newsأسرار المدن

الحريري وجنبلاط يدوزنان تويتر

منير الربيعالخميس 2017/08/24
جنبلاط 2.jpg
سأل جنبلاط: لماذا تستغربون وجودي في بيت الوسط (دالاتي ونهرا)
حجم الخط
مشاركة عبر

صحيح أن المرحلة السابقة بين رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، ورئيس الحكومة سعد الحريري، تخطّت "الرمانة" ووصلت إلى "القلوب المليانة"، لكن الرجلين يعرفان أن لا قدرة لأحدهما على الإفتراق عن الآخر، أو الاستمرار بدونه، على الأقل في المرحلة الراهنة. ليس السبب وراء ذلك انتخابياً أو مصلحياً بالمعنى المباشر للكلمة، فهما يجتمعان في دائرة انتخابية واحدة فقط، فيما الاجتماع في بيروت ينحصر بمقعد واحد وكذلك في البقاع الغربي. منذ العام 2005 حتى اليوم، يغلب الطابع العاطفي والمعنوي على هذه العلاقة. يعتبر جنبلاط نفسه مسؤولاً بالمعنى الشخصي عن آل الحريري، بالتالي هو ملتزم التعاون مع سعد. وهذا يتقدّم على السياسية.

لا شك في أن ذلك تبدد في مرحلة من المراحل، خصوصاً لدى خروج جنبلاط من 14 آذار، واتخاذه موقفاً وسطياً، بسبب لعبة التوازنات والواقعية. الموقف نفسه تكرر مع تسمية جنبلاط نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة في الإستشارات النيابية التي حصلت بعد إسقاط حكومة الحريري. حينها فعلت القمصان السود فعلها. تخطى الرجلان تلك المرحلة، لتعود العلاقة وتتردى منذ التسوية الرئاسية. سار جنبلاط بالتسوية غير راضٍ أو مقتنع، لكنه سار مع الريح.

من قبل التسوية، لدى جنبلاط هواجس، منها أن ما بين الحريري والوزير جبران باسيل ما يتخطى لعبة السلطة والمناصب،. هناك شراكة شخصية بينهما، كيمياء متفاعلة إيجاباً. ليس الانطباع الجنبلاطي وليد أشهر، يعود إلى أكثر من سنتين، وتحديداً إلى الحوار الأول بين عون والحريري قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان. حينها، كان الحريري يريد تسمية عون لرئاسة الجمهورية، لكن رفض القوات اللبنانية وجنبلاط والرئيس نبيه بري حال دون ذلك. في تلك الفترة، اضطر جنبلاط إلى لقاء وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في باريس بلقاء سرّي، لقطع الطريق على عون، تزامناً مع مساعٍ طرحت فكرة التجديد لسليمان. وبعدها أتت كلمة السر السعودية الرافضة انتخاب عون في ذلك الوقت.

منذ تلك الفترة، يعتبر جنبلاط أن شيئاً ما يتخطى لعبة الرئاسة بين التيارين الأزرق والبرتقالي. وهذا ما عبّر عنه جنبلاط في مجالسه قبل فترة، لدى مراقبته آلية إدارة الأمور في الحكومة وفي التعيينات وغيرها من الملفات، وخصوصاً خلال مقاربات إنتاج قانون الانتخاب، والتحالف المرتقب بين التيارين. بلغت العلاقة مراحل متقدمة من السوء بين الحريري وجنبلاط، حتى وصلت إلى حدّ التجريح بالشخصي. ما عمل جنبلاط على نفيه في أكثر من مناسبة. لكن الأمور بينهما استمرّت على قاعدة "اشتدي يا أزمة لتنفرجي". وهنا، دخل أكثر من طرف على خطّ الوساطة. توسّطت عين التينة، كذلك معراب، فيما تولى الوزير وائل أبو فاعور التواصل مع نادر الحريري لإعادة وصل ما انقطع.

يبدو أن هذه العلاقة عادت اليوم، في لحظة سياسية محلية وخارجية حرجة. فلا يمكن فصل لقاء الحريري- جنبلاط الذي كان يجري الإعداد له منذ أكثر من شهر، عن التطورات الميدانية على الحدود الشرقية، أو السياسية الخارجية تجاه لبنان، من خلال موفدين سياسيين وديبلوماسيين. وهنا، لا بد من الاستعانة بتوصيف يطلقه الحريري على جنبلاط منذ سنوات، بأنه الجبل الذي يحمل على كتفيه جبلين، جبل ثورة الأرز وقضيتها والحقيقة، والمحكمة الدولية، ومواجهة النظام السوري في أعتى أيامه؛ وجبل المصالحة المسيحية الدرزية وتعميمها وطنياً.

ليست استعادة هذه التوصيفات اليوم، من عبث. فبعض الإشارات المستقاة من الكواليس تحتم استعادتها، سواء أكان مما يحققه الجيش اللبناني في الجرود، والدعم الأميركي والأوروبي الذي يحظى به لحماية الحدود، وإعادة التذكير بمرحلة سالفة، أو من خلال زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني حسين جابري أنصاري إلى لبنان ولقائه الرجلين معاً. وهذا ما تزامن مع زيارة الموفد الملكي السعودي الوزير ثامر السبهان. كل هذه المعطيات سرّعت لقاء الرجلين، إلى الجانب التباحث في تفاصيل انتخابية وغيرها كان جنبلاط قد افتتحها بإعلان ترشيح بلال عبدالله عن المقعد السني الثاني في الشوف، بدلاً من النائب علاء الدين ترو.

يأتي اللقاء في لحطة تنامي الحديث عن مساعٍ خارجية، خليجية وغربية، لإعادة احياء تحالف قوى الرابع عشر من آذار، ورفع لواء القرارات الدولية. ولا يمكن إعادة إنتاج ذلك، بدون شد أواصر العلاقة بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي. لكن التوصيف الواقعي للوضع اللبناني، ينقسم إلى قسمين، الأول هو محاولات إعادة احياء هذا الإنقسام بين 8 و14، والذي شكّل عامل توازن سياسي، والثاني هو بقاء لبنان ساحة للنأي بالنفس، ومن خلالها للتشاور والتحاور غير المباشر بين القوى الإقليمية المختلفة، وتحديداً السعودية وإيران، أي ربط النزاع بينهما. وهذا ما حاول جنبلاط التشديد على الحفاظ عليه والعمل على حلّه وفق الحوار، لأن لا بديل منه لإنجاز التسويات السياسية. وتؤكد مصادر متابعة أن جنبلاط شدد على ضرورة استمرار الحوار لابقاء التسوية حيّة، بدون التنازل عن الثوابت، ولعدم إحداث أي اختلال في الاستقرار السياسي أو الأمني في البلد. الأمر نفسه وافق عليه الحريري.

شدد جنبلاط خلال اللقاء على ضرورة تبديد الهواجس وإزالة الالتباسات السلبية التي اعترت العلاقة بين الطرفين في الفترة الماضية. وصارح الحريري أنه قاسياً في بعض المواقف والتغريدات، لكنه أصر على إخراجها من سياقها الشخصي، أو الهجومي، وشدد على ضرورة إعادة الثقة بينهما، واستمرار التواصل وخصوصاً على أبواب الانتخابات النيابية، إذ أمل أن يتم التحالف بين كل القوى السياسية في الشوف، لعدم الغاء أي طرف. وهذا ما عبّر عنه جنبلاط بالقول أن لا غرابة من وجوده في بيت الوسط، رغم أنه كان هناك خلافات، لكن "علينا أن ننظّمها إنْ صحَّ التعبير، أو أن نستمعَ للشيخ سعد عن طروحاته. وقد تكون لديه معطيات مختلفة عن معطياتي. ليس هناك إشكال. في السياسة هناك وجهات نظر متفاوتة، والآن "بَدنا ندوزِن التويت".

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها