الأحد 2017/02/05

آخر تحديث: 09:33 (بيروت)

|7/24| جنبلاط: الطريق إلى النسبية تمر بفلسطين

الأحد 2017/02/05
|7/24| جنبلاط: الطريق إلى النسبية تمر بفلسطين
من الردود التي يلعبها جنبلاط ما يحصل في حزبه التقدمي الاشتراكي
increase حجم الخط decrease

تتكثّف، في هذه اللحظة، تناقضات وليد جنبلاط. فهو يرفض مشروع والده وحركته الوطنية، النسبيّة، إنطلاقاً من حسابات انتخابية وسياسيّة راهنة. إذ يحسب أنَّ النسبيّة تقلّص حجم كتلته النيابيّة. وقد استطاع بسرعة قياسيّة صوغ رد سياسي، خطابي وعملي، في ما يخص النسبية ورفضه لها. فقال إنّه مازال مؤمناً بها، لكن الظروف الانتخابيّة والسياسيّة- المذهبيّة غير مناسبة لتطبيقها. وقال إن اتفاق الطائف لا يتحدّث عن النسبية ولا يُلزم بها، وإن تطبيقها اليوم انقلاب على الطائف، في ظروف إقليمية تجعل تطبيقها ونتائجه لمصلحة مجموعات مذهبية وسياسية على حساب أخرى والتوازن الوطني.

لم يكتفِ جنبلاط رداً على طرح النسبية، وغيرها من التوجهات السياسية ومشاريع القوانين الانتخابيّة التي تحاصره وتهدّده، بذلك القول وبتسيير رحلات نيابية بين مقرّه وقصور الزعامات السياسيّة وحصونها، لعرض موقفه. وقد نجح في جعل تلك الزعامات تتحدّث عن تفهم هواجس زعيم المختارة، ولو بقي ذاك التفهم كلاميّاً حتّى الساعة.

ومن الردود التي يلعبها جنبلاط ما يحصل في حزبه التقدمي الاشتراكي. فجنبلاط الذي يستعد للانسحاب من الساحة النيابيّة مقدّما ابنه تيمور ليحل بدلاً منه، مكتفياً برئاسة الحزب الذي فاز بالتزكية في رئاسته، يُعيد تشكيل صورة حزبه لتناسب اللحظة السياسيّة. ولعلّه في هذه الصورة الجديدة- القديمة لا ينتفض على القوقعة المذهبيّة المناطقية التي فُرضت عليه، أو العزلة التي اختارها لزعامته وخصوصيّتها، فحسب، إنما يرد بها على النسبيّة.

فهو من خلال هذه اللوحة التي تجمع قيادة من معظم المناطق اللبنانية، يذكّر بالحزب التقدّمي الاشتراكي الوطني الذي تبنّى النسبية في لبنان دائرة انتخابية واحدة وخارج القيد الطائفي. وهو إذ يفعل ذلك يقول إن الزعامة الجنبلاطية لا تُختصر بالانتخابات ولا بدائرتين انتخابيّتين في الشوف وعاليه، بل إنّها تمتلك حزباً مازال ينتشر على كامل الأراضي اللبنانيّة وفي المذاهب كافة.

ويقول جنبلاط، من ضمن ما يقوله عبر تلك الصورة الجديدة- القديمة لحزبه، إنّه باستمراره على رأس الحزب يعطي زخماً لهذه المؤسسة السياسيّة، التي مازالت بتراث كمال جنبلاط قادرة على مخاطبة المواطنين، ولو أفراداً، في المناطق والبيئات الطائفية المتعددة.

بالتأكيد، يدرك جنبلاط أنَّ القضية أعقد من أن يواجهها بصورة مجلس قيادة متنوّع مناطقيّاً ومذهبيّاً، وإن كان بعض هؤلاء الأفراد "مميزين" أو ناجحين علميّاً ومحترمين في أوساطهم. فهؤلاء في مناطقهم، خارج حدود الإمارة الجنبلاطية، أشبه بوكلاء وأمناء على التراث الفكري والحزبي لكمال جنبلاط. ووجودهم في مجلس القيادة، إلى كونه تغييراً من فوق، يذكّر بانحسار حزب كمال جنبلاط من المناطق أكثر مما يوحي بانتشاره. فالوجود الصوري لهؤلاء في القيادة لا يسبب اختلالاً في التمثيل المناطقي فحسب، وربما هذا ليس معياراً حزبيّاً والواقع أقوى منه، إنما يجعلهم بلا حقائب، أو سفراء وقناصل للحزب في مناطقهم أكثر من كونهم ممثلين لمنظمات حزبهم في مناطقهم في مجلس القيادة. كأنّهم أمنيات لا واقعاً.

هكذا، يبدو الرد الجنبلاطي على النسبية اليوم، يشبه رد حزب الله على الدعوة إلى تسليم سلاحه. فحزب الله يقول إنه يسلّم سلاحه عندما نبني دولة قويّة قادرة على مواجهة العدو وحماية لبنان والمواطنين. وجنبلاط يقول أسلّم بالنسبية، بل سأدعو إليها، عندما أبني حزباً قوياً منتشراً على كامل الأراضي اللبنانية، أو أستعيد حزب كمال جنبلاط وحركته الوطنية. وربما نسمعه يقول: الطريق إلى النسبية تمر بفلسطين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها