يستعد رئيس الحكومة سعد الحريري لزيارة الولايات المتحدة الأميركية في العشرين من الشهر الحالي. هذه الزيارة تأجلت بسبب ازدحام برنامج الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ويراهن الحريري عليها، ليطلق عهد حكومته في العلاقات الدولية، إذ إنه بعد واشنطن، سيزور فرنسا، وروسيا. تأكيد الزيارة والبحث في جدول أعمالها وتفاصيلها، حصلا خلال اللقاء الأخير بين السفيرة الأميركية ايليزابيت ريشارد والحريري. وتشير مصادر متابعة إلى أن السفيرة الأميركية نصحت الحريري بعدم إقتصار زيارته على بحث العقوبات الأميركية التي ستفرض على لبنان، لأن لا شيء سيتغير في القانون الذي سيقره الكونغريس الأميركي. ويأتي هذا الموقف بعد موقف آخر تلقاه الحريري قبل فترة، بأنه إذا ما أراد زيارة واشنطن لأجل بحث العقوبات، فلا داعي لذلك، لأن القانون سيقرّ ولن يتغير.
أصر الحريري على الزيارة، نظراً لأهميتها بالنسبة إليه وإلى حكومته، في ظل التطورات المتسارعة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط. وهو يحمل أكثر من ملف لمناقشتها مع الرئيس الأميركي، ومع أعضاء الإدارة الجديدة. وسيحضر ملف العقوبات، بحسب ما تؤكد المصادر. وتشير إلى أن الحريري سيطرح الأمر من بوابة الفصل بين لبنان وحزب الله، ونشاط الحزب في الخارج، ليس في سوريا فحسب بل في كل الدول التي تتهمه واشنطن فيها بأنه يعمل على زعزعة الأمن والاستقرار، أو يرتكز على تجارة غير مشروعة لتمويل نفسه.
وتؤكد المصادر أن الحريري سيتشدد في مطالبه على وجوب عدم شمول العقوبات أي مؤسسة رسمية لبنانية أو مؤسسة مصرفية، لأن ذلك سينعكس بشكل كبير على الوضع الإقتصادي والمالي اللبناني، ولن يضرّ حزب الله فحسب. وسيتمنى أن تشمل القرارات قادة حزب الله أو الأشخاص المتورطين بهذه الأعمال التي تعتبرها الإدارة الأميركية غير مشروعة، بالإضافة إلى المؤسسات التابعة للحزب. وسيبحث مسألة عدم شمول العقوبات أي شخصيات لها صفة رسمية في الدولة اللبنانية، سواء أكانوا من الحزب أم من حلفائه.
في إشارته إلى جولته على ثلاثة بلدان مؤثرة، يريد الحريري أن يستعيد دوره الإقليمي والدولي، أو أن يستعيد الدور الذي كان يلعبه والده من خلال علاقاته الدولية. لذلك، تؤكد المصادر ان لقاءاته في واشنطن ستتناول أموراً أساسية غير مسألة العقوبات، وهي تعزيز الدعم العسكري والمالي للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الأخرى، لمساندتها في مواجهة الإرهاب، والبحث في الدعم الدولي والأميركي الذي يجب أن يقدّم إلى لبنان لمساعدته في تحمّل أعباء اللجوء السوري. بالإضافة إلى بحث مسألة إعادة اللاجئين السوريين من لبنان إلى مناطق آمنة في سوريا، في ضوء الاتفاقات الدولية، وتثبيت مناطق خفض التصعيد أو التوتر.
لا شك في أن هذه اللقاءات والمواضيع التي ستبحث، تندرج في السياق الطبيعي أو الروتيني، لكن هناك من يعتبر أن ثمة جانباً من الأهمية، تنطوي عليه زيارة الحريري واشنطن، وتحديداً بعد التحولات التي حصلت، وأهمها التقارب الأميركي الخليجي بعد فترة فتور إبان حكم الإدارة السابقة، وبعد ما نتج عن القمة الإسلامية الأميركية، وعودة واشنطن بقوة إلى الشرق الأوسط. بالتالي، فإن الحريري سيحاول استشراف آفاق المرحلة المقبلة، وما هي رؤية واشنطن للحلّ لأزمات المنطقة، لاسيما في سوريا وفلسطين، ومدى إنعكاس ذلك على لبنان في ظل دور حزب الله الأساسي في القضيتين.
لا يزور الحريري واشنطن كرئيس حكومة فحسب، بل كشخص يستعيد علاقته القوية بالمملكة العربية السعودية، بعدما أصبح الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد. وإذا ما صحت التكهنات التي تحدّثت عن أن السعودية تحض اللبنانيين ولاسيما أفرقاء 14 آذار على إعادة التوحد واستجماع القوى وبناء خطاب سياسي سيادي على غرار مرحلة 14 آذار، لمواجهة إيران وحلفائها، ولبنان سيكون جزءاً من هذه المواجهة، فهنا يؤكد بعض المطلعين أن زيارة الحريري واشنطن ستركز على هذه المسألة، والبحث عن ضمانات دولية لأي قرار سياسي يفترض إتخاذه. وهذا ما سيُبنى على الإستراتيجية الأميركية في المنطقة، وتحديداً في سوريا. بمعنى أنه إذا ما تثبّت الحريري من نية واشنطن مواجهة طهران، وحصل على ضمانات، فإن الخطاب السياسي في لبنان سيتصاعد، أما في حال لم يستشف أي رؤية واضحة، فإن سياسة المهادنة ستستمرّ.
الحريري إلى واشنطن: مواجهة حزب الله أو استمرار الهدنة؟
منير الربيعالأحد 2017/07/09

يزور الحريري واشنطن كشخص يستعيد علاقته القوية بالسعودية (المدن)
حجم الخط
مشاركة عبر
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها