السبت 2016/05/14

آخر تحديث: 10:52 (بيروت)

إمبراطورية المرّ البلدية.. أكبر من أن تبتلع

السبت 2016/05/14
إمبراطورية المرّ البلدية.. أكبر من أن تبتلع
المعركة تنحصر في ساحل المتن!
increase حجم الخط decrease

لم ترهق السياسة ميشال المرّ إبن الـ84 سنة. بعد مسيرة إستمرت خمسين عاماً شارك خلالها في 7 ندوات برلمانية و8 حكومات لا تزال حماسته للشأن البلدي هي نفسها. "أبو الياس" المهندس المدني الذّي ساهم في هندسة اجتماع إهدن في العام 1985 والإتفاق الثلاثي وإتفاق الطائف، أتقن هندسة تحالفاته منذ انتهاء الحرب الأهلية وعبر الحقبات كلها، بما يتناسب مع تثبيت إمبراطوريته البلدية في المتن.

"الطاشناق" هو الحليف الثابت للمرّ. خلال الحقبة الماضية تحالف مع "الحزب السوري القومي الاجتماعي" ضد ما كان يُعرف بالمعارضة المسيحية في الانتخابات البلدية في العام 2004، قبل أن يتفق مع "التيار الوطني الحر" من جهة، ومع "الكتائب" في مناطق أخرى في العام 2010. وفي العام 2016 الذّي شهد تحالفاً بين خصوم الأمس: "الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، لم يترك للمرّ سوى خيار التحالف مع "حزب الكتائب"، من دون أن يُعمم ذلك على البلدات كلها.

لا يرتكز المرّ في معاركه على تحالفاته فحسب، بل إتبع نهجاً خدماتياً من خلال الوزارات التي تبوأها لغاية العام 2005 وبعده إبنه الياس. لا تفوت "دولة الرئيس" أياً من الواجبات الاجتماعية، ولا يتغيّب عن عزاء أو عرس أو عمادة، وبات عرّاباً لأكثر من 1600 ولد متني، وإشبين لما يفوق 800 عريس في المتن.

عُرف ساكن "العمارة" بشراسته في خوض المعارك الانتخابية، إذ قفز بالتحالف مع "القومي" ليواجه والده الروحي غبريال المرّ، ابن عمّ والده، في الانتخابات النيابية عام 1960، ورّشح ابنته ميرنا في مواجهة أخيه غبريال في الانتخابات الفرعية أثر وفاة النائب آلبير مخيبر 2002.

ماكينة المرّ الانتخابية هي الأقدم والأقوى في المتن، إلّا أن السنوات الأخيرة شهدت صعود منافس له خدماتياً في المتن، هو عضو "تكتل التغيير والإصلاح" النائب إبراهيم كنعان. منذ العام 2005 أدرك كنعان أن سرّ مواجهة مملكة المرّ في المتن لا يقتصر على التشريع والخدمة العامة بل يتعدّها إلى خدمة الأفراد. ووفق إحصاء أعدته شركة "ستاتيستكس ليبانون" في العام 2012، تبين رداً على السؤال حول الشخصية المتنية التي يتوجه المتنييون إليها حين يحتاجون إلى خدمة، أنّ 56.20% من المستطلعين ليس لديهم أحد، أو أنهم لا يطلبون شيئاً، فيما يتوجه 9.2% إلى كنعان، 8.7% يقصدون المر و7.6% الجميّل.

اليوم، في مسيرة إحكام قبضته على المتن، ينشغل المرّ في معارك مع "القوات" و"التيار" في جل الديب وسن الفيل وأنطلياس، ومع "التيار" منفرداً في مناطق أخرى كضبية، لكن بال "أبي الياس" مرتاح بعدما ضمن معركة اتحاد البلديات قبل أن تبدأ لـ"الريّسة" ابنته ميرنا كما ينادونها في المتن.

حتى اليوم، فازت 17 بلدية محسوبة على المرّ بالتزكية أو شبه التزكية لغياب لوائح مكتملة تنافسها وهي: الجديدة، برج حمود، منصورية، الدكوانة، بتغرين، الرابية، ديك المحدي، زرعون، الغابة، مار شعياــ المزكة، برمانا، بياقوت، الزلقا، قرنة شهوان. بلدياتٌ هي كافية لإعادة انتخاب ميرنا المرّ للمرة الرابعة على التوالي رئيسة لاتحاد بلديات المتن الذّي يضم 33 بلدية، علماً أن الإتحاد هو  أشبه بإدارة تنظيم مدني تمسك برقاب البلديات، ولا سيما في الشق المالي والمناقصات ووضع دفاتر الشروط.

من المؤكد أن التحالف "العوني"– "القواتي" لن يهدم مملكة المر البلدية، فمعركة اتحاد البلديات حُسِمت، ألا أن خسارته أمام التحالف في بلديات لطالما اعتبرها معاقله في الساحل، ستزعزع مملكته دون أن تهدمها، فما بناه خلال 18 سنة بلدياً لا يمكن لتحالف حديث الولادة إزالته في انتخابات بلدية واحدة.

وإن كان بقاء المملكة محسوماً، إلا أن المعركة قد تترك تأثيراً على علاقته بحليف الأمس "التيار الوطني الحر". وفي الستينات عمل المر في شق الطرق في الصحراء الإفريقية، فهل سيسهُل عليه شقّ طريقه إلى الرابية بعد هذه الانتخابات، وهو الذّي نجح بهندسة جسور التحالفات وفق ما تشتهي رياح سفينته. وما زالت حاضرة في البال حادثة شهيرة حصلت منذ سنوات عندما علم "أبو الياس" بمرض عون، رغم الجفاء بينهما في ذلك الوقت، فترك له باقة من الورد عند حاجز منزله، فما كان من عون عندما علم بالأمر سوى الهرولة إليه رغم مرضه داعياً إياه إلى الدخول.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها