة بالتجييش الطائفي والتقليدي للانتخابات السابقة.

● حصلت نقابتي (من دون تابت) على معدل أصوات بلغ 3090 صوتاً، بأرقام متقاربة جداً شكلت ثلث أصوات المقترعين. في حين حصلت، في العام 2014، اللائحة المنافسة للسلطة على معدل 800 صوت. هذا بحد ذاته انجاز للائحة من خارج الاصطفاف السياسي التقليدي وبامكانات متواضعة مقارنة بأحزاب السلطة. هذه النتيجة مردها بشكل أساسي إلى جهود المتطوعين الجبارة، واستقطاب الأصوات الشابة، وترابط خطاب وبرنامج نقابتي بمعاناة الناس وجدية طروحاتها.

● حصل تابت على 4079 صوتاً، وفاز بفارق 21 صوتاً عن منافسه. لكن المفارقة أن تابت نال نحو 1000 صوت اضافي فوق معدل لائحة نقابتي، علماً أنه في الانتخابات السابقة كانت أرقام اللوائح الرابحة والخاسرة بين مرشحي ذات اللائحة متقاربة جداً. بغياب معطيات أكثر (مثل استطلاع رأي الخارجين exit poll) لا يمكن حسم مصادر هذا الفرق، خصوصاً أن أحزاباً عدة موالية ومعارضة أعلنت تأييدها لتابت.

لكن المؤكد أن عدداً كبيراً من المقترعين صوتوا لمرشحي السلطة، لكنهم فضلوا وضع اسم تابت لمركز النقيب. هذا يدل أولاً على أهمية اختيار المرشح تابت لمركز النقيب، وذكاء نقابتي في منافسة السلطة عبر "وزن" انتخابي معروف ويوحي بالثقة. كما يدل على نجاح خطاب الحملة الايجابي وغير الاقصائي بطمأنة المتعاطفين مع الأحزاب التقليدية وجذبهم نحو خيار آخر.

● ماذا بعد هذا الانجاز؟ هل فعلاً "بلش التغيير"؟ وهل يمكن تكرار هذا الخرق في انتخابات أخرى، كالنيابية مثلاً؟ (التي يبدو أنها لن تحصل في المدى المنظور). نعم بدأ التحرر من السلطة بالاتيان بنتائج ملموسة، لكنها لا توحي بعد بتسونامي التغيير أو "اسقاط النظام". نقابة المهندسين لها العديد من الخصوصيات، منها مستوى التعليم العالي و"النخبوية" الاجتماعية التي لا تعبر بالضرورة عن مجمل آراء الناخبين اللبنانيين. كما أن النتائج المرتفعة لأحزاب السلطة، رغم التخبط، تدل على صلابة موقع الزعماء وترسخ شبكات المصالح.

● التغيير الحقيقي يكمن بصب الطاقات في بناء نقابة فاعلة، تسعى إلى تطبيق برنامجها وتأسس لنيل ثقة عدد أكبر من الناخبين في الانتخابات المقبلة، وتكريس التغيير في حياة الناس نحو الأفضل.

● المعارك الانتخابية أساسية في جميع المؤسسات، لكنها تبقى فارغة، انتهازية، فوقية وغير مستدامة، إن لم يكن جزءاً أساسياً منها إعادة ترميم فعلية وطويلة الأمد لدور هذه المؤسسات في الحياة العامة.

فعوضاً عن "تكبير الخسة" من الأفضل زرع السنابل التي، وإن أخذت وقتاً أطول، تؤتي ثماراً صحية على الجميع.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب