الثلاثاء 2017/01/10

آخر تحديث: 00:11 (بيروت)

الزيارة السعودية في الميزان الداخلي

الثلاثاء 2017/01/10
الزيارة السعودية في الميزان الداخلي
الحريري سيترقب نتائج زيارة عون إلى السعودية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
استحوذت زيارة الرئيس ميشال عون والوفد الوزاري المرافق إلى المملكة السعودية ومنها إلى دولة قطر على كثير من اهتمام الوسط السياسي والإعلامي اللبناني خلال اليومين الماضيين، أولاً لأنّ هذه الجولة هي الأولى للرئيس عون وقد كانت وجهتها الخليجية سبباً لربطها بوعود عون في خطاب القسم بانتهاج سياسة خارجية مستقلة. وبالتالي، أن تكون الزيارة الأولى له إلى السعودية وهو الحليف "الوثيق" لحزب الله فهذا وحده مؤشر إلى صدق وعود عون تلك. ثانياً تأتي هذه الزيارة بعد نحو سنتين من سوء العلاقة بين لبنان والسعودية والتي استتبعت "فتوراً" في علاقة لبنان بدول مجلس التعاون الخليجي قاطبة، وكان بنتيجة ذلك أن أوقفت السعودية الهبة التسليحية للجيش اللبناني والتي يأمل الجانب اللبناني كما الفرنسي (الطرف الثاني في العقد التسليحي مع السعودية) أنّ تُستأنف، وهو ما ذكر مراراً وتكراراً في الأوساط السياسية والإعلامية في الأيام القليلة الماضية.

الحقيقة أنّه في لحظة إقليمية شديدة الحساسية والدقة كالتي تمرّ بها المنطقة الآن ولاسيما بعد تطورات الأزمة السورية الأخيرة وخلط الأوراق السياسية والميدانية المتصلة بها بعد اتفاق وقف النار بضمانة ثنائية، تركية- روسية، والاستعداد لعقد مباحثات الأستانة بين النظام وممثلين عن المعارضة هذا الشهر، من الصعب جداً الوقوع على دلالات "إقليمية" لزيارة عون الخليجية. ثمّة من يقول إنّ عون سيسعى إلى تقارب إيراني- سعودي. لكن لا نعرف إذا كان هذا طموح الرئيس اللبناني، وإذا كان لبنان برئيسه وحكومته مؤهلاً وقادراً على لعب دور كهذا، هذا فضلاً عن صعوبة تلّمس امكانية تقارب إيراني- سعودي في هذا التوقيت بالذات وكلام الأمير محمد بن سليمان لـ"فورين أفيرز" يعزز هذه الخلاصة.

الحديث عن زيارة عون الخليجية يجب أن ينطلق، وفق أوساط سياسية في بيروت، من مردودها الإيجابي على لبنان مهما كانت ظروفها وسياقاتها ونتائجها. إذ إن ترميم علاقة الدولة اللبنانية مع دول الخليج، والذي يتوقّع أن تسفر عنه هذه الزيارة المرتقبة منذ لحظة انتخاب عون لا بل منذ لحظة تفاهم عون- الرئيس سعد الحريري على التسوية الرئاسية، ستكون له نتائج سياسية واقتصادية مهمّة في الواقع اللبناني، بالنظر إلى حيوية العلاقة تاريخياً بين لبنان والدول الخليجية. لكن ثمة جانباً من هذه الزيارة لم يتناوله الحديث عنها، وهو مدى تأثير نتائجها على التوازن بين عون والحريري داخل مجلس الوزراء وفي اللعبة الداخلية عموماً. وهذا جانب من الزيارة لا يقلّ أهمية عن موقف حزب الله وإيران منها، وإذا ما كان في الإمكان البناء عليها لتحديد وجهة سياسة عون الخارجية. فالحريري الذي لا يُعلم على نحو دقيق طبيعة علاقته مع الحكم السعودي الحالي، يطمح بلا أدنى شك إلى عودة الهبة السعودية للجيش عن يده أو "في حضوره". فهذا إن حصل سيكون دليلاً قاطعاً على حسن علاقته مع السعودية، ما سيمكنّه من تحسين شروطه في اللعبة الداخلية. أمّا إذا قدّمت الرياض إلى عون هدية الإفراج عن الهبة، فهذا سيدفع إلى التشكيك أكثر بعلاقة الحريري بها بما يمكّن خصومه عليه ويضعفه أمامهم.

الأوساط عينها تستبعد أنّ تقدّم الرياض لعون هكذا هدية لمجرد زيارتها، إذ يغلب الظنّ لديها أن هذه الزيارة غير كافية لتطمئن الرياض إلى السياسة الخارجية للعهد الجديد، لكنّها تفتح الباب أمام تطوير العلاقة السعودية مع العهد، لكن السؤال إلى أي حدود؟ وماذا ستكون انعكاسات تحسّن علاقة عون بالرياض على علاقة الحريري بها، وبالتحديد على وضعية الحريري في اللعبة الداخلية خصوصاً لجهة التوازن مع رئاسة الجمهورية في مجلس الوزراء. إذ إنّ المناخ الايجابي السائد لا يمنع التجاذبات بين مراكز القوى في الحكم، وهي تجاذبات بدأ بعض ملامحها يظهر باكراً كما كان متوقعّا منذ إبرام التسوية الرئاسية، خصوصاً لناحية مكان انعقاد مجلس الوزراء وكيفية ذلك. إذ إن الحريري لا يمكنه تحمّل انعقاد مجلس الوزراء باستمرار في القصر الجمهوري. وهو إذ يعقد الأربعاء أول جلسة لمجلس الوزراء في السرايا الحكومية، يبدو كأنه "يسرقها سرقة" في ظل غياب عون وعدد من الوزراء البارزين، وفق الأوساط عينها. وسيكون الحريري معنياً بنتائج زيارة عون إلى السعودية خصوصاً أنّه ليس في عداد الوفد الرئاسي.. فهو إذا كان مرتاحاً لتحسن علاقة عون بالمملكة، إلا أنّه يترقّب الحدود التي يمكن أن تبلغها هذه العلاقة المستجدة، تضيف الأوساط تلك.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها