يعيش وليد جنبلاط على جانب أساسي أنجز تحقيقه وهو مصالحة الجبل. يريد لها الاستمرار والتقدّم. هي ليست المناسبة الأولى. ففي العام 2010، حاك جنبلاط مرحلة ثانية للمصالحة، تجسّدت في الزيارة التي اجراها إلى الشوف رئيس تكتل التغيير والإصلاح في ذلك الوقت ميشال عون. زار عون المختارة في تلك الفترة، وجال برفقة أبي تيمور خلف مقود سيارته مختلف القرى الشوفية. فيما الإحياء الثالث للمصالحة كان في العام 2014، لدى زيارة الرئيس ميشال سليمان الشوف، والبطريرك بشارة الراعي، حيث ختم جنبلاط، جرح بريح، أول القرى المهجّرة وآخر المعمّرة. والأحد أعاد جنبلاط إحياء وحدة الجبل، في لحظة سياسية مفصلية محلية وإقليمية، ولا تخلو من رمزية زيارة عون كرئيس للجمهورية.
لم تجر رياح المشاركين كما اشتهت تغريدة جنبلاط (الأولى). ما دفع البيك إلى التكاسل والإستسلام، أمام أسباب صحّية، لم يغالبها لمشاركة في كل تفاصيل اليوم الطويل. لدى وصول الرئيس ميشال عون إلى دير القمر، حيث أقيم قداس في سيدة التلة، لم يكن جنبلاط قد وصل، كان وريثه تيمور باستقبال الرئيس والبطريرك الماروني. غادر عون بعد القداس إلى المقر الصيفي لرئاسة الجمهورية، ليحضر جنبلاط في المطرانية. استوقفت هذه المصادفات بعض المراقبين، فاعتبروا أن الامور بين جنبلاط والعهد ليست على ما يرام، وبأن الإنسجام لا يزال مفقوداً بين زعيم الشوف وعون.
ينفي الإشتراكيون ذلك بشكل حاسم، يدللون سريعاً إلى الإستقبال الذي حُضّر للرئيس، ويشيرون إلى اللافتات المرفوعة والمرحّبة والموقعة باسم الحزب التقدّمي الإشتراكي. ويعزون غياب جنبلاط إلى الأسباب الصحية. ويؤكدون أن الزيارة في هذه المناسبة، هي خطوة أولى، على طريق إنتقال الرئيس إلى مقرّه الصيفي، وهذا اليوم الذي يجري التحضير له إشتراكياً. فيما آخرون اعتبروا أن جنبلاط تعمّد عدم الحضور لإيصال رسالة بذلك إلى عون. ويشيرون إلى ما قاله جنبلاط للراعي: "بس عرفتك هون جيت، رغم وضعي الصحي".
تؤكد مصادر قريبة من المختارة أن لمقاطعة كل طرف دوافعها. إذ إن البعض يسجل اعتراض التيار الوطني الحر وتيار المستقبل على المشاركة، تأتي على خلفية عدم شمولهم في الفيلم الوثائقي الذي أطلق للمناسبة. ويشير الإشتراكيون إلى أن ليس لديهم أي علاقة بتنظيم هذا الحدث، فيما يؤكد معدّ الفيلم أن فريق العمل حاول أكثر من مرّة التواصل مع قيادات تياري الوطني الحرّ والمستقبل وحزبي الكتائب والوطنيين الأحرار لإجراء مقابلات للوثائقي، إلا أن هؤلاء رفضوا، ولدى معرفتهم بأن هذا الفيلم سيتم إطلاقه في احتفال بهذا الحجم وبحضور البطريرك، غيروا رأيهم المقاطع، وحاولوا التواصل مجدداً للمشاركة في العمل، لكن القيمين عليه أبلغوهم بأن الوقت أصبح ضاغطاً. ما يحول دون إمكانية إدخال تعديلات على الفيلم.
قد يقرأ البعض ما حصل، بأنه استمرار للخلاف العوني الجنبلاطي، فيما البعض الآخر يعتبر، أنه لا يمكن الوقوف عند هذا التفصيل، لأن ما سيجمع الطرفين أكبر بكثير من هذه الشكليات، وخصوصاً أن هناك انتخابات نيابية على الأبواب تفرض التقارب بينهما. وهذا ما كان جنبلاط يوّد إيصاله من خلال تغريدته، أي أن تشارك كل القوى في الاحتفال وتتحالف في انتخابات الجبل.
فيلم مصالحة الجبل: عون وجنبلاط غرام وانتقام
منير الربيعالاثنين 2017/08/07

لماذا غاب وليد جنبلاط عن استقبال عون (دالاتي ونهرا)
حجم الخط
مشاركة عبر
تلوّنت صورة الشوف في الذكرى 16 لمصالحة الجبل. اختلفت الشوارع في ما احتوته من علامات وشعارات رفعت لمختلف القوى السياسية، عن الاحتفال في المناسبة في قصر المير أمين، الذي غابت عنه بعض القوى التي رفعت لها التهاليل والتحايا. لم تمرّ المناسبة كما أراد لها النائب وليد جنبلاط أن تكون. بعث الرسالة قبل يومين حين غرّد متمنياً أن تشارك في الذكرى كل القوى التي شاركت في اليوم الكبير. بعض الأفرقاء الأساسيين تغيبوا، وبعض المؤسسين الأوائل اعترضوا وقاطعوا.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها