الخميس 2017/03/23

آخر تحديث: 08:42 (بيروت)

سامي الجميل "اليساري"

الخميس 2017/03/23
سامي الجميل "اليساري"
كأن سامي الجميل انتقل من اليمين إلى اليسار (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

قد لا يكون غريباً ما أقدمت عليه السلطة، عندما أقر مجلس النواب اللبناني في جلسةٍ مثيرةٍ للجدل زيادة نسبة الضرائب على بعض السلع، تحت حجة تمويل سلسلة الرتب والرواتب، فرموز السلطة اللبنانية و"حاشيتها" بعقليتهم المركانتيلية الشرسة، يمتهنون لعبة السياسة والإقتصاد، خلاقون، مبدعون في رسم السياسات الإقتصادية التي تحافظ على امتيازاتهم وتسهم في تضخيم ثرواتهم.

الوضع القائم في لبنان، بعيداً من أدبيات المفردات السياسية التي اعتاد اللبناني أن يسمعها يتلخص في الآتي، مجموعة من تجار السياسة بعقلية تجارية فاضحة، يتحكمون في مقدرات البلاد في ظل نظام حكم مبهم غير واضح المعالم أشبه بنظام الأوليغارش أو حكم الأقلية- يقال إن النظام رأسمالي حر يشجع على المبادرة الفردية- ممزوج بنكهة مذهبية مفصل على قياس الطموح التجاري والسياسي لهؤلاء، محاطون (السياسيون) بحاشيات وتجمعات تحت مسميات اقتصادية واجتماعية تمتهن الفساد وتجميع الثروات، يشبهون بعقليتهم، قراصنة "البحر الكاريبي" وجماعة "البوكانير" لكن هذه المرة مع ربطات عنق، وساعات يد فاخرة تفوح منهم رائحة العطر الفرنسي، دون أن ننسى "السيغار" رفيق الدرب.

بدأت أحزابهم السياسية تتحول شيئاً فشيئاً إلى "Family business" مع تجميد الشعارات الأساسية التي قامت عليه تلك الأحزاب والتي تستخدم عند الحاجة أو عند أي استحقاق سياسي مفصلي، وقد لا يبدو حزب الكتائب اللبنانية بعيداً من هذه الموجة، فهو نشأ كحزب الدولة والمؤسسات، ورمز من رموز الطبقة الارستقراطية اللبنانية، وصاحب مشروع سياسي كبير، كان الحزب يضم في سبعينات القرن الماضي أكبر الرأسماليين اللبنانيين وأصحاب النفوذ والثروات، 11 من أعضاء مكتبه السياسي كانوا يسيطرون على 42 شركة ومصرفاً.

بالعودة إلى الحاضر، يتصدّر سامي الجميل "الكتائبي" اليوم المدافعين عن لقمة عيش الشعب اللبناني، بمنطق "يساري" في الوقت الذي تغيب فيه الأحزاب اليسارية والإشتراكية المتزعمة تاريخياً للحركات المطلبية والمدافعة الأولى عن لقمة عيش الناس وتحسين شروط العمال والموظفين، تغيب عن السمع وملتهية بترتيب أمورها الداخلية من توريث او بشؤون حزبية.

كأن سامي الجميل انتقل بدينامية سياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، متزعماً حزب عرف بـ"حزب السلطة والدولة"، نازعاً عنه الصفة الإرستقراطية مسقطاً عليه صفة الحزب المعارض، لا يهم إن كان يتصرف كونه رئيساً لحزب أو كحالة فردية، الأهم أنه يكاد يحجز لنفسه مقعداً بين الطبقات الشعبية الكادحة، وعليه يصح إطلاق لقب الفتى "الأحمر" أو "اليساري".

في المحصلة، في لبنان لا يوجد صراع سياسي بجناحيه اليميني واليساري، ولا يوجد مؤسسات دستورية فاعلة، بل يوجد صراع خفي غير ظاهر للعيان، صراع طبقتين، أوليغارشية منتشية وحاكمة، وشعبية مقهورة ومحكومة لا تقوى على منافسة الأولى. ولكن، يبقى للثانية أن تدرك أنهما إن تتحركان حتى ينهار النظام بأكمله.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب