لم يكن إعلان الرئيس سعد الحريري أن أبرز أولويات الحكومة في جلستها الأولى هو إقرار مراسيم التنقيب عن النفط، عبثاً. أراد التأكيد أن الحكومة ستبدأ بزخم له علاقة بما يهم الناس، ويحسّن ظروفهم المعيشية على حدّ اعتباره. وفيما كان قد تعهد بزيادة سرعة الإنترنت فإن ما يرتبط بذلك قد ينجز خلال الجلسة المقبلة، عبر إقرار بعض التعيينات وقرارات أخرى في ملف الاتصالات. وكما لدى الحريري أولويات يريد إنجازها في هذه الحكومة، فلرئيس الجمهورية ميشال عون أولويات أيضاً يسعى إلى تحقيقها، ومنها بعض القوانين الضريبية والتعيينات الأمنية والعسكرية التي ستدرج تباعاً في جدول أعمال الجلسات. لهذا، يصر عون على أن تكون جلسات الحكومة برئاسته في قصر بعبدا، نظراً لحساسية المواضيع التي ستتناولها.
سيكون ملف النفط في رأس أولويات العهد. وإنجاز بعض تفاصيله وإقرار المراسيم التطبيقية للتنقيب عنه، من إهتمامات الحكومة الجديدة، ولاسيما أن الفترة التي سبقت التسوية الرئاسية، شهدت بعض التوافق السياسي على آلية التنقيب وكيفية التقسيمات، سواء بين الحريري وعون، عبر الوزير جبران باسيل ونادر الحريري، أم عبر الإتفاق الذي جرى بين الرئيس نبيه بري وباسيل.
وبحسب ما تضمّنه جدول أعمال الجلسة الأولى للحكومة بعد نيل الثقة، الذي تسلّمه الوزراء قبل أيام، فإن الحكومة ستناقش وتقر مرسومين، لهما علاقة بملف التنقيب عن النفط في المنطقة الإقتصادية اللبنانية الخالصة، على أن يشمل ذلك، توزيع المياه المشمولة بعمليات التنقيب عن النفط إلى "بلوكات"، على أن يتناول المرسوم الثاني تنظيم عملية إطلاق المناقصات الدولية أمام الشركات المختصة بعمليات التنقيب.
ووفق مصادر متابعة لـ"المدن" فإن إدراج هذين البندين في جدول أعمال مجلس الوزراء، يعود إلى توافق بين رئيسي الجمهورية والحكومة، عبر اتصالات مستمرة بينهما، لضرورة إعطاء طابع إيجابي لإنطلاقة الحكومة. وترى المصادر أن ثمة إيماناً بأن التأخير في هذا الملف بات مضراً، على أن ينطلق بشكل فعلي ومحسوس العمل للتعويض عن الانكماش الذي طبع لبنان في حقبة الفراغ الرئاسي بغية إشعار الرأي العام المحلي والخارجي بأن ورشة العهد والحكومة الجديدين قد انطلقت.
ولكن، وفق مصادر معنية، فإن الإتفاق السياسي حتى الآن، هو على وجوب التوافق والعمل، ولكن من دون الدخول في أي تفاصيل. ويلخّص أحد المعنيين بالملف الأمر بأن السياسيين اتفقوا على أن يتفقوا، من دون أن يتوافقوا على تفاصيل الملف وكيفية التوزيع. وتلفت المصادر إلى أن ما جرى التوافق عليه في السابق، هو تقسيم البلوكات النفطية العشرة، على أساس مناطقي ومذهبي وسياسي، من دون الإتفاق على المرحلة التي ستلي آليات ومواقيت التوقيت. وبأن لا إتفاق حتى الآن على آلية توزيع العائدات، ولا على انشاء الصندوق السيادي، الذي سيكون المعني الأساسي في اختزان العائدات وتوزيعها. وتعتبر المصادر أن هذا قد يشكل مواد خلافية بين الأفرقاء.
فقد كان واضحاً الاهتمام الدولي بـ"لبنان النفطي" منذ ما قبل التسوية الرئاسية، واستمرّ بعدها، من خلال زيارات وفود إقتصادية وسياسية دولية للقاء المسؤولين، التي كان آخرها زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت، الذي لم يغب هذا الموضوع عن لقاءاته. وكان قد تعهد باستعداد بلاده للمساعدة، وبحسب ما علمت "المدن" فإن شركة توتال الفرنسية ستكون إحدى أبرز الشركات العاملة في مجال التنقيب والاستخراج.
صحيح أن كل طرف يريد بدء عمليات التنقيب في المنطقة "المحسوبة عليه". وهذا كان أساس الخلاف سابقاً بين بري وباسيل، إذ إن وزير الخارجية كان يريد بدء عمليات التنقيب في البلوكات المقابلة لشاطئ البترون، فيما بري يصرّ على البدء بالعمليات وترسيم الحدود البحرية في الجنوب، وفي المنطقة المتنازع عليها، خشية أن تسحب إسرائيل النفط والغاز من تلك المنطقة. وتفيد المعطيات أن ثمة توجهاً لبنانياً، لأن تكون الجهة الدولية المتولية مسألة التنقيب والتحديد في تلك المنطقة، هي إحدى الشركات الروسية، لاستطاعتها التنسيق مع إسرائيل في هذا الموضوع.
الحكومة ومراسيم النفط: اتفاق على الاتفاق
منير الربيعالثلاثاء 2017/01/03

يحاول الحريري من خلال ملف النفط اعطاء زخم للحكومة (دالاتي ونهرا)
حجم الخط
مشاركة عبر
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها