هي المرّة الأولى التي يزور فيها مسؤول في تيار المردة، المقر العام للقوات اللبنانية في معراب. قبل سنتين، كان هناك حوار بين الطرفين بشأن الانتخابات الرئاسية، وكان ثمة لجان مشتركة من الحزبين، تعقد لقاءات لبحث مواضيع مشتركة، وإمكانية التقارب بينهما. لكن تيار المردة كان يصر على عقد تلك اللقاءات في مكان غير محسوب على أيٍّ منهما. ولطالما رفض النائب سليمان فرنجية الذهاب إلى معراب لعدم اعطاء صك براءة لسمير جعجع، لكن الأيام والأشهر الماضية حفلت بكثير من التطورات، قادت وزيرين قواتيين إلى بنشعي، حين زارها كل من نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني ووزير الإعلام ملحم الرياشي.
لدى توجيه سؤال إلى جعجع قبل أسابيع، عن إمكانية زيارته بنشعي ولقاء فرنجية، قال إن كل شيء ممكن ولا شيء مستحيلاً. يوم الجمعة الماضي، زار الوزير السابق يوسف سعادة معراب، وهو المقرب جداً من فرنجية، وعقد لقاءً مطولاً مع جعجع وجرى البحث في مختلف الملفات المطروحة على الساحة. وبمجرد حصول هكذا لقاء، يغلب الشكلُ المضمونَ. وتؤكد معلومات متابعة للطرفين، أن هناك مساع منهما لجعل الشكل والمضمون في الأهمية ذاتها. وأن الزيارة في هذا التوقيت، تعني أن العلاقة بين الطرفين أصبحت في مراحل متقدّمة جداً.
فالزيارة وما تخللتها من تفاهمات بين الطرفين، هي نتاج مرحلة طويلة من التفاوض والتواصل بين الحزبين. وفيما تخرج أصواتٌ ممتعضة مصوّبة سهام نقدها في اتجاه جعجع، يسأل أصحابها عمّا تغيّر بالنسبة إلى جعجع الذي كان يرفض السير في انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية، كي يوافق اليوم على التعاون معه؟ وهذه الأصوات تخرج همساً من التيار الوطني الحرّ وحتى من تيار المستقبل. علماً أن المستقبل يعلم أن جعجع يأخذ في الحسبان إمكانية التوافق المستقبلي العوني في الانتخابات. بالتالي، يريد البقاء في بر الأمان، فيلجأ إلى تعزيز العلاقة مع فرنجية.. وغيره.
يعتبر هؤلاء أن جعجع هو مَن تغيّر وليس فرنجية الذي مازال على موقفه. وقد لجأ جعجع إلى هذا التغيير بسبب تصرفات وزير الخارجية جبران باسيل، في كل الملفات المتعلقة بالإدارة العامة، ومن خلال تدخلاته في عمل الوزارات كلها. فجعجع يعتبر أن باسيل هو رئيس الجمهورية الفعلي، وهو الذي يشرف على إنجاز الملفات كلها، ويريد إقصاء القوات وتحجيمها، لأنه لا يعمل إلا لتحقيق مصلحته، وليس لمراعاة مصلحة "أخيه" في الثنائي المسيحي.
يريد جعجع أن يردّ الصاع صاعين. يشير إلى حرصه على العلاقة مع التيار الوطني الحر، والاجتماعات الثلاثية مستمرّة بين الوزيرين ملحم الرياشي وجبران باسيل والنائب إبراهيم كنعان. لكن هذا لا ينفي وجود خلافات أساسية بين الطرفين. والخلافات تتفاقم وتتعاظم، عند كل جلسة لمجلس الوزراء، ولدى إقرار أي بند يتعلق بالتعيينات. وما يسري على هذه العلاقة، يسري على علاقة القوات بالمردة بشكل معكوس. فرغم الخلاف السياسي وعدم وجود تحالف أو إعلان نيات بينهما، إلا أن التنسيق موجود ومستمر، وإمكانيات التقارب والالتقاء متوافرة.
ثمة من يتحدث عن تحالف بين الطرفين، الآن يتم حصره في الشق الانتخابي، فيما هناك من يذهب أكثر من ذلك ليعتبر أن التحالف سيطال ملفات أخرى، تبدأ بالتنسيق في المواضيع الشمالية، وبملفات إقتصادية وإنمائية في تلك المناطق. خصوصاً أن هذا يبنى على مبدأ رفض الطرفين أي منطق تحاصصي في الوزارات، كما يرفضان صفقة بواخر الكهرباء، وغيرها من الصفقات. وهما يتخذان من هذا التوافق منطلقاً لتعزيز العلاقة بينهما.
لا شك في أن ثمة مساراً طويلاً أمام الحزبين، قبل إعلان أي تحالف بينهما، ولا شك في أن خطوات كبيرة حصلت في هذا الاتجاه، لكن وفي حال تأخّر ذلك، قد يُعقد تحالف انتخابي في الاستحقاق المقبل، وإذا ما ثبت هذا التحالف سيفرض كثيراً من المتغيرات على الأداء السياسي للأطراف الأخرى، وخصوصاً باسيل، لأن نيابته ستصبح مهددة بقوة في البترون، إذا ما حصل التوافق بين القوات والمردة.
باسيل يقرّب جعجع إلى فرنجيّة
منير الربيعالأربعاء 2017/08/23

فوز باسيل في انتخابات البترون مهدد في ظل تحالف القوات والمردة (دالاتي ونهرا)
حجم الخط
مشاركة عبر
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها